حصل "العربي الجديد" على صور خاصة تظهر وجود عدد من عناصر ميليشيا "عصائب أهل الحق" برفقة قوات من الشرطة العراقية أمام جامع "مصعب بن عمير" عقب تنفيذ المجزرة في الجامع يوم الجمعة بدقائق معدودة.
ويظهر في إحدى الصور عناصر المليشيا، وهم يضعون الأشرطة الخضراء الخاصة بالعصائب على رؤوسهم ويرتدون أزياء مختلفة، فيما تظهر في صورة أخرى سيارة إسعاف عسكرية تقف قرب باب الجامع الامامي مع ثلاثة جنود، كما يتواجد مسلحون يرتدون الزي الأسود والمرقط عند الجدار والباب الخلفي للجامع في صورة أخرى.
وقال مقدم في شرطة محافظة ديالى لـ"العربي الجديد" إن "الشرطة وصلت وكان أفراد الميليشيا لا يزالون في المكان وقد ارتكبوا للتو جريمة أخرى في المنزل المجاور للجامع، إذ دخلوا وقتلوا جميع سكان المنزل من الرجال الذين كانوا داخله، وهم عائلة الحاج حسن القيسي و15 شخصاً من أسرته بينهم ثلاثة أطفال وسيدتان"، مضيفاً أن "أفراد المليشيا رحلوا بشكل مريح ودون استعجال".
وتابع الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن" اعضاء الميليشيا متنفذون للغاية ولا سلطة لقوات الأمن عليهم وهي الأخرى تتعرض لتبعية رجال دين نافذين وأحزاب وقادة ميليشيات وليس لوزارة الداخلية في بغداد"، مؤكداً أن "هناك انشقاقات داخل جهاز الشرطة بسبب المجزرة لتستر القادة على المتورطين فيها، علماً أنهم لم يهربوا وما زالوا متواجدين في المنطقة دون خوف من أحد، فاعتقالهم دونه قرار سياسي مستحيل".
والتقى "العربي الجديد" أحد الناجين من مجزرة جامع "مصعب بن عمير"، وهو أحمد الويسي الذي استفاد من ارتماء والده عليه داخل المسجد، فلم تخترق الرصاصات التي صدها والده جسده باستثناء ثلاث في ساقه وأسفل بطنه.
ويروي الويسي لـ"العربي الجديد" الأحداث التي جرت فيقول "كنا في المسجد والخطيب على المنبر يستعد للنزول لأداء الصلاة، وكان الجامع يغص بالمصلّين عندما دخل نحو 10 مسلحين يرتدون ملابس رياضية وآخرون ملابس عسكرية مثل تلك التي يرتديها الجيش العراقي، وأغلقوا باب الجامع علينا، وتوقّعنا لوهلة أنهم سيفتشون الجامع كما يفعلون كل مرة عند دخولنا للصلاة لكنهم قتلوا الخطيب ثم أداروا بنادقهم نحونا وهم يردّدون عبارات طائفية بشعة".
ويتابع الويسي "ظل المسلحون يطلقون النار لأقل من دقيقة، وكلنا سقطنا بين قتيل وجريح. وكنت أسمع حشرجة صوت أبي وهو ينزف من صدره على وجهي".
وأضاف إن "آخر ما قاله لي "سوي نفسك ميت أبني"، لكنه سكت عندها ولم احاول تحريكه حتى لا يعرفوا اني حي، لكنهم عادوا مرة أخرى بحرية يدوسون على الجثث وشعرت بذلك ولم أره وأطلقوا النار على عدد من المصلين".
ويضيف "غادروا الجامع وكانوا يطلقون النار أيضاً وهذا آخر ما أتذكره. فقدت الوعي ولم أشعر إلا وأنا في المستشفى. وعلى وقع بكاء حار، أنهى الويسي حديثه عن والده والمجزرة بقوله "كان صديقي وحبيبي أنقذ حياتي ولطالما فعل، المجرمون غادروا ولم يعترضهم أحد وكانت اقرب نقطة تفتيش عن الجامع لا تبعد 200 متر وكان صوت الرصاص يدوي في كل القرية فكيف لم يسمعوا".