بن سلمان: خاشقجي غادر القنصلية... والخلافات مع ترامب "عائلية"

05 أكتوبر 2018
بن سلمان: اشترينا كل شيء من الولايات المتّحدة بالمال(Getty)
+ الخط -
يستمر الإنكار السعودي مع مرور ثلاثة أيام على اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، وهذه المرّة على لسان ولي العهد نفسه، محمد بن سلمان، الذي زعم خروجه من السفارة، قائلًا إن "المملكة ليس لديها ما تخفيه"، وإنه مستعد للسماح لتركيا بتفتيش قنصلية المملكة في إسطنبول بحثًا عن الصحافي السعودي الذي دخل مقر القنصلية لإنجاز أوراق رسمية ولم يخرج منها حتى اليوم.

وخلال مقابلة له مع شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، مساء الجمعة، زعم بن سلمان، الذي غُيّب في فترة ولايته للعهد، العديد من الأمراء والمعارضين السياسيين، أن المملكة "ليس لديها ما تخفيه"، مضيفاً أن "مبنى القنصلية هو مكان سيادي، لكننا سنسمح لهم بالدخول والتفتيش وفعل ما بدا لهم".


ورغم أن مسؤولين أتراك، والمقرّبين من خاشقجي، وفي مقدّمتهم خطيبته التي كانت في انتظاره أمام مقرّ القنصلية طوال الوقت، أكدوا جميعًا أنه لم يخرج منذ دخوله القنصليّة، معبّرين عن مخاوفهم من أن يكون قد تمّ اختطافه بسبب مواقفه المعارضة للنظام الحالي؛ إلا أن بن سلمان قال إنه "غادر المبنى بعد فترة ليست طويلة من دخوله".

ولدى سؤاله عما إذا كان خاشقجي يواجه تهمًا في السعودية، ردّ بن سلمان بالقول إنه "من المهم أولًا اكتشاف مكانه"، زاعمًا أنه "لو كان في المملكة؛ كنت سأعرف ذلك".

وفي السياق ذاته، دافع بن سلمان عن حملات الاعتقال الواسعة التي تعاقبت منذ تعيينه وليًا للعهد، واصفًا إياها بأنها "ثمن صغير مقابل انتزاع سلمي للتطرف" في السعودية، قائلًا إن "كل تغيير له ثمن"، ومستشهدًا في هذا السياق بإنهاء العبودية في الولايات المتّحدة "الذي لم يكن ممكنًا سوى بعد حرب أهليّة".

واستدرك قائلًا: "هنا نحاول التخلص من التطرف والإرهاب من دون حرب أهلية"، زاعماً أن بعض المحتجزين قدّموا معلومات لـ"أجهزة معادية" في المنطقة، مثل قطر وإيران، وأن لدى الحكومة "أدلة تتضمّن مقاطع مصوّرة ومكالمات مسجّلة".

وفي حين كشف أن ثمانية أشخاص لا يزالون محتجزين ضمن "حملة مكافحة الفساد" في المملكة، رفض بن سلمان الاتهامات بأن تكون تلك الاعتقالات قد خلقت "جوًا من الخوف في البلاد"، زاعمًا أنها "تحظى بتأييد جارف بين السعوديين".

رداً على كلام ترامب: منذ أن بدأت العلاقة بيننا اشترينا كل شيء بالمال

من جهةٍ أخرى، ولدى سؤاله عن تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الأخيرة، التي حملت نبرة تهديد للسعوديّة، وأوامر صريحة بـ"دفع المال مقابل الحماية"، قال بن سلمان إنه "يحب العمل مع ترامب"، الذي كان قد صرّح بدوره أيضًا، خلال تجمع انتخابي قبل أيام، بأنه "يحبّ العمل مع السعوديين"، قبل أن يطلق تهديداته خلال الخطاب نفسه.

وعند سؤاله عن وعيد ترامب بأن السعودية لن تستمر أسبوعين من دون الحماية الأميركية، أجاب: "السعودية كانت موجودة منذ 1744، أعتقد قبل الولايات المتحدة بثلاثين عامًا، وأعتقد كذلك أن الرئيس (السابق باراك) أوباما، خلال سنواته الثماني، عمل ضدّ العديد من أجنداتنا؛ ليس في السعودية فحسب، بل أيضًا في الشرق الأوسط. ورغم ذلك كنا قادرين على حماية أنفسنا، والنتيجة النهائية أننا نجحنا، بينما الولايات المتّحدة تحت قيادة أوباما فشلت، في مصر على سبيل المثال".

وأضاف "لذا السعودية بحاجة إلى ما يقارب 2000 عام لمواجهة بعض المخاطر ربّما".

عطفًا على ذلك، سأل أحد الصحافيين الذين أعدّوا المقابلة مع بن سلمان إذا لم يكن يمانع أن يقول ترامب "مثل هذه الأمور الفظّة عن والده" ما دام يفعل ما تريده السعودية، فأجاب: "عليك أن تتقبل أن أي صديق قد يقول أمورًا جيّدة وأمورًا سيئة... حتى في عائلتك ستواجه بعض سوء الفهم، لذا نحن نضع ذلك (تصريحات ترامب) في هذه الخانة".

ورداً على سؤال آخر عن موقف السعوديّة الذي كان على النقيض من ذلك تجاه كندا، رغم أنهما "كانا أصدقاء"، وأن ما صدر عنها كان "أقل فظاظة"، ردّ بن سلمان بالقول إن "الأمر مختلف تمامًا. كندا وجّهت أمرًا للسعودية يخصّ قضية داخلية... بينما ترامب يتحدث عن شعبه".

غير أن صيغة "الأمر" التي يتحدّث عنها بن سلمان كانت حاضرة بالذات في تصريحات ترامب بالأمس عن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، حين تطرّق إلى المكالمة الهاتفيّة التي أجراها معه بخصوص استحقاق الدفع للولايات المتّحدة مقابل الحماية العسكرية، قائلًا إن الملك سلمان ردّ عليه "لم يبلغني أحد بذلك"، ليجيبه: "أنا من يبلغك بذلك".

وحول هذه المسألة تحديدًا، قال بن سلمان "عمليًا نحن لن ندفع شيئًا مقابل أمننا. نحن نعتقد أن جميع الأسلحة التي لدينا من الولايات المتّحدة مدفوعة الأجر. منذ أن بدأت العلاقة بيننا... اشترينا كل شيء بالمال. قبل عامين، كانت لدينا استراتيجية لتحويل معظم صفقات السلاح نحو بلدان أخرى، لكن عندما أصبح ترامب رئيسًا، غيّرنا الاستراتيجية".