أحياناً، لا يحتاج المرء إلا أشياء بسيطة للشعور بالسعادة، لا سيّما إذا كان محروماً من الكثير. هذه هي حال أهالي قطاع غزة
مع استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، تزداد الحياة الاجتماعية وكذلك الأوضاع النفسية والاقتصادية مأساويّةً. وتتحوّل الاحتياجات الأساسية لفلسطينيي القطاع إلى طموحات، ويصير أمراً عادياً أن يحلم الغزي بيوم كامل من دون انقطاع في التيار الكهربائي أو بالحصول يومياً على مياه البلديات. وتكثر "الأشياء البسيطة" التي تفرح أهل القطاع.
أزمة التيار الكهربائي على سبيل المثال، تتفاقم منذ عام 2006 لتمثّل واحدة من أبرز أزمات القطاع. منذ اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط (25 يونيو/ حزيران 2006) وضرب الطائرات الإسرائيلية محطة الكهرباء الوحيدة، اعتاد الغزيون انقطاع التيار لساعات طويلة يومياً. وليس مستغرباً أن يسمع المارون في شوارع غزة صرخات فرح من الأطفال والشبان عندما تضاء منطقتهم من جديد. لكنّ فرحتهم بالكهرباء محدودة جداً منذ بداية العام الجاري، إذ إنّ الكهرباء لا تزور منازلهم سوى لأربع ساعات يتبعها انقطاع لمدّة 16 ساعة، وهكذا دواليك.
اقــرأ أيضاً
سارة النوري (34 عاماً) أمّ لأربعة أطفال، تخبر كيف "يفرح أولادي عند حضور الكهرباء، فهم يتابعون مسلسلات رسوم متحركة"، مضيفة أنّها تشعر "بالحسرة في الوقت نفسه إذ إنّ كثيرين هم أطفال العالم الذين يتوفّر لديهم التيار الكهربائي على مدار الساعة وتعمل أسرهم على تلبية رغباتهم. أمّا أولادي فيظنون أنّ أطفال العالم يعيشون مثلهم ويترقبون حضور الكهرباء". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "في أحد الأيام، اتصل بي أخي الذي يعيش في ألمانيا منذ زمن وسمع صراخ الأطفال. وعندما أخبرته عن سبب بهجتهم، تعجّب وراح ضحك. لكنّ هذا هو واقعنا، ومن الطبيعي أن نفرح قليلاً عند حصولنا على احتياجات بسيطة أساسية غير متاحة لنا في حين أنّ شعوب العالم تكاد لا تذكرها لأنّها مؤمنة لها".
حاولت "العربي الجديد" سؤال عدد من الغزيين الذي التقتهم عن "أشياء" تجعلهم سعداء في القطاع المحاصر. فيجيب محمد دولة (25 عاماً) أنّه "ونظراً إلى أنّني عاطل من العمل على الرغم من أنّني أحمل شهادة تعليمية، سوف أشعر بالسعادة إذا حصلت على عقد بطالة مؤقّت يتراوح ما بين ثلاثة أشهر وستّة. كذلك، فإنّني سوف أفرح إذا زُوّدنا بالكهرباء على مدار الساعة". أمّا محمد حجازي (36 عاماً) فيقول إنّ "زجاجة مشروب غازي باردة، في هذا الجوّ الحار تشعرني بالسعادة. قليلة هي المتاجر والمحلات التي تبيع المشروبات الباردة نظراً إلى الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي. كذلك، سوف أكون سعيداً إذا تقاضيت راتباً كاملاً في مقابل وظيفتي لدى السلطة الفلسطينية في رام الله".
