تستأنف هيئة الحقيقة والكرامة في تونس، جلسات الاستماع العلنية، يومي 10 و11 مارس/آذار. واختارت الهيئة أن تستعرض جلسة اليوم الأول الانتهاكات التي طاولت النساء، طيلة الفترات السياسية السابقة، حيث تستمع إلى شهادات زوجات المساجين السياسيين، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. وتدور الجلسة الثانية حول الرقابة على الإنترنت، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الرقابة على الإنترنت.
وقالت رئيسة لجنة المرأة في هيئة الحقيقة والكرامة، إبتهال عبد اللطيف، لـ"العربي الجديد"، إن آلاف النساء من المساجين السياسيين تعرّضن إلى عديد الانتهاكات، وتعرّضن إلى انتهاكات ممنهجة. مبينة أن الناشطات الحقوقيات تعرّضن بين 1955 و2013، للضرب والسجن والاعتداء، وتم اختيار فئة من النساء لتقديم شهاداتهن في أولى الجلسات العلنية.
وأوضحت عبد اللطيف، أنّ الهدف من تقديم هذه الجلسات العلنية ألا تتكرر مثل هذه الممارسات، خاصة بعد الدستور التونسي الجديد الضامن للحريات والمنادي بالديمقراطية والحرية.
وكشفت الهيئة، في ندوة صحافية بمقرها، اليوم الأربعاء، عن مستجدات أعمالها، بحضور خبراء دوليين قدِموا إلى تونس لمساعدة الهيئة في التحقيق والتقصي حول ملفات الفساد، بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وقال رئيس لجنة التحكيم والمصالحة، خالد الكريشي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مجال المصالحة لا يزال مفتوحا أمام رموز النظام السابق ورجال الأعمال والموظفين العموميين والسياسيين وكل الأشخاص الذين تعلّقت بهم شبهات فساد"، مؤكدا أن هؤلاء يمكنهم تقديم ملفاتهم وحل مشاكلهم العالقة عن طريق آليتي الصلح والمصالحة، وأنّ اللجنة بصدد قبول ملفات الفساد المالي.
وأوضح الكريشي، أن هناك تجاوبا من الدولة، وتحديدا من المكلف العام بنزاعات الدولة، والذي يتولى دراسة وتقييم هذه الملفات، معتبرا أن الدولة تقدمت بـ685 ملفا يخص الفساد المالي والاعتداء على المال العام، بوصفها متضررة وضحية هذه الانتهاكات.
العدالة الانتقالية
وقالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، إنّ مسار العدالة الانتقالية والنظر في بعض الملفات صعب ومتشعب، ولذلك ارتأت الهيئة تخصيص ورشات عمل بالاستعانة بتجربة خبراء دوليين في هذا المجال.
وأوضحت بن سدرين، أن "هذه الورشات مثلت فرصة لتوحيد استراتيجيات البحث والمعالجة، وتوحيد الرؤية، وتحديد قاسم مشترك للدّفاع عن الصالح العام"، مبينة أن الهيئة، وبموجب قانون العدالة الانتقالية، تضطلع بمهمّة النظر في ملفات الفساد، خاصة أن المشرّع التونسي ربط بين جرائم الفساد وجرائم حقوق الإنسان.
وأضافت أن الهيئة قامت باستشارة وطنية حول كيفية وآليات جبر الضرر، مبينة أنه سيتم قريبا الإعلان عن تركيبة صندوق الكرامة، والذي سيتم بمقتضاه تعويض الضحايا عما لحقهم من ممارسات.
وأوضحت بن سدرين، أن الهيئة تمكنت من النفاذ إلى العديد من الملفات التي ساهمت في كشف الحقائق، معتبرة أنّه بين الملفات التي لم تفتح بعد أمام الهيئة؛ ملفات البوليس السياسي بمقر وزارة الداخلية، معبرة عن أملها في أن يطلع التونسيون ذات يوم على التقارير التي كتبت في فترة ما ضدهم.
وأشارت إلى أنّ الهيئة وصلت إلى إبرام 3 اتفاقيات هامة مع القضاء، وأصبحت الأحكام وفقها باتّة ونهائية، وهي أحكام تتعلق بعقار لمواطن تونسي انتزعه أقرباء الرئيس المخلوع وتم إعادة الأرض إلى أصحابها. وقضية تتعلق بطرد مسؤول كبير في الدولة من وظيفته لأسباب سياسية في فترة ما قبل الثورة، مبينة أنه بعد استيفاء الإجراءات حول ملفه تمت الموافقة على إرجاع جميع مستحقاته التي حرم منها طيلة الأعوام السابقة. وملف ثالث يخص رجل أعمال متهما بالتهرب الجبائي، وتم إبرام اتفاقية صلح مع الدولة، تم بمقتضاها إيداع أموال في الخزينة العامة.
وأشارت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، إلى أنه ورد إلى الهيئة أكثر من 62 ألف ملف، منها 16634 ملفا تخص النساء ضحايا الانتهاكات، وتمت معالجة 870 ملفا ورفض النظر في 55 ملفا، لأنها لا تندرج ضمن صلاحيات الهيئة. كما رفض المكلف العام بنزاعات الدولة قبول 568 ملفا لا يمكن أن تندرج ضمن المصالحة.