شلة الأنس في "سيلانترو".. براءة الثورة

25 يناير 2015
علنا نفكر مائة مرة كيف نتخلص من سذاجتنا (Getty)
+ الخط -

المكان "سيلانترو"، أحد المقاهي الشهيرة في منطقة المهندسين والذي اعتدنا الجلوس فيه في سهراتنا العادية، وتحديدا أمام مسجد مصطفى محمود.

الزمان.. العاشرة صباحا من يوم الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 2011.

الشخصيات.. مجموعة من الشباب الذين لا ينتمون إلى أية تيارات سياسية أو حزبية، هبة ومصطفى ولبنى ومريم وعلي وداليا وأنا وبراء وآخرون نعرفهم جيدا، ساقتهم الصدفة للمكان ذاته دون ترتيب مثلنا. كنا أصدقاء جمعتنا حلقة نقاشية عاصفة قبل اليوم الموعود بليلة، لنتحدث عن جدوى المشاركة من عدمه ونتائج هذه المظاهرات التي دعت إليها صفحة "كلنا خالد سعيد"، وغيرها من الحركات الثورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

براءة

أقلام ملونة تتناثر بين المناضد المتراصة، وأوراق تحمل صور خالد سعيد، وشعارات تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ببساطة تناسب فهمنا لعالم السياسة وقتها جلسنا نتبادل الأفكار بشأن الهتافات التي سنرددها والشعارات التي سنرفعها غير عابئين بمئات رجال الشرطة الذين طوقوا الميدان وتلك العيون التي ترقبنا داخل المقهى، وأتذكر وقتها اندهاش أحد نشطاء الشباب عندما دخل المقهى وتساءل عما نفعله غير مصدق ما يحدث أمامه، وقال:"إنتوا مصدقين نفسكم، بتعملوا كده في مكان عام؟ المكان كله بيراقبكم".

أقم الصلاة

مرت الساعات بسرعة ليأتي أذان الظهر واستكمالا لمشهدنا العبثي أقمنا الصلاة. وصلّت الفتيات الظهر جماعة في هذا المقهى العالمي، وقرر الشباب الصلاة في مصطفى محمود!

وجوه غريبة دخلت المقهى، جميعها ترمقنا والعاملون بدأوا يتابعون ما نفعله باهتمام زائد وربما بخيفة وترقب، لحظات ودخل رجل يبدو أنه ضل طريقة أو هكذا ظننا ليطلب"واحد شاي"، هكذا متناسيا أنه في "سيلانترو". نال نصيبه من الاستهزاء ونلنا ما نستحقه على سذاجتنا وقتها..

كبسة

دقائق صاخبة تسارعت فيها دقات قلوبنا في انتظار اللحظة المشهودة وانطلاق الهتافات، ولكن ما حدث كان مختلفا فدخل عدد من رجال الشرطة بزي مدني في ما يعرف بالـ "كبسة". اصطحبوا الأصدقاء لسيارة الشرطة وكنت أتأهب لدفع الحساب بعيدا عن المنضدة التي اجتاحوها فخرجت بهدوء دون أن يلاحظوا، أو هكذا فهمت وقتها، وأسرعت الخطى إلى شارع جانبي ظنا مني أنهم لم يلاحظوني، لأسأل عمن كانوا خارج "الوكر" فبعضنا كان في الحمام والبعض الآخر ذهب ليصلي جماعة في المسجد، وفجأة يظهر سبعة شداد غلاظ ليشيروا إلي "هي دي يا باشا"، ويردّ الباشا بثبات: "هاتوها لي!"

هكذا فضوا تجمعنا دون هتاف واحد وغيبوا أغلبنا في سيارة ترحيلات، دون أن نهتف هتافا واحدا، ليعيدوا إطلاق سراحهم بعد ساعات في آخر شارع الهرم، ظنا منهم أننا خفنا وحصل لنا الرعب.

مرت أربع سنوات على ثورتنا وتعلمنا درسا مهما من يناير لن ننساه، أن البراءة ربما تكون سببا في هلاكك أو نجاتك وما حدث بعد يناير جعلنا نفكر مائة مرة كيف نتخلص من سذاجتنا، ونتوقف عن الرهان على الآخرين ولنراهن على أنفسنا.

تابعونا #ثورات_تتجدد

المساهمون