"الفن سلاح" هي واحدة من الفرق الموسيقية الشبابية في تونس، التي تتّخذ من الشارع منصّةً ومن المارّة جمهوراً لها. حضورها الدائم في عدد من الجادات ومحطّات الميترو كثيراً ما يلفت أنظار العابرين، سواءً كانوا من المعجبين بفكرة ممارسة الموسيقى في الشارع، أو الفضوليين الذين لم يعتد كثيرٌ منهم على مشاهد كهذه.
تتكوّن الفرقة من خمسة أعضاء؛ هم: رغدة فحولة ومحبّ الوسلاتي وصهيب الزلزلي ومهدي خليفة ونور الزمان خليفة، ويقول هؤلاء إن ممارسة الفن في الفضاءات العمومية يجسّد "حقّ المقهورين في الاستمتاع بالحياة".
ليست الفرقة معروفةً كثيراً على الصعيد الإعلامي، لكنها لم تعُد كذلك بعد أن لفتت، مؤخّراً، إضافةً إلى المعجبين والفضوليين، أنظار مارّة آخرين؛ إذ تناقلت عدد من وسائل الإعلام المحلّية وشبكات التواصل الاجتماعي خبراً يفيد بأن نشاط الفرقة أثار انتباه أحد رؤساء المراكز الأمنية، هو يمرّ بشارع "جون جوريس" في تونس العاصمة، فاستدعاهم إلى المركز وأجبرهم على التوقيع على تعهّد بعدم العودة إلى العزف في الطريق العام مجدّداً.
على صفحته في فيسبوك، روى وسيم عمراني، وهو عضو مجموعة أخرى تُسمّى "من حقي نعيش الفن"، تفاصيل الحادثة قائلاً: "ونحن مستمتعون، فوجئت بقدوم شخصين يمتطون دراجة نارية، ثم ترجّلا نحو المجموعة، وطلبوا إيقاف الموسيقى، ثم أبعدوا المارة. وبعد ذلك، طلبوا من أفراد مجموعة الفن سلاح، وبالتحديد محبّ وسلاتي مصاحبتهم إلى مركز الشرطة. وعند دخولهم إلى المركز، انقلبت المعاملة وجرى إجبار محب على إمضاء التزام بعدم لعب الموسيقى في الشارع بتاتاً".
وعبّر عمراني، على لسان مجموعته، عن إدانته لما أسماه "التضييق غير المبرّر لحرية التعبير الفني في الشارع، من أجل تكريس إبداع ملتزم بالدفاع عن حقوق الإنسان في شموليتها وخصوصاً الحريات الفردية والجماعية، وكل ما يتعلق بحريات الإبداع الفني والفكري".
أثار الموضوع استياءً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، وأعاد إلى الواجهة حوادث منع ومضايقة مماثلة تعرّض إليها فنّانون آخرون، خصوصاً منهم أعضاء فرق الغرافيتي.
وأمام هذا الوضع، بدا أن "وزارة الثقافة والمحافظة على التراث" وجدت نفسها محرجةً، فسارعت إلى إصدار بيان قالت فيه إنها "تشجّع العمل الإبداعي والأنشطة الثقافية بشتى أنواعها وانفتاحها على الفضاءات الخارجية".
وجاء في البيان إن الوزارة "تولّت متابعة هذه الحادثة التي تبيّن أنها ناتجة عن عدم التنسيق المسبق مع السلط المحلية، وتؤكّد دعمها المتواصل لكل المواهب الشابة في مختلف ضروب الفن وعملها على تيسير ممارسة أنشطتهم وتقديم تعبيراتهم الفنية للجمهور من دون تضييق".
بالطبع، لم ينتظر أعضاء الفرقة بيان الوزارة، إذ عادوا في اليوم الموالي للحادثة إلى "نهج مرسيليا" في العاصمة، غير مكترثين بالتعهّد الذي وقّعوا عليه، مكتفين بالدعم الذي لقوه من الشارع نفسه.