لم تكن تصريحات كيري جديدة، بالمعنى الحرفي، بل إن سفير الولايات المتحدة السابق في سورية، روبرت فورد، ألمح إليها سابقاً، كما جاء كلام مدير الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، جون برينان، يوم الجمعة، حول "عدم رغبة واشنطن في انهيار السلطة بسورية"، في السياق.
وربما أعطت تلك التصريحات مؤشرات على احتمال تغيّر السياسة الأميركية في الملف السوري، واستدعت تبريرات دولية سريعة للردّ على ما طرحه كيري. فكان الرد الأول من وزارة كيري نفسها، بعد نفي المتحدثة باسم الخارجية، ماري هارف، أن "يكون التصريح بداية تغيير في السياسة الأميركية في الملف السوري". وأوضحت في تغريدة على موقع "تويتر"، أن "كيري جدد التأكيد على سياسة راسخة تُشدّد على حاجتنا إلى عملية تفاوضية، مع وجود النظام على الطاولة، ولم يقل إننا سنتفاوض مباشرة مع الأسد". ولم يمرّ تصريح كيري مرور الكرام على حلفاء الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا وتركيا، الذين أكدوا على عدم "جواز بقاء الأسد في منصبه".
اقرأ أيضاً: فرنسا: الأسد لا يمكن أن يدخل بأي إطار تفاوض
واعتبر نائب رئيس "الائتلاف" المعارض، هشام مروة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "تصريحات كيري لا تقلقنا إذا كانت في إطار التقاطع مع أهدافنا برحيل الأسد، في إطار تسوية جنيف". وأضاف أن "تصريحات مدير الاستخبارات الأميركية، تصبّ في عدم خسارة مؤسسات الدولة، وهذا ما يسعى إليه الائتلاف من خلال العملية التفاوضية".
وشدد على أن "الائتلاف لا يهدف إلى تدمير الدولة، بل الحفاظ على ما تبقى من مؤسساتها". وأكد أن "للائتلاف والثورة مطالبهم، وبالقدر الذي تتقاطع فيه المطالب مع سياسة الدول الكبرى سنعمل. أما موضوع بقاء الأسد لغير تسليم السلطة فلا يمكن أن يجبرنا أحد عليه". ووصف الأسد بـ"رئيس مليشيا مقاتلة على الأراضي السورية"، مؤكداً أن "رحيله مسألة ثابتة لا يمكن التخلي عنها".
ولا يبدو "الائتلاف" قلقاً حيال التصريحات الأميركية، بقدر قلقه من التصريحات الداخلية التي أطلقها أحد أعضائه في القاهرة، والتي تزامنت مع تصريحات كيري، وكشفت عن وجود تنسيق روسي مصري للخروج بحلٍّ للأزمة السورية، ربما يتجلّى في مؤتمر القاهرة المقبل.
وكان عضو "الائتلاف" المقيم في القاهرة، بسام الملك، أعلن أن "مؤتمر القاهرة المقبل سيدرس نقطتين مهمتين، تتعلقان بحلٍّ توافقي، يُمكن أن يقبل بهما النظام السوري، لطرحهما خلال الحوار مع النظام في موسكو".
وأفاد بأن "النقطة الأولى تتمحور حول بقاء الأسد رئيساً لمدة عامين، مع وجود هيئة حكم انتقالية تدير شؤون الدولة، على أن تتم الدعوة بعد هذين العامين إلى انتخابات رئاسية مبكرة".
أما النقطة الثانية، بحسب الملك، فهي "الاتفاق على أن تُحكم سورية خلال هذه الفترة بإعلان دستوري انتقالي أو العودة إلى دستور 1950". وقال إن "مؤتمر الحوار الثاني بين المعارضة السورية والنظام، الذي تستضيفه موسكو في أبريل/نيسان المقبل، سيُعقد بعد المؤتمر الثاني للمعارضة السورية الذي تستضيفه القاهرة الشهر ذاته". ويبدو أن تصريحات الملك أثارت حفيظة "الائتلاف" الذي سارع إلى نفيها، بل والتوضيح بأنه سيتخذ إجراءات لمحاسبة من أطلقها.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم "الائتلاف"، سالم المسلط، أنه "لا بدّ من التذكير بأن الائتلاف لم يحضر مؤتمر القاهرة في يناير/كانون الثاني الماضي، ولم يشارك في اللجنة التحضيرية التي انبثقت عنه، وأن مشاركة أعضاء من الائتلاف لم تتم بصفتهم ممثلين عنه، بل بشكل شخصي، وأن الائتلاف بدأ بدراسة الإجراءات التي سيتم اتخاذها بحقهم حسب النظام الأساسي".
وأضاف المسلط، أنه "رغم وضوح مواقف الائتلاف تجاه كل ما يتعلق بالحل السياسي، فإن بعض المستجدات تستدعي التأكيد مجدداً أن إسقاط رأس النظام وجميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، هدف رئيسي للائتلاف، وسيضمن الانتقال إلى نظام ديمقراطي مدني تعددي، يؤمن حريات جميع المواطنين وحقوقهم".
من جهة أخرى، نفى ممثل الائتلاف المعارض في القاهرة، عادل الحلواني، تصريحات نسبتها إليه صحيفة "اليوم السابع" المصرية، تفيد بأن "المبادرة المصرية لحل الأزمة السورية تتضمن بقاء الأسد في الحكم لمدة عامين". وذكر أن "ما نشرته الصحيفة صرح به عضو الائتلاف بسام الملك، اعتماداً على مصادره الخاصة، التي لا تُمثل وجهة نظر الائتلاف".
اقرأ أيضاً: واشنطن تتّجه لمفاوضة الأسد... والنظام السوري يقابلها بمجزرة جديدة