توسّع رقعة الاحتلال "الرقمي"

06 ابريل 2016
(Getty)
+ الخط -
تعمد إسرائيل إلى حرمان شركات الاتصالات والتقنيات الفلسطينية من الحصول على عتاد حديث. ويُستدل من دراسة واسعة أعدتها الباحثة الفلسطينية، الدكتورة هلينا سوري، أن إسرائيل تمارس احتلالاً رقمياً على الشعب الفلسطيني، في مسعى واضح منها لتقليص قدرته على مقاومتها، ولتمكينها من مواصلة تكريس الحقائق الاستيطانية على الأرض.

وحسب دراسة سوري، التي ستصدر في كتاب العام القادم، فإن إسرائيل تقوم بالتشويش على استقبال المكالمات عبر شبكات الخليوي الفلسطينية، وتقوم بقطع خطوط الإنترنت، إلى جانب تعمدها رفع الكلفة المادية لاستخدام الفلسطينيين شبكات الاتصال لديهم. وتشدد سوري، التي زارت الأراضي الفلسطينية مرات عدة، على أن التعاطي الإسرائيلي مع الفضاء الرقمي الفلسطيني يعد مركباً رئيساً من مركبات استراتيجيتها الهادفة إلى الحفاظ على الاحتلال.
كما تشير إلى أن إسرائيل تشوّش على استقبال إرسال شبكتي الهاتف النقال الفلسطينيتين "جوال" و"الوطنية"، في محيط الحواجز العسكرية التي يقيمها جيش الاحتلال في أرجاء الضفة الغربية، حيث إن الفلسطينيين الذين يعلقون على هذه الحواجز لساعات طويلة يبقون بدون قدرة على التواصل مع العالم الخارجي. وأشارت سوري إلى أن إسرائيل تمنع شركات الهاتف الخليوي الفلسطينية من تدشين محطات استقبال خاص بها في مناطق "ج" التي تشكل أكثر من 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، مما يعني عدم تمكن الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق من استقبال مكالمات هذه الشركات، والاضطرار إلى استخدام شبكات الاتصال الإسرائيلية.

وأشارت سوري إلى أن إسرائيل تقلص قدرة الفلسطينيين على توظيف الفضاء الرقمي، من خلال رفع أسعار المكالمات عبر الهاتف الخليوي، مشيرة إلى أن سعر المكالمة من أية مدينة في الضفة الغربية للقدس المحتلة يساوي سعر المكالمة الدولية، على اعتبار أن القدس في "دولة" أخرى.



وتؤكد الدراسة أن سعر المكالمة بين بيت لحم والقدس التي تفصلهما بضعة كيلومترات تبلغ أضعاف سعر المكالمة بين إيلات والمطلة التي تفصلهما مئات الكيلومترات. واستنتجت أن شركات الهاتف النقال الإسرائيلية تجرف أرباحا هائلة بسبب اضطرار الفلسطينيين إلى استخدام خدماتها بأسعار عالية. ويزيد تهاوي وضع البنى التحتية لشبكات الاتصال في مناطق السلطة الحاجة إلى الاستعانة بخدمات الشركات الإسرائيلية ودفع مبالغ عالية.

وكشفت سوري النقاب عن أن المستوطنين اليهود في كثير من الأحيان وظفوا تدشين محطات الاستقبال التي تقيمها الشركات الخليوية الإسرائيلية في أرجاء الضفة من أجل فرض حقائق استيطانية على الأرض. وذكرت أن شركة "بلفون" الإسرائيلية دشنت عام 2000 محطة استقبال لإرسالها للشرق من مدينة رام الله، وقامت شركة الكهرباء الإسرائيلية بتوصيل التيار للمحطة، فما كان من المستوطنين إلا أن استغلوا توصيل التيار الكهربائي للمكان ودشنوا بالقرب منه نقطة استيطانية، أطلقوا عليها "مجرون"، وصل عدد العائلات التي قطنتها إلى خمسين عائلة. وأوضحت سوري أن تجذر البنى التحتية لشركات الخليوي الإسرائيلية في الضفة وفر بيئة مساعدة لتعزيز الاستيطان، حيث إن أي مستوطن بإمكانه الاتصال من أية نقطة داخل الضفة الغربية بأي مكان داخل إسرائيل بسعر مكالمة محلية.

المساهمون