في هذا الإطار، دعا الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، اليمنيين للقتال على الحدود مع السعودية، رداً على حادثة السبت الأكثر دموية في الحرب اليمنية. وقال في خطاب متلفز أمس الأحد: "آن الأوان وحانت ساعة الصفر أن أدعو كافة أبناء القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية (...) إلى جبهة القتال، إلى الحدود، للأخذ بالثأر، للأخذ بثأر ضحايانا" الذين سقطوا جراء ما وصفه بـ"المجازر المروعة".
ووجه صالح انتقادات حادة للسعودية، داعياً "كل أبناء الوطن" إلى مواجهة عمليات التحالف العربي الذي تقوده دعماً للشرعية في اليمن. وأضاف "على وزارة الدفاع ورئاسة الأركان ووزارة الداخلية وضع الترتيبات اللازمة لاستقبال المقاتلين في جبهات الحدود في نجران وجيزان وعسير (في جنوب السعودية) ومواجهة العدوان".
ردود الفعل المحلية لم تقتصر على صالح، حليف الحوثيين، بل أثارت الحادثة انتقادات من مختلف الشرائح اليمنية، وفي مقدمتها أحزاب موالية للشرعية، كحزب التجمع اليمني للإصلاح، وحزب الرشاد السلفي، فضلاً عن مسؤولين، أبرزهم نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية عبدالملك المخلافي. وأجمعت المواقف على اعتبار أن القصف بهذه الطريقة التي توقع عدداً كبيراً من القتلى، لا يمكن تبريره، وعلى ضرورة إجراء تحقيق بشأنها.
ومن المتوقع أن تثير الحادثة سخطاً واسعاً في المناطق القبلية، باعتبار أن قصف عزاء يرقى لما يُوصف بـ"العيب الأسود"، وهو نوع من مراتب الإدانة للفعل لدى القبيلة. وقد عبر معلقون معارضون للحوثيين على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تخوفهم من سعي الجماعة وحلفائها لاستغلال الحادثة لتحريض القبائل المحيطة بالعاصمة ضد "الشرعية"، وعلى نحو خاص قبائل "خولان" شرق صنعاء، التي ينتمي إليها الرويشان وعشرات من الضحايا والجرحى. ويعتبر أمين (محافظ) أمانة العاصمة صنعاء، السابق، عبدالقادر علي هلال، من أبرز ضحايا الحادثة المعلن عن أسمائهم. ويعد هلال من الشخصيات اليمنية المعروفة التي تتمتع بعلاقات واسعة وتُوصف بأنها شخصية وسطية، شغل العديد من المناصب أبرزها محافظاً لحضرموت، عام 2001 وحتى عام 2007 عُين وزيراً للإدارة المحلية، ثم وزيراً للدولة وأميناً للعاصمة صنعاء، وترأس لجان وساطة حكومية مع الحوثيين أكثر من مرة.
وإذا كان الرد المتوقع من قبل الفريق الانقلابي ينذر بمزيد من تدهور الوضع الأمني في اليمن وربما على الحدود السعودية-اليمنية، فإن السعودية باتت تواجه ضغوطاً دولية إضافية، ناتجة بشكل أساسي عن إعلان واشنطن مراجعة تعاونها مع التحالف العربي، بعد استهداف صالة العزاء في صنعاء.
وأعلن التحالف العربي الذي تقوده الرياض، عن فتح تحقيق في مقتل المعزّين، على الرغم من نفيه مسؤوليته عنها ليل السبت. وأبدى التحالف استعداده لإشراك الولايات المتحدة في تحقيق "فوري" حول حادثة صنعاء. وقال في بيان مساء السبت "سوف يتم إجراء تحقيق بشكل فوري من قيادة قوات التحالف وسيسعى فريق التحقيق للاستفادة من خبرات الجانب الأميركي والدروس المستفادة في مثل هذه التحقيقات". وتعهد بـ"تزويد فريق التحقيق بما لدى قوات التحالف من بيانات ومعلومات تتعلق بالعمليات العسكرية المنفذة في ذلك اليوم وفي منطقة الحادث والمناطق المحيطة بها، وستعلن النتائج فور انتهاء التحقيق".
وأعربت قيادة التحالف "عن عزائها ومواساتها لأسر الضحايا والمصابين في الحادثة المؤسفة والمؤلمة التي وقعت في صنعاء"، مؤكدة أن "لدى قواتها تعليمات واضحة وصريحة بعدم استهداف المواقع المدنية وبذل كافة ما يمكن بذله من جهد لتجنيب المدنيين المخاطر".
وفي إطار ردود الفعل الدولية، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حادثة استهداف صالة العزاء في صنعاء، مشيراً في بيان إلى أن "التقارير الأولية" ترجح أنها ناتجة عن غارات للتحالف العربي. وشدد على أن "أي هجوم متعمد ضد المدنيين هو غير مقبول على الإطلاق"، وداعياً إلى "تحقيق سريع ومحايد في هذا الحادث". وفي موقف من شأنه زيادة الضغط على السعودية، قال بان كي مون إن "المسؤولين عن هذا الهجوم يجب أن يمثلوا أمام العدالة".
وكان التحالف استبق إعلان التحقيق بنفي مسؤوليته، قائلاً إنه لم ينفذ عمليات عسكرية في المكان، وأنه يجب النظر في "أسباب أخرى". إلا أن هذا النفي لم يحل دون توجيه واشنطن، أبرز مزودي الرياض بالأسلحة، انتقادات حادة للتحالف. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، نيد برايسان، إن "التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والسعودية ليس شيكاً على بياض (...) وفي ضوء هذه الحادثة وغيرها من الحوادث الأخيرة، شرعنا في مراجعة فورية لدعمنا الذي سبق وانخفض بشكل كبير للتحالف الذي تقوده السعودية". وأضاف أن "واشنطن مستعدة لتصحيح دعمها بما يتلاءم بشكل أفضل مع المبادئ والقيم والمصالح الأميركية، بما في ذلك التوصل إلى وقف فوري ودائم للنزاع المأسوي في اليمن".