في السياق نفسه، يقول مؤمن مهنا (40 عاماً) إنّه يشعر بالسعادة "عندما تتوفّر الكهرباء فتعدّ زوجتي الطعام لي في جهاز الطهو الكهربائي، لأنّني أجد صعوبة في الحصول على قارورة غاز". أمّا مصطفى جبريل (45 عاماً) فيشير على أنّه "شأني شأن سكان قطاع غزة، أشعر بأنّني سجين، وأفرح قليلاً عندما يسمحون لي بالخروج في إجازة لساعات محددة أو تخفيف القيود عنّي في زنزانتي. نحن نتمسك بقليل من الأمل من خلال سعادة مؤقتة. فالقيادة الفلسطينية تقف عاجزة أمام الاحتلال الإسرائيلي ولا تستطيع تحصيل حقّ من حقوقنا". ويشير إلى أنّه يشعر بفرح "عندما أؤمّن بعض احتياجات منزلي، مثل قوارير الغاز لأنّها المصدر الوحيد لإعداد الطعام نظراً إلى أنّ الكهرباء دائمة الانقطاع، ولا نستطيع تشغيل أجهزة كهربائية لتسخين الأطعمة وطهوها".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، ثمّة ظروف ومسببات أخرى للسعادة. الفقراء قد يفرحون لمجرّد أن تنتظم مواعيد صرف شيكات وزارة التنمية الاجتماعية من ضمن برامجها الإغاثية. فهذه المبالغ تسدّ حاجتهم للطعام مثلاً وتسمح لهم بتسديد إيجار المنزل أو فاتورة الدواء والعلاج. يُذكر أنّ وسائل الإعلام المحلي الفلسطيني تهتمّ بنشر أخبار عن مواعيد صرف تلك الشيكات وتصنّفها من الأنباء المهمة للغزيين. وهذا ما تؤكده منال مرزوق (40 عاماً) وهي أرملة منذ 10 سنوات تنتظر المبلغ الذي تؤمنه الشؤون الاجتماعية لتسديد فواتير المحلات التجارية التي تحصل منها على مؤونتها الغذائية وعلى حاجيات أطفالها الثلاثة. وتقول مرزوق: "نترقب استلام شيكات الشؤون الاجتماعية كلّ ثلاثة شهور، ولا نتحمّل تأخيرها يوماً واحداً. وكثيرون هم في مثل حالي، فنقف في طوابير على أبواب المصارف ونتحدث عن همومنا وكيف يساهم المبلغ في إنقاذنا. ذلك المبلغ هو مصدر سعادة لنا".
مع استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، تزداد الحياة الاجتماعية وكذلك الأوضاع النفسية والاقتصادية مأساويّةً. وتتحوّل الاحتياجات الأساسية لفلسطينيي القطاع إلى طموحات، ويصير أمراً عادياً أن يحلم الغزي بيوم كامل من دون انقطاع في التيار الكهربائي أو بالحصول يومياً على مياه البلديات. وتكثر "الأشياء البسيطة" التي تفرح أهل القطاع.
أزمة التيار الكهربائي على سبيل المثال، تتفاقم منذ عام 2006 لتمثّل واحدة من أبرز أزمات القطاع. منذ اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط (25 يونيو/ حزيران 2006) وضرب الطائرات الإسرائيلية محطة الكهرباء الوحيدة، اعتاد الغزيون انقطاع التيار لساعات طويلة يومياً. وليس مستغرباً أن يسمع المارون في شوارع غزة صرخات فرح من الأطفال والشبان عندما تضاء منطقتهم من جديد. لكنّ فرحتهم بالكهرباء محدودة جداً منذ بداية العام الجاري، إذ إنّ الكهرباء لا تزور منازلهم سوى لأربع ساعات يتبعها انقطاع لمدّة 16 ساعة، وهكذا دواليك.
سارة النوري (34 عاماً) أمّ لأربعة أطفال، تخبر كيف "يفرح أولادي عند حضور الكهرباء، فهم يتابعون مسلسلات رسوم متحركة"، مضيفة أنّها تشعر "بالحسرة في الوقت نفسه إذ إنّ كثيرين هم أطفال العالم الذين يتوفّر لديهم التيار الكهربائي على مدار الساعة وتعمل أسرهم على تلبية رغباتهم. أمّا أولادي فيظنون أنّ أطفال العالم يعيشون مثلهم ويترقبون حضور الكهرباء". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "في أحد الأيام، اتصل بي أخي الذي يعيش في ألمانيا منذ زمن وسمع صراخ الأطفال. وعندما أخبرته عن سبب بهجتهم، تعجّب وراح ضحك. لكنّ هذا هو واقعنا، ومن الطبيعي أن نفرح قليلاً عند حصولنا على احتياجات بسيطة أساسية غير متاحة لنا في حين أنّ شعوب العالم تكاد لا تذكرها لأنّها مؤمنة لها".
