درجت منظمة "أنا يقظ " التونسية على تنظيم حفل سنوي منذ سنة 2012، لتكريم مواطنين قاموا بالتبليغ عن حالات فساد مالي وإداري. وقامت بتكريم سبعة مبلغين عن حالات فساد لسنة 2015.
وتسعى منظمة "أنا يقظ" إلى توجيه رسالة للحكومة ومجلس نواب الشعب، ومطالبتهم بضرورة خلق نظام قانوني لحماية المبلغين عن الفساد المالي والإداري، تماشياً مع بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادقت عليها تونس سنة 2008.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد" قال يوسف بن بلقاسم مدير المشاريع بالمنظمة إن "الهدف من تنظيم الحفل هو إظهار قيمة العمل النبيل الذي يقوم به المبلغون، وتسليط الضوء على ضرورة سن قانون لحماية المبلغين في تونس". ولفت إلى مشروع القانون الذي ما زال حبرا على ورق، وينتظر مناقشته وتعديله داخل مجلس النواب، داعياً المشرّع إلى ضرورة الإسراع في سن هذا القانون لأنه الطريق الوحيد والأنجع لمكافحة الفساد في تونس، خاصة داخل المؤسسات العمومية".
اقرأ أيضاً: طوفان الفساد العربي
من جهتها، قالت تيسير بن عبد الله أحد الفائزين بجائزة المبلغين، وهي أستاذة لغات "نحن مجموعة من الأساتذة أبلغنا عن حالة فساد في معهد بورقيبة للغات الحية الذي ندرس فيه، وقد صدر قرار الوزارة لفتح تحقيق في الغرض، لكن للأسف في تونس لا يوجد قانون يحمي المبلغين عن الفساد، ما جعل إدارة المعهد إلى إلغاء عقد عملي بطريقة تعسفية، وأنا متأكدة أن السبب هو لأني قمت بالإبلاغ عن الفساد".
— I WATCH Organization (@IwatchTn) January 14, 2016
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— I WATCH Organization (@IwatchTn) January 14, 2016
|
ودعت تيسير كل مواطن تونسي في أي مؤسسة خاصة أو عمومية أن "يكون شجاعاً ويبلغ عن أي شبهة أو حالة فساد"، داعية الدولة والمشرّعين بوضع قوانين تحمي المبلغين عن الفساد.
من ناحيته، قال محمد علي بن ميزة، مراقب أشغال، لـ"العربي الجديد": "قمت بدراسة مشروع الطريق السيارة بين صفاقس وقابس جنوب تونس، واكتشفت وجود نقص في السمك من ثمانية مليمترات إلى ملمترين فقط"، إضافة إلى كشف تلاعب مالي في شركة النقل بالقيروان، ومؤسسة بنك الإسكان وعدد من البنوك العمومية التي قدمت قروضاً دون ضمانات.
وأضاف محمد "بعد الإبلاغ عن هذا الفساد، تعرضت لصعوبات عديدة في العمل، ولم أعد أحصل على مشاريع لمراقبتها، وتم إيقافي عن العمل بطريقة غير مباشرة". ودعا المسؤولين في تونس إلى "الاستماع إلى الشباب وإعطائهم الفرصة لقطع الطريق عن لوبيات الفساد التي تنخر البلاد"، كما طالب بدوره "بسن قانون لحماية المبلغين عن الفساد".
اقرأ أيضاً: عيون من أجل رصد الفساد في أفغانستان
ووقع الإبلاغ عن هذه الحالات عبر موقع "بالكمشة" الإلكتروني، الذي أطلقته المنظّمة سنة 2012، لرصد الفساد ومكافحته، كما تتلقى الإبلاغات عن طريق الرسائل القصيرة ومواقع فيسبوك وتويتر والبريد الإلكتروني. وموقع "بالكمشة" لا يندرج ضمن الاستراتيجيّة الوطنيّة لمكافحة الفساد، وإنّما هو مجهود مدني مساند.
إبراهيم الميساوي، رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، قال لـ"العربي الجديد" إن "منظمة الشفافية الدولية وضعت تونس في المرتبة 79 عالمياً في مؤشر الفساد، أي أننا أصبحنا نتساوى مع الدول التي لا تملك تقاليد ولا حتى قوانين لمكافحة الفساد". وأضاف أن التقرير الأخير للبنك الأوروبي للتنمية أظهر أن تونس تتربع على عرش الفساد في حوض البحر الأبيض المتوسط، وأن البنك الدولي لم يجد لدى تونس أي خطوات إيجابية وجدية في السنوات الخمس الأخيرة لمكافحة الفساد.
ونبّه الميساوي من وجود ما وصفه بتطبيع المجتمع مع ظاهرة الفساد، وتحوّلها إلى جزء من السلوك الاجتماعي.
وأشار إلى أن "أغلب السياسيين يتحدثون عن ظاهرة الفساد بشكل مطلق ودون تفاصيل، وبالتالي هم مشاركون في الفساد لعدم جديتهم بمكافحة الظاهرة".
اقرأ أيضاً: دراسة تكشف أشكال الفساد الأكاديمي في الجامعات السعودية