صدرت ستة أعداد من مجلة "الاستغراب"، آخرها قبل أيام ويحمل الغلاف عنوان الملف "رجوع الإيديولوجيا" والذي شكّل مظلّة لكافة مقالات ودراسات وترجمات العدد.
المجلة التي يمكن تحميلها كاملة وقراءتها، من إصدارات "المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية" في بيروت، وبإتاحتها مجاناً على هذا النحو يظهر أنها واقعية جداً وسط غياب قرّاء هذا النوع من المجلات فما بالك بمشتري أعدادها.
تعيد المجلة إحياء لقاء قديم أجراه الصحافي دانيال ميرميه مع الفيلسوف اليوناني كورنيليوس كاستورياديس عام 1996، الذي كان ينظر إلى العالم المعاصر ويصفه بأنه عصر "ارتقاء التفاهة"، حيث النزاع بين اليمين واليسار فقد معناه، إذ الطرفان يفعلان الأمور نفسها. في الحوار يتطرق كاستورياديس (1922-1997) إلى مسائل الديمقراطية والحرية والمذهبية ومصائر "الثوريين" في زمن أفول الإيديولوجيا.
واستكمالاً لثيمة العدد، كتب الباحث الفلسطيني أشرف بدر ورقة بعنوان "الإيديولوجية الصهيونية والغرب رحلة التوظيف من الاستشراق إلى الإسلاموفوبيا". يرى الكاتب أنه ومن خلال دراسة ظاهرة الاستشراق وتحوّلها إلى ظاهرة الإسلاموفوبيا؛ يظهر الخط الذي يربط بين أعمال المستشرقين ومحاولة اختراع "حق تاريخي" للصهاينة في فلسطين، بحيث يبدو كل رفض لهذا الحق إرهاباً، ويخلص بدر إلى أن هذا سيقود إلى تصوير الصراع بين الفلسطينين والإسرائيليين كصراع بين قوميتين على أرض لهما فيها الحقوق نفسها. وذلك بهدف التعمية على حقيقة المشروع الصهيوني الاستعماري وحقيقة أن الصراع هو بين مستعمر وبين السكان الأصليين.
وفي ورقة تستقرئ المسار التاريخي للديمقراطية، نشرت المجلة فصلاً مترجماً من كتاب صدر حديثاً للمفكر الإيراني شهريار زرشناس بعنوان "المباني النظرية للغرب المعاصر". وفيه يبحث الكاتب في إن الديمقراطية هي الأساس النظري والإطار الواقعي لنشوء كل الإيديولوجيات وأنها أم النظريات الحديثة من الفاشية إلى الليرالية والقومية.
بدوره، يعود الأكاديمي المصري حسان عبد الله حسان إلى تجربتي عبد الوهاب المسيري ومنى أبو الفضل في دراسة قصيرة مقارنة تحت عنوان "نقد الأسس المعرفية للإيديولوجيا الغربية".
تقدّم "الاستغراب" أيضاً ترجمة لبحث نشر عام 1993، بعنوان "نقد ريكور للإيديولوجيا من أجل اللاهوت.. هيرمينوطيقا الارتياب"، وفيه يقرأ الباحث دانييل ل. هوانغ رؤية الفيلسوف الفرنسي حول الوجه الإيديولوجي للنص اللاهوتي المسيحي، حيث يتناول البحث هذه الرؤية من زاوية طبيعة الإيديولوجيا ووظيفتها وإمكانية نقدها ثم القصور الذي أصاب عمليات التأويل المتعلقة بإعادة تفسير التراث الخاص بالكنيسة في الغرب.
في العدد الكبير نسبياً إذ تتجاوز صفحاته الأربعمئة، مشاركات مختلفة تخص المجلة أو مترجمة ويعاد تقديمها، ومن بين الأوراق اللافتة "الإيديولوجيا كما يراها مؤسسها.. فلسفة من أجل الجمهورية" لـ ليليان موري و"الدين إيديولوجي..في صواب القول بلا نهائية الإيديولوجيا" لـ علي رضا شجاعي زند و"العقل والإيديولوجيا محنة مستدامة في حداثات الغرب" لـ حميد بارسانيا.