حاولت "العربي الجديد" سؤال عدد من الغزيين الذي التقتهم عن "أشياء" تجعلهم سعداء في القطاع المحاصر. فيجيب محمد دولة (25 عاماً) أنّه "ونظراً إلى أنّني عاطل من العمل على الرغم من أنّني أحمل شهادة تعليمية، سوف أشعر بالسعادة إذا حصلت على عقد بطالة مؤقّت يتراوح ما بين ثلاثة أشهر وستّة. كذلك، فإنّني سوف أفرح إذا زُوّدنا بالكهرباء على مدار الساعة". أمّا محمد حجازي (36 عاماً) فيقول إنّ "زجاجة مشروب غازي باردة، في هذا الجوّ الحار تشعرني بالسعادة. قليلة هي المتاجر والمحلات التي تبيع المشروبات الباردة نظراً إلى الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي. كذلك، سوف أكون سعيداً إذا تقاضيت راتباً كاملاً في مقابل وظيفتي لدى السلطة الفلسطينية في رام الله".
في السياق نفسه، يقول مؤمن مهنا (40 عاماً) إنّه يشعر بالسعادة "عندما تتوفّر الكهرباء فتعدّ زوجتي الطعام لي في جهاز الطهو الكهربائي، لأنّني أجد صعوبة في الحصول على قارورة غاز". أمّا مصطفى جبريل (45 عاماً) فيشير على أنّه "شأني شأن سكان قطاع غزة، أشعر بأنّني سجين، وأفرح قليلاً عندما يسمحون لي بالخروج في إجازة لساعات محددة أو تخفيف القيود عنّي في زنزانتي. نحن نتمسك بقليل من الأمل من خلال سعادة مؤقتة. فالقيادة الفلسطينية تقف عاجزة أمام الاحتلال الإسرائيلي ولا تستطيع تحصيل حقّ من حقوقنا". ويشير إلى أنّه يشعر بفرح "عندما أؤمّن بعض احتياجات منزلي، مثل قوارير الغاز لأنّها المصدر الوحيد لإعداد الطعام نظراً إلى أنّ الكهرباء دائمة الانقطاع، ولا نستطيع تشغيل أجهزة كهربائية لتسخين الأطعمة وطهوها".
إلى ذلك، ثمّة ظروف ومسببات أخرى للسعادة. الفقراء قد يفرحون لمجرّد أن تنتظم مواعيد صرف شيكات وزارة التنمية الاجتماعية من ضمن برامجها الإغاثية. فهذه المبالغ تسدّ حاجتهم للطعام مثلاً وتسمح لهم بتسديد إيجار المنزل أو فاتورة الدواء والعلاج. يُذكر أنّ وسائل الإعلام المحلي الفلسطيني تهتمّ بنشر أخبار عن مواعيد صرف تلك الشيكات وتصنّفها من الأنباء المهمة للغزيين. وهذا ما تؤكده منال مرزوق (40 عاماً) وهي أرملة منذ 10 سنوات تنتظر المبلغ الذي تؤمنه الشؤون الاجتماعية لتسديد فواتير المحلات التجارية التي تحصل منها على مؤونتها الغذائية وعلى حاجيات أطفالها الثلاثة. وتقول مرزوق: "نترقب استلام شيكات الشؤون الاجتماعية كلّ ثلاثة شهور، ولا نتحمّل تأخيرها يوماً واحداً. وكثيرون هم في مثل حالي، فنقف في طوابير على أبواب المصارف ونتحدث عن همومنا وكيف يساهم المبلغ في إنقاذنا. ذلك المبلغ هو مصدر سعادة لنا".