وقال عضو مجلس محافظة بغداد محمد العزاوي لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف العشوائيات من الملفات الخطيرة التي خرّبت التخطيط العمراني لبغداد، وكذا للمحافظات الأخرى"، مبيناً أنّ "الخرائب والمنازل التي شيدت على تلك العشوائيات لم تكن بصورة نظامية، وقد تفاقمت اليوم لتصبح ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها".
وأكد أنّ هناك عوائل ليس لها مأوى أجبرت على السكن في العشوائيات، لكن بالمقابل هناك من استوطن تلك العشوائيات، في محاولة للحصول على قطعة الأرض، كما أنّ هناك جهات حزبية وحكومية باعت بعض القطع والحدائق العامة للعوائل لتستوطنها، ليصبح موضوع العشوائيات ربحياً.
وتابع: "لم تستطع الجهات الحكومية السيطرة على تلك العشوائيات واستعادتها، إذ لا يوجد قرار حكومي واضح بهذا الصدد، فضلاً عن وجود جهات سياسية داعمة لوجود العشوائيات ومستفيدة منها"، محملاً الحكومة والبرلمان "مسؤولية إيجاد الحلول الناجعة لهذه الظاهرة التي تنعكس سلباً على الواقع العمراني للمدن".
من جهتها، قالت وزارة التخطيط في بيان صحافي، إنّه "بمشاركة وزير التخطيط، وكالة فؤاد حسين، والأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، ومدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في العراق يوكواو تسوكي، ووكلاء وزارات التخطيط والمالية والإسكان والإعمار والبلديات وعدد من المديرين العامين في وزارة التخطيط، ووزارات أخرى، عقدت اللجنة التوجيهية العليا لمشروع معالجة العشوائيات اجتماعاً موسعاً في وزارة التخطيط، ناقشت خلاله آليات ومراحل تنفيذ المسح الشامل للتجمعات العشوائية في العراق، الذي من المؤمل تنفيذه في العام المقبل 2019، في إطار البرنامج الوطني لإعادة تأهيل وتسوية تجمعات السكن العشوائي".
وأضافت، أنّ "اللجنة ناقشت باستفاضة مراحل تنفيذ المسح الشامل للتجمعات العشوائية، وما تم تحقيقه من خطوات في إطار برنامج المعالجة خلال السنتين الماضيتين".
وتسعى الأمم المتحدة إلى مساعدة الحكومة العراقية، لمعالجة العشوائيات. وأكدت مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في العراق (الهبيتات) يوكواو تسوكي، أنّ "البرنامج يعمل على مساعدة الحكومة العراقية لمعالجة ملف العشوائيات، وهذا الأمر ضمن سلّم الأولويات للبرنامج"، معربة عن "الالتزام الكامل بحل هذه المشكلة وفقاً لخريطة الطريق التي وضعت بالتعاون مع الجانب العراقي".
بينما أشارت المديرة العامة التنفيذية لاستراتيجية التخفيف من الفقر، نجلاء علي مراد، إلى أنّ "نحو 3 ملايين و300 ألف عراقي يقطنون في تلك العشوائيات، ويمثلون نسبة 13 بالمئة من سكان العراق، وأنّ هذا الأمر بحاجة إلى معالجة"، مؤكدة أنه "تم وضع برنامج وطني لإعادة تأهيل السكن العشوائي الذي يتضمن مجموعة من الخطوات والإجراءات بالتنسيق مع (الهبيتات)، بعض منها يتعلق بإطار العمل الفني، وأخرى بالجوانب القانونية والمالية، فضلاً عن الإطار المؤسسي وتوفير المستلزمات الساندة للعمل والمتابعة".
وأوضحت أنّ "برنامج المعالجة يتضمن ثلاث مراحل رئيسية؛ تتلخص المرحلة الأولى بالتهيئة والإعداد والمباشرة بالمعالجة، وفيها الكثير من الخطوات والإجراءات التي أنجز بعضها، والمرحلة الثانية هي للمعالجة والحد من تفاقم ظاهرة العشوائيات وفق جدول زمني سنوي، يعتمد على الخطة الاستثمارية وميزانية تنمية الأقاليم ليشمل جميع المحافظات، وعلى مدى أربع سنوات وبحسب المحافظة، فيما تتضمن المرحلة الثالثة معالجة أسباب نشوء العشوائيات، بهدف إيقاف ومنع تكرارها مستقبلاً".
وأكدت أنّه "في هذه المرحلة الأخيرة يتم تنظيم ملف إدارة الأراضي السكنية، وإرساء نظام تقديم التسهيلات في مجال التمويل، بأسلوب القروض، أو الدعم وتوفير السيولة المالية".
ويؤكد مراقبون، أنّ ظاهرة العشوائيات يصعب السيطرة عليها، لوجود جهات مستفيدة مادياً منها، ويقول الأستاذ في جامعة بغداد عبد الله حميد الجبوري لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف العشوائيات يعدّ صعباً، ولن تستطيع الحكومة حلّه، لوجود جهات حكومية متنفّذة مستفيدة هي وعناصرها من هذه التجاوزات، إذ تم الاستيلاء على أراض مميزة وسط العاصمة بغداد، تصل أسعارها إلى ملايين الدولارات".
ويبرز أنّ "بغداد تحتل المرتبة الأولى في العشوائيات، وتتجاوز المليون عشوائية في مركز المحافظة والبلدات التابعة لها".
يشار إلى أنّ السكن العشوائي بدأ في العراق عقب عام 2003، وما أعقبه من انهيار مؤسسات الدولة، إذ لجأت إليه العوائل التي لا تمتلك سكناً، بينما اتسعت العشوائيات بشكل كبير لتشمل مساحات واسعة في البلاد، ومناطق حيوية في قلب العاصمة، كالحدائق والدوائر في قلب المدن، بعدما دخلت الأحزاب والجهات السياسية للاستفادة منها.