في ظلّ تصاعد الخلافات بين شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، "أمان"، وجهاز المخابرات العامة "الشاباك"، تراجع الأخير، اليوم الخميس، عن ادعاءات بعض كبار قادة جهاز المخابرات بأنّهم "وجّهوا لوزارة الأمن وللحكومة، قبيل العدوان الأخير على غزة، تحذيراً من أنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تستعد لشن حرب جديدة على إسرائيل".
وجاء في توضيح رسمي لـ"الشاباك"، نشره موقع "والا" ومواقع عبرية أخرى، أنّ "الشاباك كان قد حذّر من أن حماس تستعد لتنفيذ عملية كبيرة من شأنها أن تجر إلى معركة جديدة، لكنّه لم يحذر من حرب مقبلة".
وكان الخلاف بين "الشاباك" والجيش بلغ ذروته، أمس الأربعاء، عندما وجّه رئيس أركان الجيش، بني غانتس، شكوى رسمية بهذا الخصوص لرئيس الحكومة المسؤول عن جهاز "الشاباك"، بنيامين نتنياهو، مطالباً الجهاز بالاعتذار.
واحتلت هذه الشكوى العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، التي أشارت إلى غضب "الشاباك" من فوز الجيش بكل التقدير على أدائه في العدوان على قطاع غزة، من جهة، وتأكيد الجيش أنّ جهاز المخابرات فشل في توقع شن الحرب من قِبل حركة "حماس"، بينما يدّعي الأخير أنّه وجّه تحذيراً من نوايا الحركة قبل اندلاع العدوان بأشهر.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن رسالة غانتس طالبت نتنياهو بأن "يُلزم رئيس الشاباك يورام كوهين، بالاعتذار عن ادعاءاته ضد الجيش، وأن يعمل على ضبط وكبح جماحه"، مشيرة إلى أنّ موظفين رفيعي المستوى، وصفوا الحرب الدائرة بين جهاز "الشاباك" والجيش الإسرائيلي، على خلفية غزة بمثابة "حرب عالمية".
ووفقا لـ"هآرتس"، فإن نتنياهو استدعى كلا من وزير الأمن، موشيه ياعلون، ورئيس أركان الجيش، بني غانتس، ورئيس "الشاباك"، يورام كوهين، ووبخ كلا من غانتس وكوهين، على اعتبار أن هذه القضية يجب حلّها بصورة سرية وبعيداً عن الإعلام.
وكان رئيس "الشاباك" قد أكّد خلال جلسات "الكابينت" الإسرائيلي، إبان العدوان، أنّ "جهازه رفع تقارير عدّة حول نوايا حماس، إلاّ أنّ الجيش لم يأخذها في الحسبان".
في المقابل، زعم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال أفيف كوخافي، الذي يشغل، اليوم، منصب قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أنّ "الجيش لم يتلق أية تحذيرات بهذا الخصوص"، مما أدى إلى تراشق الاتهامات أمام الوزراء، الذين قال بعضهم إنهم لا يذكرون تلقي تقارير وتحذيرات من "الشاباك" بهذا الشأن.
وذكرت "هآرتس"، أيضاً، أنّ تراشق الاتهامات بين الجيش و"الشاباك" تكرر أمام أعضاء اللجنة السريّة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، المنبثقة عن لجنة الأمن والخارجية التابعة للكنيست، مما دفع بأعضاء اللجنة إلى توجيه رسالة عاجلة إلى كل من نتنياهو وياعلون، للتدخل لوقف الحرب الدائرة بين الاستخبارات العسكرية وبين الشاباك.
ولفتت الصحيفة العبريّة، في هذا السياق، إلى أنّ "رسالة غانتس تعتبر خطوة خارجة عن المألوف، في العلاقات بين الجيش وبين جهاز المخابرات العامة".
ويعكس الخلاف بين الجهازين ضمان تبرئة ساحة كل منهما من الاتهامات والانتقادات، التي وجهت إليهما خلال العدوان على غزة، ولا سيما الاتهامات والانتقادات، التي وجهت إلى جيش الاحتلال، بأنّه لم يستعد كما يجب لاحتمالات اندلاع دورة جديدة من الردع في غزة، مقابل اتهامات من الجيش بأنّ "الشاباك" وهو المسؤول عن جمع المعلومات من قطاع غزة والضفة الغربية، لم يرفع تقارير حول هذا الأمر، وأنّ الجيش تصرف كمن يعمل في الظلام.