ومنذ الساعة الخامسة عصرا، موعد بدء اجتماع المجلس، توجه عشرات الصحافيين والناشطين السياسيين والمحامين الحقوقيين، إلى مقر النقابة في وسط القاهرة، لإعلان تضامنهم مع البلشي.
وفي الطابق الثالث، حيث غرفة اجتماعات المجلس، حضر غالبية أعضائه الاجتماع الطارئ، فيما انتظر المتضامنون في الخارج، في انتظار ما ستسفر عنه المناقشات.
وفي منتصف الاجتماع، خرج نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، من الاجتماع، متوجها إلى المصعد للخروج من النقابة، من دون إعلان إبداء سبب أو رد عن مغادرته الاجتماع قبل نهايته، فيما ردد بعض أعضاء المجلس بأنّ "لديه موعداً هامّاً".
وفي أثناء الاجتماع، كان بعض أعضاء المجلس يخرجون ليتحدثوا مع المتضامنين. كان أولهم البلشي ذاته، الذي أعلن أنه سيمثل للتحقيق متى تم استدعاؤه، وأنه متفائل بانتهاء الأمر برمته، ولكنه يرجو أن ينتهي الأمر بناءً على موقف قوي من النقابة، لتكون بمثابة رسالة نقابية هامة في هذا الظرف السياسي، وقال: "كدا كدا هتتحل.. بس نفسي تتحل من خلال النقابة.. للحفاظ على كيانها".
وأعلن البلشي توجهه إلى النيابة يوم السبت المقبل، قبل 24 ساعة من احتفال النقابة باليوبيل الماسي لها، المقرر يوم الأحد، والذي تقيمه النقابة تحت رعاية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وهي الرعاية التي عارضها عشرات الصحافيين، بمواقف وبيانات رافضة.
ثم خرج سكرتير عام النقابة، جمال عبد الرحيم، ليعلن للمتضامنين، أن أعضاء المجلس يعدون بيانا شديد اللهجة، فحواه "البلشي لن يمثل للتحقيق إلا بالإجراءات القانونية الكاملة وفي حضور النقابة، وأن مجلس النقابة في حالة انعقاد كامل لحين إنهاء الأزمة، وأنه تم إمهال وزارة الداخلية المصرية 48 ساعة لسحب البلاغ المقدم ضد البلشي، وإلا ستتخذ كافة الإجراءات التصعيدية الكافية".
وبخصوص رعاية السيسي للاحتفال، قال عبد الرحيم: "لا نقبل أن يزايد علينا أحد، والرعاية لا أعني دعوته للحضور، ومتمسكين بمواقف النقابة ومبادئها، ووجهنا الدعوة لثلاثة وزراء فقط ورئيس مجلس الشعب".
وأكد عبد الرحيم أن الاحتفال باليوبيل الماسي للنقابة، قائم في موعده، وإذا لم يتم حل أزمة البلشي قبله، فمن المتوقع أن تشهد الاحتفالات المستمرة على مدار الشهر، المزيد من التصعيد.
وبرر عبد الرحيم موقف النقابة من عقد اليوبيل الماسي تحت رعاية السيسي، مؤكداً أن القرار جاء بإجماع أعضاء المجلس، وأنه من حق الجميع الاتفاق أو الاختلاف على أي موقف سياسي، ولكن الأهم الاتفاق على المواقف النقابية، ملقياً باللوم على الصحافيين لعدم حضورهم الجمعية العمومية العادية للنقابة، والتي فشلت في الانعقاد لثلاث مرات متتالية لعدم اكتمال النصاب القانوني لها، وتلبية عشرات الصحافيين فقط الدعوة لحضور الجمعية العمومية، من أصل حوالى ثمانية آلاف صحافي نقابي.
وانتهى الاجتماع، بإصدار بيان شديد اللهجة، قالت فيه النقابة "ترفض نقابة الصحافيين تربص وزارة الداخلية بأعضاء النقابة، وبينهم الزميل خالد البلشي، وكيل النقابة ورئيس لجنة الحريات".
وأفاد البيان، الصادر عن مجلس النقابة عقب اجتماعه الطارىء، بأن النقابة تلقت بانزعاج شديد القرار الصادر عن النيابة العامة بضبط وإحضار الزميل، خالد البلشي، بناءً على بلاغ رسمي تقدمت به وزارة الداخلية، استند إلى اتهامات ملفقة تفوح منها بشدة رائحة استهداف الزميل، بسبب قيامه بواجبه النقابي دفاعًا عن الحريات العامة والمهنية.
وأدان مجلس النقابة، في بيانه، هذا البلاغ الذي اعتبره "يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التعسفية التي تقوم بها وزارة الداخلية في مجال الحريات العامة، وخصوصا حرية الرأي والتعبير، وسجل المجلس إدانته "الشديدة" لنهج "تحرير البلاغات الكيدية الذي ينم عن رغبة لدى بعض الأجهزة في افتعال أزمات غير حقيقية، تضر بمصلحة الوطن وتسيء إليه بشكل بالغ في هذه المرحلة الدقيقة، التي تمر بها البلاد"، بحسب البيان، الذي ذكر "كما أن هذا النهج يكشف عن تربص البعض بحرية الصحافة والصحافيين ورغبتهم فى إعادتنا إلى زمن قصف الأقلام وإلقاء أصحاب الرأي فى السجون. ويكشف أيضا عن ضيق هذا البعض من قيام مؤسسة النقابة ومجلسها المنتخب بدورهم وواجبهم المنوط بهم، بتكليف من الجمعية العمومية للصحافيين في الدفاع عن المهنة، والذود عن استقلال النقابة وحرية أعضائها في التعبير عن آرائهم وممارسة مهنتهم في ضوء ما قرره القانون والدستور".
واستعرض مجلس النقابة الاتصالات، التي جرت من جانب نقيب الصحافيين وعدد من أعضاء المجلس والزملاء الصحافيين مع مسؤولي وزارة الداخلية لمطالبتهم بسحب الوزارة للبلاغ ضد البلشي، وطالب مجلس النقابة، بناء على تلك الاتصالات، بسرعة إنهاء الوزارة الأزمة المفتعلة، التي خلفها تقديم البلاغ بشكل عاجل ونهائي.
وشدد المجلس على أن البلشي لن يمثل أمام النيابة إلا طبقاً للإجراءات القانونية المتبعة، ومن ضمنها ضرورة إخطار النقابة رسمياً بالموقف النهائي للوزارة.
وقرر مجلس النقابة اعتبار اجتماعه مفتوحاً حتى انتهاء هذه الأزمة بشكل يليق بمؤسسة النقابة، وجمعيتها العمومية ومجلسها المنتخب، وسيعقد المجلس جلسة أخرى الخميس المقبل، لاتخاذ ما يلزم من قرارات في ضوء تطورات الأزمة.