تواجه قناة "آر تي" (روسيا اليوم سابقاً) المدعومة من الكرملين سبعة تحقيقات جديدة في برامجها، بعد أن لفتت هيئة البث البريطانية "أوفكوم" إلى تزايد المواد الإشكالية التي تبثها القناة منذ بدء قضية العميل الروسي السابق، سيرغي سكريبال، الشهر الماضي.
وأكدت "أوفكوم" أنها تراقب عمل القناة الروسية بعد وجود تقارير عن زيادة كبيرة في البرامج الإشكالية التي تغطي قضية سكريبال، وأنها تحقق في عدد من الحالات التي خرقت فيها المحطة مبدأ الحيادية من قوانين البث المعمول بها في بريطانيا، نافية أن تكون جميع هذه الحالات مرتبطة بقضية سكريبال.
وقد تؤدي إدانة المحطة الروسية في هذه الاتهامات إلى سحب الرخصة التي تعمل بموجبها في المملكة المتحدة، وبالتالي منعها من العمل أو البث في بريطانيا.
وردت موسكو بالتهديد بطرد "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) من الأراضي الروسية، إذ قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا قد تمنع جميع وسائل الإعلام البريطانية من العمل فيها، إن تم سحب ترخيص قناة "آر تي".
وتختلف "بي بي سي" عن قناة "آر تي" بأن الأخيرة ممولة من الحكومة الروسية، وتلتزم في خطها التحريري بالضوابط التي ترسمها لها السلطات الروسية، بينما تعد "بي بي سي" جسماً منفصلاً وخطها التحريري مستقل.
وكانت "أوفكوم" قد سحبت الرخصة الممنوحة لقناة "برس تي في" الإيرانية، بعد أن خلص تحقيقها إلى أن الخط التحريري للقناة يتم التحكم به من قبل السلطات الإيرانية وليس من مقرها البريطاني، وهو ما يهدد الخط الحيادي الذي يجب عليها الالتزام به.
وتعززت المخاوف في بريطانيا من طبيعة عمل قناة "آر تي"، بعد الأزمتين الأخيرتين بين الدول الغربية وروسيا: قضية سكريبال والهجوم الكيميائي في سورية، إذ تتهم القناة بالعمل على نشر بروباغندا الكرملين في برامجها.
ووصفها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني، توم توغندات، بـ"محطة بروباغندا" ويجب إغلاقها. أما وزير المالية في حكومة الظل العمالية، جون ماكدونيل، فأعلن عن توقفه عن الظهور على شاشتها، رغم انتقاد رئيس "حزب العمال"، جيريمي كوربن، لقراره ذلك.
وكان عدد متابعي "آر تي" قد تجاوز نصف مليون شخص في بريطانيا أغلبهم من اليمين واليسار المتطرفين، الباحثين عن رواية "مختلفة" للأحداث التي تبثها المحطات التقليدية.
وتشمل البرامج التي تحقق فيها هيئة البث البريطانية تقارير إخبارية وبرنامج "سبوتنيك" الذي يستضيفه جورج غالاوي المثير للجدل، والمؤيد للدور الروسي في سورية والداعم لنظام بشار الأسد. واستضاف غالاوي في إحدى حلقات البرنامج، في الشهر الماضي، محللاً سياسياً وصحافياً "مستقلين"، وكلاهما شككا في الرواية البريطانية عن اعتداء سالزبيري. ويعد ذلك خرقاً لمبدأ الحياد الذي تفرضه "أوفكوم"، إذ يجب ألا تفضل تغطية القناة أحد الأطراف على الآخر في برامجها. كما تمنع قوانين الهيئة أن يستضيف السياسيون البريطانيون البرامج الإذاعية والتلفزيونية، عدا عن حالات استثنائية.
كما يخضع برنامج آخر على القناة وهو "كروس توك" للتحقيق من قبل "أوفكوم"، إذ وصف البرنامج الضربة الغربية ضد النظام السوري بأنه "خرق واضح للقانون الدولي" مستشهداً بالنظرية الروسية التي تزعم عدم وجود دليل على استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي في دوما، وهو ما قد يعتبر نشراً للأخبار الكاذبة.
وتعنى "هيئة البث البريطانية" بتنظيم السلوكيات والمحتوى الذي تنتجه المؤسسات الإعلامية العاملة في المملكة المتحدة ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي. ويسمح الترخيص الذي تصدره "أوفكوم" لحامليه بالبث في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.