سورية: هل يبدأ التحالف الدولي عملاً عسكرياً ضدّ الإيرانيين؟

28 مايو 2020
واشنطن لن تقبل بوجود إيراني دائم شرقيّ سورية(فرانس برس)
+ الخط -

تدلّ معطيات على أنّ "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بصدد الإعداد لعمل عسكري واسع النطاق ضدّ الوجود الإيراني شرقيّ سورية، اعتماداً على فصائل تابعة للمعارضة السورية لا تزال تتلقى دعماً من هذا التحالف. ويوجه الأخير ضربات بين فينة وأخرى إلى مواقع المليشيات الإيرانية التي تضع يدها على جانب من ريف دير الزور الشرقي، في إطار استراتيجية إيرانية هدفها فتح ممر بري يبدأ من طهران وينتهي على سواحل المتوسط عبر العراق وسورية.

وذكرت مصادر مطلعة من الفصائل المدعومة أميركياً لـ"العربي الجديد"، أنّ الأميركيين عقدوا قبيل عيد الفطر اجتماعاً في قاعدة "التنف" التابعة للتحالف الدولي على الحدود السورية العراقية، مع قادة من فصائل المعارضة السورية التي تتمركز في محيط القاعدة أو ما بات يُعرف بـ"منطقة الـ55"، وتتلقى دعماً من التحالف. وأشارت المصادر إلى أنّ الأميركيين قالوا إنّ الاجتماع لـ"التعارف"، مضيفةً: "لكن لمسنا أنّ هناك خططاً لدى التحالف الدولي لفتح محوري قتال اعتماداً على هذه الفصائل، الأول باتجاه فلول تنظيم داعش في البادية السورية، والثاني باتجاه المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات".

ورجحت المصادر أن يبدأ عمل عسكري بري ضدّ المليشيات الإيرانية شرقي سورية بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنه "لم تتضح الصورة بعد على هذا الصعيد، ولكن نعتقد أنّ التحالف الدولي لن يكتفي مستقبلاً بتوجيه ضربات جوية فقط إلى عشرات المليشيات الإيرانية التي تحتل الشرق السوري مباشرةً". وأعربت المصادر عن اعتقادها بأنّ واشنطن "لن تقبل بوجود إيراني دائم شرقيّ سورية"، مضيفة: "نعتقد أنّ التحالف الدولي لن يقف متفرجاً على محاولات الإيرانيين لتحويل ممر بري من إيران إلى سواحل البحر المتوسط عبر العراق وسورية إلى واقع لا يمكن تجاوزه".

وتسيطر مليشيات إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، مباشرةً على المنطقة الممتدة ما بين مدينتي الميادين والبوكمال في ريف دير الزور الشرقي. وأقامت هذه المليشيات هناك قواعد عسكرية، من بينها قاعدة "الإمام علي"، التي تتعرض بين وقت وآخر لهجمات جوية من طيران التحالف الدولي ومن مقاتلات إسرائيلية. بل ذهبت طهران أبعد من ذلك في سياق ترسيخ وجودها شرقيّ سورية، إذ أعادت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي فتح معبر البوكمال الحدودي مع العراق بعد أكثر من 7 سنوات على إغلاقه، في خطوة تؤكد السيطرة الإيرانية الكاملة على جانب مهم من الشرق السوري.


من جهته، أوضح الصحافي مضر حماد الأسعد، عضو مجلس العشائر والقبائل السورية، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الجانب الأميركي بصدد تشكيل "جيش عربي" شرقي سورية بعيداً عن "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مهمته محاربة المليشيات الإيرانية في محافظة دير الزور. وأشار إلى "أنّ الجانب الأميركي عقد أخيراً اجتماعات مع شيوخ عشائر وقبائل عربية، منها العقيدات والبقارة والجبور، للعمل على تشكيل هذا الجيش وتنظيف المنطقة من أي وجود إيراني، أو للنظام".

ولفت الأسعد إلى أنّ من مهمات هذا الجيش "إدارة المنطقة الممتدة من ريف الحسكة الجنوبي إلى ريف دير الزور الشرقي، بعيداً عن الإدارة الذاتية الكردية"، مضيفاً: "هناك قصف شبه يومي من قبل طيران التحالف الدولي لأماكن تمركز المليشيات الإيرانية، إضافة إلى معابر التهريب عبر نهر الفرات ما بين منطقة سيطرة قسد ومنطقة المليشيات الإيرانية".

وكانت أوساط سورية معارضة قد تداولت أنباءً عن سعي أميركي لتشكيل حلف بين فصائل المعارضة المتمركزة في البادية السورية و"قسد" التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، لمحاربة المليشيات الإيرانية شرقي سورية. لكن الكاتب السوري إدريس نعسان، المقرب من الإدارة الذاتية الكردية، لا يرى "أنّ هناك حاجة إلى عملية عسكرية مشتركة بين قسد والتحالف الدولي ضدّ المليشيات الإيرانية في هذا التوقيت"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "هذه المليشيات تتمركز في مناطق تعتبر ضمن نفوذ الروس والنظام السوري". وأضاف: "التحالف الدولي يكتفي بتوجيه ضربات جوية أو قصف لمواقع هذه المليشيات كلما تحركت خارج حدود سيطرتها أو شكّلت تهديداً لقسد أو لقواعد التحالف الدولي المتاخمة في الحقول النفطية في ريف دير الزور".

وتسيطر "قسد" على أغلب منطقة شرقي نهر الفرات، ومن ضمنها ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، المقابل تماماً لمنطقة سيطرة المليشيات الإيرانية في الريف ذاته الذي يقسمه النهر إلى قسمين. ويطلق على القسم الواقع شمال النهر اسم "الجزيرة"، وهو مرتبط جغرافياً بمحافظة الحسكة، فيما يطلق على القسم الواقع جنوب النهر اسم "الشامية"، وهو يمتد في عمق البادية السورية مترامية الأطراف. ومحافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، إذ تصل إلى أكثر من 33 ألف كيلومتر مربّع، وتحدها غرباً محافظة الرقة، وشمالاً محافظة الحسكة، وجنوباً البادية السورية، وشرقاً العراق. وتضمّ دير الزور كبريات حقول وآبار النفط والغاز في سورية، خصوصاً شمال النهر، حيث تضع الولايات المتحدة يدها على أغلب الثروة النفطية في الشرق والشمال الشرقي من سورية.