لوسيان فرويد.. الهروب إلى العائلة

22 يوليو 2022
من المعرض
+ الخط -

إذا كان سيغموند فرويد قد اضطر إلى مغادرة بلاده مع عائلته إلى لندن خوفاً من النازية، بعد أن صعد اسمه في أووربا والعالم كلّه، فإن المنفى لم يمنح للمحلّل النفسي النمساوي أية إضافة إلى تجربته، خلافاً لحفيده لوسيان فرويد الذي وجد فيه مكانته وحضوره.

الحفيد الذي طُرد من "مدرسة بريانستون" بسبب سلوكه التخريبي، كوفئ من قبل والدته وعائلته على ذلك ليواصل عبثه في كلّ الاتجاهات، وتحرّره من التجريدية التي هيمنت على الفن العالمي عقب الحرب العالمية الثانية، ليذهب إلى التشخيص ورسم الموديلات العارية في مرحلة لاحقة.

"لوسيان فرويد: الرسّام وعائلته" عنوان المعرض الذي افتُتح في "متحف فرويد" بلندن في السادس من الشهر الجاري ويتواصل حتى التاسع والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2023. وبدلاً من التركيز على الجسد الذي شكّل ثيمة أساسية في نظريات الجدّ من جهة، وفي الدراسات الفنّية التي اشتغل عليها الحفيد، فإن المنظّمين اختاروا العائلة التي ظلّ يتمرّد عليها لوسيان لتكون موضوع المعرض.

جزء من رسالة أرسلها لوسيان لوالده بداية الثلاثينيات، من المعرض
جزء من رسالة أرسلها لوسيان لوالده بداية الثلاثينيات، من المعرض

يقام المعرض بمناسبة مرور مئة عام على مولد الفنّان البريطاني (1922 – 2011)، ويتضمنّ بعض رسوماته إلى جانب صور عائلية وكتب ورسائل تبادلها مع عدد من أقاربه، تمّت استعارتها من عدد من صالات العرض وأرشيف المتحف والعائلة.

يُعرض عدد من البورتريهات التي رسمها لوسيان لأفراد أسرته، ومنهم بيلا فرويد وابنه كاي، وكذلك أمّه التي رسمها وهي تُرضعه طفلاً، دون أن يظهر أيّ نوع من العداء أو التعاطف معها، في محاولة لتصويرها على نحو واقعي تماماً بل ربما أقرب إلى إبراز التفاصيل القبيحة.

أراد لوسيان في معظم لوحاته تجاوز المعايير الجمالية السائد في شكل من أشكال الاحتفال بالقبح، عبر الاعتناء بترهّل الجسد وعدم التناسق في بعض أجزائه، في محاكاة لتصوّره للتحوّلات العميقة التي أصابت الإنسانية بعد حرب كونية، ونزعت عنها طمأنينتها مع تلازم الخوف والفزع في تلك الشخصيات.

ومرّة أُخرى، بدا الفنان صادماً في رسم سِمات التوحّش التي يتّسم بها الإنسان المعاصر، وذهب إلى ما هو أبعد، برسم أجساد وكأنها خارجة من مستشفى للأمراض العقلية أو السجن. فإذا كان سيغموند فرويد، بطروحاته الصادمة، قد أخرج الجسد من عزلته وغموضه اللذين سيطرا عليه في العصر الفيكتوري، فإن الحفيد أعاد الجسد إلى عزلةٍ من نمط جديد، حيث الإنسان مكشوف ومفضوح ومنفصل عن واقعه في الوفت نفسه.

المساهمون