جيش الاحتلال يعاني لاستقطاب ضباط وجنود

18 ديسمبر 2014
لا يستمرّ مجنّدون كثر بعد التدريب الالزامي (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي يتغنّى فيه قادة دولة الاحتلال، السياسيون والعسكريون، بالحماس الذي يبديه الشبان الإسرائيليون، للانخراط في الجيش وفي الوحدات القتالية، خصوصاً بعد العدوان الأخير على غزة، كشفت دراسة جديدة أن العكس هو الصحيح.

فقد لفت المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أمس الأربعاء، إلى أن "المعطيات الرسمية للجيش، تُناقض الانطباع العام لدى الجمهور الإسرائيلي. إذ كشفت الدراسة، أنه على الرغم من ازدياد عدد كليات الإعداد العسكرية (التمهيدية)، وعدد خريجيها، فإن مساهمة الخريجين في الجيش الإسرائيلي في تراجع مستمر. وتتوجّه نسبة ضئيلة منهم لدورات التأهيل العسكري للقيادة الميدانية، ولمسارات إعداد الضباط، وللخدمة الدائمة النظامية في الجيش".

ولعل اللافت في المعطيات الجديدة، أن مساهمة خريجي الكليات الدينية التمهيدية، هي أقل بكثير من الترويج الذي تلقاه الكليات وخرّيجيها من أبناء التيار الصهيوني الديني، من قبل الجيش ومن قبل سياسيي هذا التيار (البيت اليهودي)، الذين يمتدحون، على حدّ تعبير هرئيل، في كل مناسبة انخراط طلاب المعاهد الدينية الصهيونية في الخدمة العسكرية، خلافاً لطلاب المعاهد الدينية الحريدية، الذين يرفضون الخدمة في الجيش مبدئياً.
وتُبيّن الدراسة التي أعدتها نعمي أفنيشفنجر، كأطروحة لنيل درجة الدكتوراة في جامعة بئر السبع، أن "هناك تراجعاً ملحوظاً ومحسوساً في استعداد خريجي كلّيات التدريب العسكرية، للتطوع للمناصب القيادية في الجيش".

ووفقاً للبحث المذكور، فإنّ الطلاب الذين يقومون بسنة تطوع مدنية، يبدون استعداداً أكبر للانخراط في الجيش في المناصب القيادية والقتالية، من الاستعداد الذي يبديه خريجو الكليات العسكرية التمهيدية. كما يتضح أن نسبة الذين يذهبون لمسارات إعداد الضباط والقيادة من بين خريجي الكليات العسكرية، أقلّ من باقي الملتحقين بالجيش في الخدمة العسكرية الإلزامية.

وتشير الدراسة المذكورة إلى أن "مساهمة خريجي هذه المعاهد كانت في ارتفاع مستمر لغاية العام 2004 (وهي الفترة التي شهدت ارتفاع أسهم التيار الديني الصهيوني، في الساحة السياسية والاجتماعية الإسرائيلية). بعدها انخفضت النسبة من 49 في المائة من مجمل خريجي هذه المعاهد، الذين انخرطوا في مسارات القيادة العسكرية ومسارات إعداد الضباط، إلى 37 في المائة عام 2006. وتراجعت نسبة من توجهوا لمسارات إعداد الضباط 18 في المائة. كما تراجعت هذه النسبة عام 2008 إلى 36 في المائة لدى من ذهب للمواقع القيادية الصغيرة، و15 في المائة ممن توجهوا لمسارات إعداد الضباط".

ويستدل من نتائج الدراسة، أنه في الوقت الذي كان فيه متوقعاً أن يدفع الالتحاق بكليات الإعداد العسكرية التمهيدية، المزيد من الخريجين نحو اختيار الخدمة العسكرية في مسارات جادة وقيادية وقتالية، جاءت النتائج الفعلية مخيّبة للآمال، لأنه كان من المفترض أن تكون نسبة الملتحقين بالخدمة العسكرية للجيش النظامي في مسارات القيادة أكبر، بسبب تلقّيهم حوافز معنوية، على مدار عام ونصف العام من التدريب".

وتشير الباحثة في هذا السياق، إلى أن "جيش الاحتلال كان قد أقام بين الأعوام 2004 و2008، ثلاث كليات دينية تمهيدية، للتدريب العسكري، من أجل استقطاب الشبان من التيار الديني الصهيوني للجيش، التحق بها 384 مجنّداً، في مقابل سبع كليات عسكرية تمهيدية عادية غير دينية، انضم إليها 295 مجنّداً".

ومع أن الباحثة تعتبر أن الوسطين الديني والعلماني تمكّنا من تجنيد عدد كبير من الشبان لهذه الكليات، إلا أن هذا النجاح لا يُترجَم في واقع الحال لمساهمة حقيقية ومهمة لصالح رفد الجيش بضباط وقادة عسكريين. وتكشف الدراسة، أنه خلافاً للانطباع العام الذي يحرص سياسيو اليمين الصهيوني الديني في إسرائيل، وعلى رأسهم نفتالي بينيت، على رسمه، يعود تراجع نسبة الملتحقين بمسارات القيادة العسكرية وسلك الضباط، من بين أبناء التيار الديني الصهيوني، إلى فترة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بقرار من رئيس الوزراء الراحل آرييل شارون، والغضب الذي استجلبه هذا القرار، والصدام الذي تفجّر بين قوات الجيش وحكومة شارون، ولاحقاً حكومة ايهود أولمرت عند إخلاء بعض البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية مثل "عموناه".

وفجّرت هذه الحالات أيضاً ظواهر تمرّد في صفوف الجنود من المتدينين اليهود، الذين قاموا بتصوير أنفسهم، أكثر من مرة، وهم يحملون لافتات بشعار: "اليهودي لا يطرد اليهودي من بيته"، ولافتات أخرى تحرّض على رفض تطبيق أوامر عسكرية بإخلاء مستوطنين.

كما تبيّن أن هذه الصراعات قلّلت من حماس الجنود المتدينين الصهاينة للخدمة في الجيش الإسرائيلي وتفضيل التوجه، بعد أداء الخدمة الإلزامية، إلى مسارات التعليم لبناء حياتهم العملية. كما يتضح أن النقاش بين العلمانيين والدينيين حول خدمة الإناث في الجيش الإسرائيلي، ومسألة غناء المرأة، وهو ما تحظرّه التعاليم اليهودية والتوراة، كانت عاملاً آخر، ساهم في هذا التوجّه، خصوصاً وأن حاخامات الجيش في كليات التدريب العسكرية الدينية، حرّضوا ضد دمج الإناث في عدد كبير من وحدات الجيش، وفي الوحدات القتالية تحديداً.

وترك هذا الموقف أثره في نفوس الجنود المتدينين، الذين فضّلوا الابتعاد عن هذه الوحدات، وتفادي مواقف تضطرهم مثلاً إلى مغادرة قاعات تجمّع الجنود، في حال تقدمت مجندة لأداء بعض الأغاني أمام الجنود.

المساهمون