جدال حول "السيزيام" التونسيّة

12 نوفمبر 2014
طلاب مدارس في تونس (GETTY)
+ الخط -
انطلق العام الدراسي الجديد في تونس 2014-2015 قبل نحو شهرَين، إلا أن مشكلات عدّة ما زالت عالقة بين وزارة التربية والتكوين والأهالي وحتى المربّين. ومن تلك المشكلات، القرار القاضي بإلزاميّة امتحانات السنة السادسة ابتدائي، الذي أثار جدالاً كبيراً لدى العائلات وبعض المربّين والعاملين في قطاع التعليم.
وامتحانات السنة السادسة ابتدائي التي تُعرف في تونس بامتحانات "السيزيام"، تُجرى على المستوى الوطني ويخوضها تلاميذ المرحلة الابتدائيّة للانتقال إلى المرحلة الأساسيّة. وتكون فيها الامتحانات موحّدة وموضوعة من وزارة التربية والتكوين.
وكان قد تمّ إلغاؤها قبل سنوات، لتأتي فقط اختياريّاً ويخوضها فقط بعض التلاميذ الراغبين في دخول المعاهد النموذجيّة.
لكن وزير التربية، فتحي جراي، أقرّ في 27 أغسطس/آب الماضي بإلزاميّة هذه الامتحانات خلال السنة الدّراسية 2014-2015، الأمر الذي خلق جدالاً بين رافض للقرار ومرحّب به.
وقد رجّح كثيرون أن يترتب عن ذلك نتائج سلبيّة، أبرزها زيادة نسبة المنقطعين مبكراً عن الدراسة. وشدّد المعنيّون على ضرورة اتخاذ القرار بعد دراسة متأنية وتهيئة للظروف وإدخال إصلاحات على المنظومة التربويّة.
يقول رئيس الجمعية التّونسيّة لجودة التعليم، سليم قاسم، لـ"العربي الجديد"، إن الأهمّ من الجدال حول عودة هذه الامتحانات أو إلغائها، هو ضرورة إصلاح المنظومة التربويّة والنظر في المشاكل العميقة مثل معرفة الأسباب الفعليّة للرسوب والانقطاع عن الدراسة بالإضافة إلى مراجعة البرامج التعليميّة من الأساس، تلك البرامج التي تطوّر قدرات التلميذ وتمكّنه من تجاوز هذا الامتحان.
من جهتها، أشارت الكاتبة العامة المساعدة في نقابة متفقدي التعليم الثانوي، سلوى العباسي، إلى أنّ "قرار استعادة امتحانات السنة السادسة ابتدائي أتى متسرعاً، وتمّ بشكل فرديّ ولم يتم الإعداد له تربويّاً". وتضيف أنّ إلزاميّة امتحانات نهاية التعليم الابتدائي "السيزيام"، ستؤدّي إلى مضاعفة عدد تاركي مقاعد الدراسة، وذلك في ظلّ ضعف وتفكّك المنظومة التربويّة وبرامج التعليم في مختلف مستوياته.
نقابة التربية كان لها هي الأخرى، موقف رافض للقرار. وقد عبّرت عن ذلك لافتة إلى أنه قرار ارتجالي من طرف الوزارة. وأوضح الكاتب العام للنقابة العامة لمتفقدي التعليم الثانوي، أحمد الملولي، أنّ "المنظومة التربويّة تحتاج إلى إصلاح جذريّ يتطلب استشارة وطنيّة تضمّ كل المعنيّين في القطاع وخبراء التربية وحتى أولياء أمور التلاميذ".
وكان عدد من أهالي التلاميذ قد وقّعوا في وقت سابق على عريضة يطالبون فيها بإلغاء امتحانات"السيزيام"، كتعبير منهم عن رفض هذا القرار. ويشير محمّد أكرم، وهو والد أحد التلاميذ، إلى أنّ "تحسين المستوى التعليمي لتلميذ المرحلة الابتدائيّة وتهيئته للانتقال إلى المرحلة الأساسيّة، يكون منذ السنة الأولى في المدرسة، وليس في السنة السادسة عبر إخضاعه إلى امتحان وطني".

ويشدّد على أنّ البرامج التعليميّة وطريقة تدريسها وإيصالها إلى التلميذ، تحتاج اليوم إلى مراجعة شاملة وتقييم كامل حتى يُنتج جيل قادر على تجاوز أي امتحان.
وتشاطره الرأي سعيدة الرحموني (من الأهالي)، قائلة إنه وبحسب رأيها "التلميذ اليوم غير قادر على تجاوز امتحان السيزيام نظراً لضعف التكوين الذي يتلقاه طيلة المراحل التي تسبق مرحلة السادس ابتدائي، لا سيّما في ما يتعلق باللغات والمواد العلميّة". وتضيف أنه كان يجدر بالوزارة أن تبحث في كيفيّة تطوير المنظومة والبرامج التعليميّة بدلاً من ذلك.
في المقابل، يرى صالح بن حسين، وهو من أولياء الأمور، أنّ التلاميذ لا بدّ لهم أن يجتازوا هذا الامتحان، حتى يتمكنوا من الانتقال إلى المرحلة الأساسيّة، وفق تقييم ناجح لمستوى التلميذ الذي انتقل إلى مرحلة جديدة من التعليم.
يُذكر أنّ إحصائيات رسميّة كانت قد أفادت أن الانقطاع المبكر عن التعليم في تونس يصل إلى 50 في المائة في المرحلة الابتدائيّة. كذلك تفيد الأرقام أنّ النسبة ترتفع، خصوصاً لدى تلاميذ السنوات الخامسة والسادسة من التعليم الأساسي بمعدّل 50 ألف منقطع من جملة 100 ألف منقطع عن الدراسة سنويّاً في تونس.
المساهمون