13 أكتوبر 2024
"الانقلاب السعودي" .. مغامرة خطيرة أم صحوة استراتيجية؟
ثمّة صورة جديدة تتشكّل عن السياسة الخارجية السعودية، مغايرة تماماً للصورة التقليدية لها بوصفها سياسة دولة لا ترغب في الحرب، وتخوضها بالوكالة، وتبتعد عن المواجهات الحاسمة، وتتسم بـ "أنصاف الخطوات" في مبادراتها السياسية ومواقفها الدبلوماسية.
أخذت الصورة الجديدة التي بدأت مع العهد الجديد الخطوات الأولى في اليمن، عبر عملية " عاصفة الحزم"، ودخول الجيش السعودي عسكرياً في الحرب هناك، وتمتد اليوم إلى التلويح بالتدخل العسكري البري في سورية، وهو وإن كان مستبعداً منطقياً، إلاّ أنّ السبب لم يعد خشية السعودية من إرسال قواتها إلى مناطق الحرب، بل لأسباب واقعية وميدانية.
في الأثناء، تعدّ السعودية لأكبر عملية مناورات حربية في تاريخ المنطقة على أراضيها، من خلال مشاركة جيوش عربية وإسلامية سنيّة، ضمن التحالف الإسلامي العالمي، الذي أسسته السعودية، وقرابة 350 ألف جندي يشاركون فيها.
في البداية، كانت هنالك رهانات سياسية إقليمية وعالمية على أنّ السعودية لن تمضي إلى نهاية الطريق في السياسة الجديدة، وأنّها سرعان ما ستشعر بالتورّط في اليمن، وتنسحب إلى الداخل، أو على الأقل تعود إلى سياسة "الحرب بالوكالة"، ولن تخوض مواجهات مفتوحة مع إيران، بعد أنّ توضّحت لدى القيادة في الرياض حقيقة التحولات الأميركية الكبيرة، ولأنّ السياسة السعودية، ضمن هذا المنظور، تقوم على مبادئ دفاعية أكثر منها هجومية.
لكنّ هذه الرهانات تساقطت وتبخّرت، فلم تتراجع السعودية عن الخطوات الجديدة، بل توغّلت أكثر في ترسيم سياسات مختلفة تماماً، فكانت التحولات الأميركية سبباً إضافياً للمغامرة السعودية، وليس رادعاً لها، إذ وجدت المملكة نفسها، للمرّة الأولى منذ عقود، في انفكاك عن المصالح الاستراتيجية الأميركية، وأمام فجوة واضحة بين رؤية الدولتين لمستقبل المنطقة العربية.
فوق هذا وذاك، رأت السعودية أنّ الصفقة النووية الأميركية مع إيران ستأتي بالضرورة على حسابها، وأنّ هنالك متغيرات جديدة في المواقف الأميركية غير معلنة بوضوح، وغير مطمئنة في الوقت نفسه، تجاه الملفات الساخنة والاستراتيجية، مثل سورية واليمن والعراق، تخدم المحور الإيراني أكثر من مصالح المملكة.
تعزّزت هذه القناعات مع التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية، الذي قابله صمت أميركي، وتواطؤ من خلال مواقف دبلوماسية مموّهة وغير واضحة، فوجدت القيادة السعودية نفسها أمام "محور إيراني- روسي" إقليمي، يعيد بناء موازين القوى في سورية، بما سينعكس مستقبلاً على المنطقة بأسرها، وهو ما بدت ملامحه في لبنان، إذ بدأت القوى المعادية لإيران، القريبة من السعودية، بالتفكك، وأعطى اليد الطولى هناك لحزب الله، مما دفع القيادة السعودية، قبل أيام، إلى اتخاذ قرارٍ غير تقليدي آخر بوقف المساعدات الكبيرة للبنان، وإصدار بيان رسمي يوضح الأسباب التي ولّدت ذلك القرار، وهي، ضمنياً، انحياز لبنان ضد مصالح السعودية.
