ينتمي عمل المخرج العراقي ياسين الكعبي إلى مدرسة مسرح الممثل، باعتبار أنه حمّال النص والدلالات، لذلك يعتبره "بؤرة المعالجة الإخراجية"، وهذا ما فعله في مسرحيته الجديدة "الأقوى" التي انتهى عرضها قبل أيام على مسرح "الرافدين" في بغداد، ومن المفترض أن يعاد عرضها في آذار/ مارس المقبل، وأن تتنقل طيلة العام بين فضاءات مختلفة أخرى.
اقتبس الكعبي العرض من عمل "الأقوى" للكاتب المسرحي السويدي أوغست سترندبيرغ، الذي كتبه عام 1889 وكان من تجارب مسرحيات الفصل الواحد المبكرة، والثائرة على النمط السائد، بل إنها تعتبر من كلاسيكيات هذا النوع.
تدور القصة حول لقاء يجمع امرأتين في مقهى، إحداهما الزوجة والثانية هي عشيقة الزوج، وسرعان ما تبدأ التفاصيل والأسرار في حياة المرأتين والرجل الغائب بالظهور على نحو عنيف وقاس لكل الأطراف.
حين كتب سترندبيرغ (1849-1912) هذه المسرحية والتي تعتبر واحدة من أهم أعماله الأخيرة، قال إنها تسبّبت له بالكثير من المعاناة الجسدية والنفسية، لأنه كان يقدم حواراً يبرّر فيه الخطأ ويستكشف معنى الصواب نيابة عن الإنسان، وهنا نيابة عن المرأة أيضاً.
وبسبب طبيعة النص المكتوب بطريقة تتيح لكل شخصية الدخول في مونولوغ على الخشبة، اعتبر نقاد أنه ينتمي إلى حد كبير إلى فن المونودراما، لكن الكعبي خرج من البنية الدرامية للنص، وفككه بحيث تظهر الحكايات الصغيرة هي الأهم من واقعة الخيانة الأساسية.
العرض بهذا المعنى انتقل إلى الفكرة المستترة لسترندبيرغ، والتي تتناول فكرة الصراع، والأطراف، وكيفية وقوعه ونهايته، ومواطن القوة والضعف.
يرى الكعبي أن المسرحية ترتبط بالواقع الفكري الذي يهيمن اليوم والأزمة الإنسانية على صعيد رفض الآخر والاختلاف، وغياب ثقافة التسامح والكراهية والكذب، وامتلاك الحقيقة وتقرير الصواب والذنب.
العمل يشكل جزءاً من مشروع الكعبي الذي بدأ عام 2005، حين أسس "ورشة فنون المسرح" في كلية الفنون الجميلة في بغداد، وهذه المسرحية هي عمل آخر من أعمال هذه الورشة، حيث أدّى أدوارها كل من: فائزة جاسم، وأمل صبر، وميس كريم، وقيصر كامل.