انتعاش محطات أهلية لتنقية المياه في العراق

24 أكتوبر 2015
تلوث المياه يثير مخاوف العراقيين (أرشيف/Getty)
+ الخط -


تشهد العاصمة بغداد وضواحيها وباقي المحافظات العراقية، انتشاراً كثيفاً لمحطات تنقية مياه الشرب المنزلية ومعامل تعبئة زجاجات المياه المعقمة، بسبب رداءة المياه القادمة من محطات التنقية الحكومية لتهالكها وخطورتها على المواطنين.

ووجد عشرات الشباب العاطلين فرص عمل لهم في تنقية المياه في خضم انتشار الأوبئة خلال الفترة الأخيرة، حيث بات المواطنون يقبلون بكثرة على شراء قناني المياه المعقمة من المعامل.

فلاح عادل، صاحب معمل لتنقية المياه يقول "بدأ العمل بإنشاء معامل تعبئة وتعقيم مياه الشرب في العراق قبل سنوات قليلة بسبب تلوث المياه التي تضخها الحكومة للمواطنين، وانتشار العديد من الأمراض قبل انتشار الكوليرا مؤخراً، لكن إقبال الناس على شراء المياه المعقمة زاد بشكل كثيف خلال الأسابيع الأخيرة، بعد انتشار وباء الكوليرا، وأصبحنا نبيع قناني المياه بكميات كبيرة جداً لوكلائنا المعتمدين".

ويضيف عادل لـ "العربي الجديد" أن انتشار معامل تنقية المياه وتعبئتها والإقبال عليها، أدى ذلك إلى زيادة فرص العمل للشباب العاطلين، ورفع إنتاجية معاملنا إلى عدة أضعاف عما كانت عليه سابقاً.

ويوضح "في معاملنا نمرر المياه بعدة مراحل للتنقية تشمل التعقيم بالكلور ثم بالأشعة فوق البنفسجية، وبطرق أخرى عديدة ولا تتم تعبئتها في القناني البلاستيكية إلا بعد إجراء الفحوصات المختبرية اللازمة، للتأكد من صلاحيتها التامة وخلوها من التلوث".

من جانب آخر، يقبل المواطنون بشكل لافت على شراء محطات تنقية المياه المنزلية، وهي عبارة عن جهاز صغير يتم ربطه بأنابيب المياه القادمة من محطات الضخ الحكومية.

ويقول صابر مولى الذي يعمل في مجال تنقية المياه لـ"العربي الجديد" إنّ "مبيعات المحطات المنزلية لتنقية مياه الشرب ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال الأسبوع الجاري، مع انتشار وباء الكوليرا في العاصمة وضواحيها، ويتراوح سعر جهاز التنقية المنزلي الصغير بين 100 و200 دولار بحسب النوعية".

ويضيف مولى "هذه المحطات تعتبر وسيلة ناجعة للحد من شرب المياه الملوثة؛ وهي كفيلة بتعقيم مياه الشرب منزلياً وتوضع في المنزل، وتستهلك تيارا كهربائيا بسيطا لغرض تدوير المياه عبر ثلاثة فلاتر، تسحب كافة شوائب المياه ثم تمر المياه بأنبوبة المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية لقتل الجراثيم والميكروبات، ومع هذا ننصح المواطنين بغلي المياه بعد تنقيتها لضمان إبعاد أي خطر على صحتهم في ظل انتشار وباء الكوليرا في البلاد".

لكن الأمر لا يتوقف على شراء المياه المعبئة في قناني بلاستيكية أو شراء محطات التنقية المنزلية، بل يقبل المواطنون على شراء وتخزين حبوب الكلور من الصيدليات لتعقيم مياه الشرب، ممن ليست لديهم القدرة على شراء محطات التنقية المنزلية وخاصةً الفقراء.

ويوضح الباحث في الصحة العامة مخلص عبد الصبور أنَّ "هناك ثلاثة طرق أمام المواطنين لإبعاد خطر التلوث أو الإصابة بالأمراض الوبائية، عبر مياه الشرب، أولها شراء المياه المعقمة من معاملها المنتشرة أو شراء محطات التنقية المنزلية الصغيرة أو استعمال حبوب التنقية لتعقيم المياه، ومع هذا لا بد من غليها لأمن أكبر".

وهنا وجد عشرات الشباب العاطلين عن العمل فرصة لهم في خضم التطورات الأخيرة، وانتشار الأوبئة الناجمة عن مياه الشرب الملوثة، فافتتح العديد منهم ورشا صغيرة لتصليح محطات التنقية المنزلية، وتشغيل عدد من العاملين فيها من الشباب.

ويقول حيدر موسى، صاحب ورشة لتصليح محطات المياه المنزلية إن "هذه المحطات الصغيرة تحتاج إلى صيانة دورية، بسبب التلوث الشديد في المياه التي تضخها المحطات الحكومية إلى المنازل، فتصاب بعدد من العطلات نقوم بفكها وتنظيفها وإصلاحها هنا في الورشة، وتبديل ما يلزم تبديله من القطع".

ووجد تجار قطع الغيار لهذه المحطات الصغيرة فرصتهم السانحة لزيادة طرح مخزونهم من الأدوات الاحتياطية في السوق، وبأسعار تنافسية ما ولد حركةً اقتصادية في السوق المحلية نوعاً ما بحسب الخبراء.

واتهم مراقبون بإهمال انتشار وباء الكوليرا، وعدم وضع خطط ناجعة لمعالجة محطات تنقية مياه الشرب، ما قد يسبب كارثة بيئية في البلاد خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

ويعاني العراق من ترد في الخدمات الحكومية وضغوط معيشية، في ظل مصاعب اقتصادية ومالية خانقة، بسبب الاضطرابات الأمنية، دفعت الحكومة إلى إقرار موازنة العام الحالي بقيمة 119 تريليون دينار عراقي (105 مليارات دولار)، بينما يقدّر العجز بنحو 25 تريليون دينار (21 مليار دولار).


 
اقرأ أيضاً: مواقد التدفئة صناعة مصدر رزق للعراقيين

دلالات
المساهمون