يعتبر بعضهم أن ما تقوم به السعودية مغامرة خطيرة، غير مسبوقة، على الأقل في التاريخ المعاصر (منذ عقود)، مما سيورّط الدولة في مستنقعات وأزماتٍ تستنزفها مالياً وعسكرياً، في ظل انخفاض أسعار النفط، التي لها تأثير جوهري على الاقتصاد السعودي، وينظرون إلى التدخل العسكري الراهن في اليمن، بوصفه "استنزافاً" لها.
إلاّ أنّ مثقفين ومحللين سعوديين لهم رأيٌ آخر تماماً، فيه قدر كبير من الوجاهة والحجيّة؛ فإذا عدنا إلى السياسة السعودية قبل تولي القيادة الجديدة، نجد أنّها وصلت إلى طريق مسدود، وبدت في حالة تراجع وخساراتٍ متراكمة، فالحوثيون سيطروا على اليمن، وإيران عزّزت حضورها الاستراتيجي في سورية، عبر دخول مباشر للحرس الثوري وحزب الله، بينما كانت المقاربة السعودية، حينذاك، تسير في مقاربةٍ تبنّاها المعسكر العربي المحافظ، تقوم على خطورة الربيع العربي وأولوية العداء لحركات الإسلام السياسي قاطبة، ووضعها جميعاً في الحزمة نفسها، بوصفها إرهابية، مما أعاد هيكلة اهتمامات السياسة السعودية، حينها، إلى الصراع داخل الأقطار العربية، فأصبح دعم الانقلاب العسكري في مصر ومواجهة تركيا - قطر المحور الرئيسي في الأولوية السعودية، والتخلص من حركة الإصلاح الإخوانية في اليمن، فيما كانت إيران تتمدد، وتحقق انتصارات عسكرية واستراتيجية.
وجدت القيادة السعودية الجديدة نفسها، منذ اليوم الأول، أمام الاستحقاق اليمني، ونُظر إلى اجتياح الحوثيين (المقربين من إيران) صنعاء بوصفه تهديداً للأمن الوطني السعودي. ثم أخذت عجلة التغيير في الاستراتيجيات السعودية تدور، وكرة الثلج في الاستدارات المتتالية تتدحرج، ونمت قناعات جديدة لدى دوائر القرار في السعودية بأنّ الركون إلى الرؤى التقليدية في عدم التدخل سيضرّ كثيراً بمصالح السعودية، ويضعفها إقليمياً، من ناحية، وأنّ الاستمرار في معادلة معسكر الاعتدال العربي التي تقوم على أولوية الصراع مع الإسلام السياسي، وممانعة "الربيع العربي" أتت بنتائج كارثية على المملكة من ناحية ثانية، والأهمّ من هذا وذاك أنّ انتظار الدور الأميركي والالتصاق بين الدولتين أصبح جزءاً من الماضي، والتمسّك به يعني إنكار ما يحدث على أرض الواقع من تغييرات كبيرة تاريخية.
على النقيض من الآراء المتشائمة حول التحولات الجديدة أو المشكّكة فيها، برز كتّاب ومحللون سياسيون سعوديون يمتلكون جرأة ملموسة في التعبير عن التغييرات الجديدة، وأكثر قدرة على قراءة المنعطف الراهن، والتعبير عنه، والدفع باتجاهه، وهي أيضاً "حالة إعلامية" ليست تقليدية، فبرزت مقالات جمال خاشقجي وخالد الدخيل ونوّاف العبيد، في الآونة الأخيرة، لتقول صراحة أنّ السياسة السعودية تغيّرت بدرجة كبيرة.
صحيح أنّ وزارة الخارجية السعودية أصدرت بياناً تقول فيه إن الكتّاب الثلاثة لا يعبرون عن المواقف الرسمية للمملكة، وما يكتبونه هو آراؤهم الشخصية. لكنّهم (هؤلاء الكتّاب) نجحوا أكثر من أية آلة إعلامية كبرى للمملكة في التعبير عن مواقفها والدفاع عنها، وتقديم الخلفية السياسية المهمة لهذه التحولات وللديناميكيات الجديدة في السياسة الخارجية للدولة.
