ظاهرة غريبة باتت تؤرق المغاربة، إنها "التشرميل" التي يقوم فيها بعض المجرمين وأصحاب السوابق، في تحد كامل للمجتمع والمؤسسات الأمنية، باستعراض قوتهم وشراستهم بشكل علني في الشوارع المغربية، حيث يحملون السيوف والأسلحة البيضاء. وبلغت بهم الجرأة حداً كبيراً حيث يروِجون لأنفسهم، ويعرضون صورهم وغنائمهم على صفحات "فيسبوك" ويدعون متتبعي صفحاتهم للانضمام إليهم مهددين كل من يخالفهم.
المشرمل والمشرملة
انتشرت هذه الظاهرة الغريبة بشكل لافت في العديد من أحياء المدن الكبرى كالدار البيضاء، حيث تفشت الجريمة بشكل مروع بين شباب، يسايرون أحدث صيحات الموضة ويرتدون أغلى الملابس وينتعلون الأحذية الرياضية الغالية، ويمتلكون أحدث الهواتف المحمولة ويمارسون السرقة بالاكراه ويبتزون الناس في الشوارع والاحياء السكنية، ويطلقون على أنفسهم لقب "مشرمل".
ومع تطور الظاهرة، بدأت تظهر صور فتيات يشاركن في التشرميل أو البلطجة ويسايرن اصدقاءهن من الشباب، ويسمين أنفسهن مشرملات.
فزع وذهول
في الحالات العادية غالباً ما يحاول المجرم التخفي، وعدم ترك أثر لجريمته أو علامة على شخصيته. لكن هؤلاء المجرمين يصرون على إظهار هوياتهم أمام العلن وهم يشعرون بنوع من النشوة والانتصار على السلطات، وخصوصاً أنه لا يجري القبض عليهم.
ولشرح هذا السلوك الغريب، قال دكتور الأمراض النفسية، محسن بنيشو، إن غرض هذه العصابات من وراء ذلك هو تخويف الناس وإرهابهم، موضحاً أن نسبة كبيرة من هؤلاء يعانون من أمراض نفسية واضطرابات عقلية، وأن أغلب ما يميزهم هو الخروج على القانون. وعُدّ قيامهم بنشر صورهم على موقع "فيسبوك" نوعا من الدعاية والترويج لأخبارهم حتى يتناقلها أكبر عدد ممكن من المواطنين، فينتشر بذلك الفزع والخوف بين الناس.
وأشارإلى أن هؤلاء المجرمين لا يراعون أي حقوق، ولا يتورعون على القيام بأي عمل مهما بلغت خطورته ضد كل من يحاول التصدي لهم، موجهاً نصيحته لكل من يتعرض للسرقة والابتزاز بعدم مقاومة هؤلاء العصابات حتى لا يخسر حياته مع متاعه.
وقال بنيشو إن غياب الأمن وعدم قدرته على السيطرة على هؤلاء جعلاهم يتمتعون بجرأة أكبر، وجعلا صورة الأمن هزيلة جداً في نظر المواطن.
مسيرات احتجاجية
وفي محاولة للتصدي لهذه الظاهرة، أطلق مئات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات احتجاجية، كما دعوا إلى تنظيم مسيرات ضد الانفلات الأمني، خصوصاً في العاصمة الاقتصادية – الدار البيضاء ــ التي ارتفعت فيها نسبة الجريمة، مطالبين الدولة بتوفير الأمن والقبض على المجرمين.
وقال أحد النشطاء: "لقد أصبح طبيعياً مشاهدة العديد من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر شباناً وشابات يحملون أسلحة بيضاء ويتباهون بعرض مسروقاتهم بوجوه مكشوفة، دون أن يُقبض عليهم، أين هو دور الأمن؟". وقال آخر: "من أغرب ما رأيت في حياتي أن يظهر المجرم نفسه للعلن، لا أدري ما هذه الوقاحة وكيف أصبح هؤلاء المجرمون يتجرأون على نشر صورهم. كيف تخلصوا من الخوف من العدالة".
استنكار برلماني
وكانت النائبة خديجة الرويسي قد وجهت أخيراً رسالة إلى وزير الداخلية، محمد حصاد، حول خطورة ظاهرة "التشرميل"، متسائلة عن الوسائل التي ستتخذها الوزارة لمحاربتها وحماية المواطنين من هؤلاء المجرمين مطالبة بالتدخل "العاجل والفوري لضمان الأمن".