كثيراً ما يُفاجأ أهالي التلاميذ في مصر بطلبات غريبة من قبل المدارس. إلا أن التبرعات تكاد تكون الأغرب على الإطلاق. إذ لا تخجل بعض المدارس من الطلب من أولياء الأمور التبرع لها. وعادة ما لا تكون التبرعات مادية حتى لا تثير الشبهات. في السياق، يقول عدد من الأهالي الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد" إنهم عاجزون عن التبرع، ما دفعهم إلى نقل أبنائهم إلى مدارس حكومية، من دون أن ينجوا من الأمر.
في السياق، تقول إيمان محمد إنها رغبت في نقل ابنها إلى مدرسة حكومية. لكن حين علم المدير أنها تعمل في أحد مصانع السيراميك، طلب منها التبرع ببلاط لفناء المدرسة كشرط لقبول ابنها، فوافقت واضطرت لشراء كمية من السيراميك.
من جهته، رفض مدير إحدى المدارس في منطقة المنيب تبرع أحد أولياء الأمور بالمال باعتبار أن ذلك "رشوة". لكنه قبل بشراء بعض المواد بواسطة المال نفسه. في السياق، يقول مدحت سالم إن أصدقاءه نصحوه بنقل ابنه إلى مدرسة أخرى حرصاً على مستوى الشهادة الإعدادية. وحين قدم الأوراق، طلب منه مدير المدرسة التبرع أيضاً. قدم له مبلغاً من المال فرفض، وطلب منه تقديم حاويات قمامة، قائلاً: "هذا كله لمصلحة ابنك. فالصف النظيف والصحي يساعد الأطفال على التعلم والتركيز".
بدوره، يقول أحد الآباء الذي يعمل حارساً في أحد العقارات إنه ذهب لينقل ابنه إلى إحدى المدارس الحكومية، وفوجئ بمسؤول من المدرسة يطلب منه شراء ثلاث مراوح لتوزيعها في الفصول. وقال للوالد: "هل تقبل أن يتلقى ابنك تعليمه في هذا الحر القاتل؟" وخيّره بين شرائها أو نقل ابنه إلى مدرسة أخرى.
أيضاً، استغلت مدرسة في حي العجوزة موجة الحر التي تضرب البلاد، وطالبت أولياء الأمور التبرع بمراوح. وتقول منال، وهي والدة إحدى التلميذات الملتحقات بالمدرسة، إن المديرة طلبت منها التبرع بمروحتين، وأن تنصح باقي زميلاتها بالتبرع بمراوح حتى لا يتعرض التلاميذ للموت أو الإغماء.
بدوره، يشكو محمد محسن، وهو تلميذ في المرحلة الإعدادية من سوء معاملة المدارس الحكومية للتلاميذ الوافدين إليها من المدارس الخاصة، إذ تفرض عليهم التبرعات بشكل كبير. ومن ينتقل من مدرسة حكومية إلى أخرى، لا تفرض عليه تبرعات أو تكون بسيطة. واختار سعد إبراهيم رفع شكوى ضد مدير إحدى المدارس، لأنه طلب منه التبرع.
من جهته، يرى فوزي موسى أن هذه ليست تبرعات بل "إتاوات"، وخصوصاً أن أصحاب المدارس "يشترطون علينا إما أن ندفع أو يتعرض أبناؤنا لسوء معاملة أو لا يقبلونهم في المدرسة"، لافتاً إلى أن هذا ليس بجديد على المدارس المصرية التي اعتادت "البلطجة" في تعاملها مع التلاميذ.
اقرأ أيضاً: 35 مليون مصري لا يجيدون القراءة
أما عماد صبحي، وهو تلميذ ثانوي، فرفض الالتحاق بمدرسة أرادت فرض تبرعات على أهله. يقول إنه انتقل منذ سنتين للسكن في محافظة أخرى، ما اضطره إلى تغيير مدرسته. حينها، فرض المدير على أهله التبرع بـ 500 جنيه لترميم مدخل المدرسة، إلا أنه رفض وغير المدرسة. أيضاً، فوجئ محمد عبد السميع بطلب المدرسة شراء ستائر لمسرح المدرسة، حتى أنه حدد المحل الذي عليه شراؤها منه.
في المقابل، تقول إحدى العاملات في المجال التربوي إن ما يحدث في بعض المدارس "تحايل وغش"، وخصوصاً أن التبرع غير ملزم. لكنهم عادة ما يشترطون تقديم هذه التبرعات في مقابل تغيير المدرسة. تضيف أن وزارة التربية والتعليم لا تعرف معنى التبرعات الإلزامية التي يتحايل بعض مديري المدارس على أولياء الأمور للحصول عليها. وطالبت الوزارة المديريات التعليمية تشكيل لجان لمتابعة المدارس التابعة لكل مديرية.
تبرّع مشروط
تقول إحدى العاملات في المجال التربوي إنه في حال رغب أحد أولياء الأمور بالتبرع إلى المدارس بالشكل الذي نص عليه القانون (أي أن تكون المواد المتبرع بها مستدامة ويمكن استهلاكها لفترة طويلة، أو تستخدم من قبل المدرسة لاسترجاعها بحيث تستخدم هذه السلع بشكل مباشر، إلخ). وتجدر الإشارة إلى أنه على المتبرع أن يتأكد من تسجيلها في المدرسة لتفادي استخدامها لغرض آخر.
اقرأ أيضاً: زيادة مصروفات المدارس تفاقم أزمات الأسر المصرية