من يدافعون عن التحولات الجديدة ينظرون إلى ما يحدث في اليمن بأنّه كان خياراً اضطرارياً، البديل الوحيد له السماح للحوثيين، ومن ورائهم إيران، بابتلاع اليمن، والوقوف على حدود المملكة الجنوبية، وتشكيل تهديد أمني كبير، ولا يرون فيما يحدث في اليمن بمثابة تورّط، بل تقدم مستمر ونفوذ جديد متنامٍ للمملكة في الجنوب، لوقف التمدد الإيراني في الحدّ الأدنى، وتعبيد الطريق لاستعادة اليمن في الحدّ الأعلى.
وفي الشمال، وثّقت السعودية تحالفاتها الاستراتيجية مع تركيا، فتجاوزت ميراثاً تاريخياً وعوائق واقعية، فالقناعة الجديدة بأنّ تركيا باتت الحليف الأقرب للسعودية لمواجهة المحور الإقليمي الجديد (إيران- روسيا) في ضوء التواطؤ الأميركي من جهة، وتردّد حلفاء السعودية العرب وانكفائهم، من جهةٍ أخرى.
وربما يتساءل القادة السعوديون، اليوم، لماذا التردد والتراجع والتلكؤ والقلق من المواجهات والمشاركة العسكرية وإقحام الجيش السعودي في حروب إقليمية، بينما إيران لا تخشى ذلك وتبعث جنودها وقواتها إلى العراق وسورية وتدعم الأنظمة هناك، ويُقتل قادتها العسكريون في المعارك، وتدفع أموالاً طائلة لدعم حلفائها وبناء نفوذها، بينما السعودية التي دفعت أموالاً هائلة على بناء القوات المسلحة وتجهيزها تخشى من المواجهة، ودفعت مثل ذلك لحلفائها ولبناء نفوذها الإقليمي، وهي تخسره اليوم بلا مقابل؟
بالطبع، لم تكن السعودية مستعدة تماماً لهذه التحولات الاستراتيجية والعسكرية، لكنّها، في المقابل، لن تجد أخطر من هذه اللحظة التاريخية التي تمثّل امتحاناً حقيقياً لها، لإثبات وجودها وقدرتها على المواجهة أو انتقال ساحة الصراع والمواجهات إلى الداخل.
أخذت الصورة الجديدة التي بدأت مع العهد الجديد الخطوات الأولى في اليمن، عبر عملية " عاصفة الحزم"، ودخول الجيش السعودي عسكرياً في الحرب هناك، وتمتد اليوم إلى التلويح بالتدخل العسكري البري في سورية، وهو وإن كان مستبعداً منطقياً، إلاّ أنّ السبب لم يعد خشية السعودية من إرسال قواتها إلى مناطق الحرب، بل لأسباب واقعية وميدانية.
في الأثناء، تعدّ السعودية لأكبر عملية مناورات حربية في تاريخ المنطقة على أراضيها، من خلال مشاركة جيوش عربية وإسلامية سنيّة، ضمن التحالف الإسلامي العالمي، الذي أسسته السعودية، وقرابة 350 ألف جندي يشاركون فيها.
في البداية، كانت هنالك رهانات سياسية إقليمية وعالمية على أنّ السعودية لن تمضي إلى نهاية الطريق في السياسة الجديدة، وأنّها سرعان ما ستشعر بالتورّط في اليمن، وتنسحب إلى الداخل، أو على الأقل تعود إلى سياسة "الحرب بالوكالة"، ولن تخوض مواجهات مفتوحة مع إيران، بعد أنّ توضّحت لدى القيادة في الرياض حقيقة التحولات الأميركية الكبيرة، ولأنّ السياسة السعودية، ضمن هذا المنظور، تقوم على مبادئ دفاعية أكثر منها هجومية.
