حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في رسائل عاجلة إلى سفراء دول الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء، من تداعيات القرار الإسرائيلي بتشديد الحصار على قطاع غزة وفرض عقوبات جديدة على المدنيين بعد إغلاق معبر "كرم أبو سالم" التجاري، وتقليص مساحة الصيد إلى ستة أميال بحرية.
وبين المرصد الحقوقي أن فرض إجراءاتٍ كهذه في الوقت الذي يعيش فيه القطاع أصلًا أزمة إنسانية حادة، ستؤدي إلى الانفجار خلال فترة قصيرة، لأن الإجراءات الإسرائيلية ستؤدي إلى تقويض الاقتصاد، والقضاء على كل محاولات المجتمع الدولي من أجل دعم القطاع الخاص، كما أن وقف الصادرات والواردات يعني انضمام عشرات الآلاف من السكان إلى العاطلين، في وقت يعتبر فيه معدل البطالة في غزة الأعلى حول العالم، ورفع عدد الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية إلى نحو 90 في المائة، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة.
وأوضح "الأورومتوسطي" أنه رغم وجوب تحملها مسؤولية حماية شؤون المدنيين الذين يقعون تحت احتلالها، تفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على القطاع وتمارس شكلًا غير مسبوقٍ من أشكال العقاب الجماعي.
وأطلع المرصد السفراء الأوربيين على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها نحو مليوني مواطن، مؤكدًا على أن إغلاق المعبر التجاري الوحيد مع الأراضي المحتلة سيغلق آخر أبواب الحياة في غزة، وسيؤثر على كافة القطاعات والبنى التحتية، بما فيها القطاع الصحي، والذي بات عاجزًا عن تقديم نحو 60 في المائة من الخدمات الطبية الأساسية للمرضى.
وقالت الرسالة إن "السلطات الإسرائيلية لا تفرض قيودا على دخول البضائع والمستلزمات الأساسية وحسب، بل تحرم الشريحة الأكبر من السكان حقهم في التنقل والسفر، وتمنع مرورهم عبر معبر (إيرز) الوحيد المخصص لحركة الأفراد من وإلى الأراضي المحتلة، وهو ما يبقي عشرات الآلاف من المرضى محاصرين في القطاع، في الوقت الذي تفقد فيه كبرى مستشفياته نحو 60 في المائة من الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، ما يتسبب بفقد مئات المرضى حياتهم في انتظار فتح أبواب غزة لتلقي الرعاية الصحية في الخارج".
وشدد "الأورومتوسطي" على أن "السلطات الإسرائيلية تفرض عقابًا جماعيًا على أكثر من مليوني مواطن بحجة نشاطٍ يمارسه بضع عشرات على حدود غزة، ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تبرير تجويع السكان المدنيين وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية في القطاع الذي يصنف أصلًا على أنه مكانٌ غير قابلٍ للعيش".
ودعا المرصد الأورومتوسطي في رسالته سفراء دول الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية إلى الضغط على السلطات الإسرائيلية من أجل وقف إجراءاتها العقابية بشكلٍ فوري وغير مشروط، والعمل على إدخال المواد الأساسية للقطاع، وتسهيل حركة مرور الأفراد والبضائع من وإلى القطاع المنكوب بفعل 12 عامًا على حصاره المشدد من قبل إسرائيل.
مخيم اليرموك
وفي سياق ذي صلة، استعرض المرصد في مؤتمر صحافي عقده اليوم، في العاصمة الأردنية عمان، نتائج تحقيقات قام بها حول الانتهاكات التي حصلت في "مخيم اليرموك" على مدار السنوات السبع الماضية، منذ بدء الأزمة السورية، وخصوصا بعد العملية العسكرية الأخيرة للنظام لاستعادة السيطرة على المخيم في إبريل/نيسان الماضي.
وقال المرصد الحقوقي إنه أجرى تحقيقًا حول أهم الانتهاكات والتدمير الممنهج الذي تعرض له المخيم، ولا زال يتعرض له، وصدرها في تقريره "مخيم اليرموك. الألم المسكوت عنه"، والذي أثبت أن المخيم تعرض لتدمير متعمد طاول ما يزيد على 80 في المائة من مبانيه وبنيته التحتية، ما يجعل من شبه المستحيل عودة اللاجئين إليه، مع استهداف مقصود طاول بعدها كل ما بقي في المخيم من أثاث ومعدات.
وأوضح التقرير وقوع عمليات ابتزاز وإعدام ميداني منذ سيطرة تنظيم "داعش" على المخيم في 2015، ولم تتوقف بعد فرض النظام سيطرته على المخيم في مايو/أيار الماضي.
وتناول المرصد تقليصٍ خدمات وكالة الأمم المتحدة المختصة بتقديم العون للاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بسبب العجز المالي الذي تعاني منه، والذي قد يزداد بشكل حاد إذا لم يفي المجتمع الدولي بتعهداته في مؤتمري روما ونيويورك بتقديم التبرعات، معتبرا أن أزمة أونروا هي جزء من أزمة المجتمع الدولي في حمل المسؤولية الجماعية والتعامل مع أزمة اللاجئين باعتبارها مسؤولية قانونية وإنسانية مشتركة، فضلاً عن تقصير المتجمع الدولي في إنهاء الأزمة عبر إنفاذ قرار الأمم المتحدة رقم 194 والذي ينص على عودتهم إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 1948.