معبر رفح... كابوس أهل غزّة

07 فبراير 2014
+ الخط -

منذ بترت قدماه، بدأت رحلة معاناة خاصة لأسامة أبو عسكر، وصار همه الأول منذ ذلك الوقت إجراء عمليات جراحية تمهد لتركيب أطراف اصطناعية بدلاً عن تلك التي فقدها خلال عدوان إسرائيلي سابق على قطاع غزة.
وليس مسموحاً لأبو عسكر (40 عاماً) السفر إلى خارج القطاع عبر المعبر الوحيد الذي تسيطر عليه إسرائيل، ووجد ظالته في معبر رفح الذي يفصل غزة عن مصر، لكن أحلامه توقفت كحال كثيرين أصبحوا ممنوعين من السفر عبر رفح إلى مصر، أو حتى المرور منها إلى مناطق أخرى في العالم.

يُعتبر معبر رفح البري بوابة إجبارية لسكان القطاع للوصول إلى مصر أو مناطق أخرى في العالم. وتشكو الحكومة الفلسطينية المقالة من عدم استجابة السلطات المصرية لمطالبها بفتح المعبر بانتظام. ومنذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز الماضي في القاهرة، أعادت السلطات المصرية معبر رفح إلى عهد ما قبل الرئيس المخلوع حسني مبارك، وصار المعبر يُفتح ليومين أو ثلاثة على الأكثر كل أسبوعين.

وكان السفر عبر معبر رفح إلى مصر عقب ثورة 25 يناير قد شهد تحسناً ملحوظاً، وفي عهد الرئيس محمد مرسي، شهد مزيداً من التحسينات، غير أنه لم يكن يلبّي التطلعات الفلسطينية، لكنه كان يعمل بوتيرة أفضل من ذي قبل.

ويقول أبو عسكر لـ"الجديد" إنه يتمنى أن يعاد فتح معبر رفح كما في السابق حتى يتمكن من استكمال رحلة علاجه التي بدأها في ظل عدم وجود مراكز متخصصة في القطاع المحاصر. ويكشف الرجل أنه موضوع على قوائم المنع من قبل السلطات المصرية، من دون ذنب ارتكبه بحق مصر، سوى أنه سافر بعد الثورة المصرية إلى مستشفى في القاهرة، عبر تنسيق طبي خاص أنجزته له حكومة "حماس".

ويضيف أبو عسكر: "الآن انتظر أن تفرج الأمور وأتمكن من السفر، وإلا فإنني سأفقد جهد عامين كاملين من العمل والسفر إلى مصر لتركيب طرفين اصطناعيين.. أتمنى أن أقدر على السفر، وأن تنتهي معاناتي والمعاناة المتزايدة للناس في غزة".

وتقول السلطات المصرية إن الأوضاع المتوترة في سيناء المحاذية لقطاع غزة، تمنع تقديم أي تسهيلات لسكان القطاع للسفر، لكن هذه الحجة لم تعد مقنعة للفلسطينيين في ظل فتح معابر مصر مع إسرائيل على مدار الساعة.

وفي القطاع، يؤكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، والمتحدث باسم الحكومة المقالة، إيهاب الغصين، أن فتح معبر رفح ليومين أو ثلاثة في كل أسبوعين لا يكفي، ولا يساعد في حل الأزمة الإنسانية المترتبة على الإغلاق الطويل للمعبر.

وفي تصريح خاص لـ"الجديد"، قال الغصين إن آلاف العالقين ينتظرون على أحر من الجمر فتح المعبر، لكن، مع آلية العمل الحالية والسماح لأعداد متواضعة بالمرور، تبقى المشكلة ويفقد الكثيرون من العالقين وظائفهم وتذاكر سفرهم ومواعيد دراسة أطفالهم، والكثير من المرضى يفقدون مواعيد مراجعتهم لأطبائهم خارج غزة.

ويشير إلى أن مشكلة "الحواسيب المتعطلة" التي صارت نمطاً يميز عمل المعبر خلال فتحه، تثير السخرية والسخط في آن واحد، وهي تستخدم عندما لا يريد المسؤولون المصريون بمعبر رفح العمل.

وطالب المسؤول الحكومي في غزة، السلطات المصرية، بإبعاد المعبر عن الخلافات السياسية، مؤكداً في الوقت نفسه أن الاتصالات لم تتوقف مع الطرف المصري لإعادة فتح المعبر كالسابق، وتسهيل مرور الفلسطينيين عبره، لكن من دون نتائج واضحة حتى الآن.

غير أن الغصين يلفت إلى أن فتح المعبر أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من هذا الأسبوع، حصل على غير العادة، وسافر المئات من العالقين بعكس المرات السابقة التي كان المعبر يُفتح فيها، إذ كان يعبره العشرات فقط، مقدراً أعداد المحتاجين للسفر في غزة بالآلاف، بينهم 5 آلاف على قوائم الانتظار وآخرين لم يتمكنوا من تسجيل أسمائهم نتيجة إغلاق التسجيل في ظل صعوبة الأوضاع بالمعبر.