لكنّ هذه الرهانات تساقطت وتبخّرت، فلم تتراجع السعودية عن الخطوات الجديدة، بل توغّلت أكثر في ترسيم سياسات مختلفة تماماً، فكانت التحولات الأميركية سبباً إضافياً للمغامرة السعودية، وليس رادعاً لها، إذ وجدت المملكة نفسها، للمرّة الأولى منذ عقود، في انفكاك عن المصالح الاستراتيجية الأميركية، وأمام فجوة واضحة بين رؤية الدولتين لمستقبل المنطقة العربية.
فوق هذا وذاك، رأت السعودية أنّ الصفقة النووية الأميركية مع إيران ستأتي بالضرورة على حسابها، وأنّ هنالك متغيرات جديدة في المواقف الأميركية غير معلنة بوضوح، وغير مطمئنة في الوقت نفسه، تجاه الملفات الساخنة والاستراتيجية، مثل سورية واليمن والعراق، تخدم المحور الإيراني أكثر من مصالح المملكة.
تعزّزت هذه القناعات مع التدخل الروسي العسكري المباشر في سورية، الذي قابله صمت أميركي، وتواطؤ من خلال مواقف دبلوماسية مموّهة وغير واضحة، فوجدت القيادة السعودية نفسها أمام "محور إيراني- روسي" إقليمي، يعيد بناء موازين القوى في سورية، بما سينعكس مستقبلاً على المنطقة بأسرها، وهو ما بدت ملامحه في لبنان، إذ بدأت القوى المعادية لإيران، القريبة من السعودية، بالتفكك، وأعطى اليد الطولى هناك لحزب الله، مما دفع القيادة السعودية، قبل أيام، إلى اتخاذ قرارٍ غير تقليدي آخر بوقف المساعدات الكبيرة للبنان، وإصدار بيان رسمي يوضح الأسباب التي ولّدت ذلك القرار، وهي، ضمنياً، انحياز لبنان ضد مصالح السعودية.
يعتبر بعضهم أن ما تقوم به السعودية مغامرة خطيرة، غير مسبوقة، على الأقل في التاريخ المعاصر (منذ عقود)، مما سيورّط الدولة في مستنقعات وأزماتٍ تستنزفها مالياً وعسكرياً، في ظل انخفاض أسعار النفط، التي لها تأثير جوهري على الاقتصاد السعودي، وينظرون إلى التدخل العسكري الراهن في اليمن، بوصفه "استنزافاً" لها.
إلاّ أنّ مثقفين ومحللين سعوديين لهم رأيٌ آخر تماماً، فيه قدر كبير من الوجاهة والحجيّة؛ فإذا عدنا إلى السياسة السعودية قبل تولي القيادة الجديدة، نجد أنّها وصلت إلى طريق مسدود، وبدت في حالة تراجع وخساراتٍ متراكمة، فالحوثيون سيطروا على اليمن، وإيران عزّزت حضورها الاستراتيجي في سورية، عبر دخول مباشر للحرس الثوري وحزب الله، بينما كانت المقاربة السعودية، حينذاك، تسير في مقاربةٍ تبنّاها المعسكر العربي المحافظ، تقوم على خطورة الربيع العربي وأولوية العداء لحركات الإسلام السياسي قاطبة، ووضعها جميعاً في الحزمة نفسها، بوصفها إرهابية، مما أعاد هيكلة اهتمامات السياسة السعودية، حينها، إلى الصراع داخل الأقطار العربية، فأصبح دعم الانقلاب العسكري في مصر ومواجهة تركيا - قطر المحور الرئيسي في الأولوية السعودية، والتخلص من حركة الإصلاح الإخوانية في اليمن، فيما كانت إيران تتمدد، وتحقق انتصارات عسكرية واستراتيجية.
