شكّلت ألمانيا منذ بدايات القرن العشرين مسرحاً لارتباط الفن بالحرفة نتيجة التحوّلات المتسارعة من نمط الإنتاج الزراعي إلى الصناعة، التي اتسعت مجالاتها بشكل متزايد تطلّب مساهمة الفنانين والمعماريين في تطوير تصاميمها، وربما تكون مدرسة باوهاوس الأشهر عبر التاريخ.
معرض "التصميم الألماني.. عنوان الإبداع"، الذي افتتح في الثالث من الشهر الجاري في غاليري "الرواق" في "متاحف قطر" ويستمر حتى الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير المقبل، يرصد العلاقة الجدلية بين الفنون والصناعة منذ خمسينيات القرن الماضي وإلى اليوم.
تنتمي مقتنيات المعرض الذي أشرف على تجهيزه الأكاديمي والقيّم الألماني مارتن روث (1955 – 2017)، إلى مجموعات فنية تعود ملكيتها لعدد من أبرز المؤسسات الثقافية الألمانية مثل "متحف فيترا للتصميم"، و"متحف نيو ساملونج"، و"متحف بورش"، و"متحف الفنون التطبيقية" في فرانكفورت.
تتنوّع الأعمال المعروضة التي تعود إلى عدد من أبرز المصممين الألمان، ضمن تخصّصات مختلفة؛ من بينها التصميم الغرافيكي والعمارة وتصميم المنتجات والأثاث والموضة والسيارات. كما تسلط الضوء على تأثير التصميم الألماني على أشياء واسعة الانتشار منها الهواتف والكاميرات، وتتبّع مراحل تطوّر السيارات منذ ظهورها، مثل "بورش 911 توربو" و"فولكس فاغن غولف".
يمتدّ المعرض الذي يُقام ضمن فعاليات "العام الثقافي قطر - ألمانيا 2017" على أكثر من 4 آلاف متر مربع ويتألّف من ثلاثة أقسام رئيسية، هي: المعروضات، ومختبر التصميم، والبرنامج التفاعلي. بالنسبة إلى المعروضات، فتتوزّع على خمس قاعات، تؤرّخ كل قاعة لحقبة زمنية محددة، وتتنوع بين الهياكل والصور ومقاطع الفيديو، ويمثّل "مختبر التصميم" تجربة تفاعلية مدعومة بالوسائط المتعددة تتيح للزوار التعرّف على مراحل التصميم المختلفة والمشاركة فيها بأنفسهم، أما البرنامج التفاعلي فيتضمن أنشطة عدة، وورشاً تعليمية، ومحاضرات يلقيها مصممون ألمان.
يُعرض حوالي 400 عمل منها عدد من الدراسات ونماذج التصميم الأولية التي لم يُكشَف عنها للجمهور من قبل، قام بها أكثر من 30 مصمّماً مثل فري أوتو، وأشيم منجس، وفرديناند ألكسندر بورش، وديتر رامز، وريتشارد ساببر، وماكس بيل.
على هامش المعرض، تُنظّم ورش عمل ومحاضرات تركّز على الجوانب النظرية والعملية للتصميم، يقدّمها عدد من االباحثين؛ من بينهم ماتيو كريز، مدير "متحف تصميم فيترا"، ولوتز فوجينر من "جامعة بورزهايم للعلوم التطبيقية".