وجدت القيادة السعودية الجديدة نفسها، منذ اليوم الأول، أمام الاستحقاق اليمني، ونُظر إلى اجتياح الحوثيين (المقربين من إيران) صنعاء بوصفه تهديداً للأمن الوطني السعودي. ثم أخذت عجلة التغيير في الاستراتيجيات السعودية تدور، وكرة الثلج في الاستدارات المتتالية تتدحرج، ونمت قناعات جديدة لدى دوائر القرار في السعودية بأنّ الركون إلى الرؤى التقليدية في عدم التدخل سيضرّ كثيراً بمصالح السعودية، ويضعفها إقليمياً، من ناحية، وأنّ الاستمرار في معادلة معسكر الاعتدال العربي التي تقوم على أولوية الصراع مع الإسلام السياسي، وممانعة "الربيع العربي" أتت بنتائج كارثية على المملكة من ناحية ثانية، والأهمّ من هذا وذاك أنّ انتظار الدور الأميركي والالتصاق بين الدولتين أصبح جزءاً من الماضي، والتمسّك به يعني إنكار ما يحدث على أرض الواقع من تغييرات كبيرة تاريخية.
على النقيض من الآراء المتشائمة حول التحولات الجديدة أو المشكّكة فيها، برز كتّاب ومحللون سياسيون سعوديون يمتلكون جرأة ملموسة في التعبير عن التغييرات الجديدة، وأكثر قدرة على قراءة المنعطف الراهن، والتعبير عنه، والدفع باتجاهه، وهي أيضاً "حالة إعلامية" ليست تقليدية، فبرزت مقالات جمال خاشقجي وخالد الدخيل ونوّاف العبيد، في الآونة الأخيرة، لتقول صراحة أنّ السياسة السعودية تغيّرت بدرجة كبيرة.
صحيح أنّ وزارة الخارجية السعودية أصدرت بياناً تقول فيه إن الكتّاب الثلاثة لا يعبرون عن المواقف الرسمية للمملكة، وما يكتبونه هو آراؤهم الشخصية. لكنّهم (هؤلاء الكتّاب) نجحوا أكثر من أية آلة إعلامية كبرى للمملكة في التعبير عن مواقفها والدفاع عنها، وتقديم الخلفية السياسية المهمة لهذه التحولات وللديناميكيات الجديدة في السياسة الخارجية للدولة.
من يدافعون عن التحولات الجديدة ينظرون إلى ما يحدث في اليمن بأنّه كان خياراً اضطرارياً، البديل الوحيد له السماح للحوثيين، ومن ورائهم إيران، بابتلاع اليمن، والوقوف على حدود المملكة الجنوبية، وتشكيل تهديد أمني كبير، ولا يرون فيما يحدث في اليمن بمثابة تورّط، بل تقدم مستمر ونفوذ جديد متنامٍ للمملكة في الجنوب، لوقف التمدد الإيراني في الحدّ الأدنى، وتعبيد الطريق لاستعادة اليمن في الحدّ الأعلى.
وفي الشمال، وثّقت السعودية تحالفاتها الاستراتيجية مع تركيا، فتجاوزت ميراثاً تاريخياً وعوائق واقعية، فالقناعة الجديدة بأنّ تركيا باتت الحليف الأقرب للسعودية لمواجهة المحور الإقليمي الجديد (إيران- روسيا) في ضوء التواطؤ الأميركي من جهة، وتردّد حلفاء السعودية العرب وانكفائهم، من جهةٍ أخرى.
وربما يتساءل القادة السعوديون، اليوم، لماذا التردد والتراجع والتلكؤ والقلق من المواجهات والمشاركة العسكرية وإقحام الجيش السعودي في حروب إقليمية، بينما إيران لا تخشى ذلك وتبعث جنودها وقواتها إلى العراق وسورية وتدعم الأنظمة هناك، ويُقتل قادتها العسكريون في المعارك، وتدفع أموالاً طائلة لدعم حلفائها وبناء نفوذها، بينما السعودية التي دفعت أموالاً هائلة على بناء القوات المسلحة وتجهيزها تخشى من المواجهة، ودفعت مثل ذلك لحلفائها ولبناء نفوذها الإقليمي، وهي تخسره اليوم بلا مقابل؟
بالطبع، لم تكن السعودية مستعدة تماماً لهذه التحولات الاستراتيجية والعسكرية، لكنّها، في المقابل، لن تجد أخطر من هذه اللحظة التاريخية التي تمثّل امتحاناً حقيقياً لها، لإثبات وجودها وقدرتها على المواجهة أو انتقال ساحة الصراع والمواجهات إلى الداخل.