انطلقت" تقنية" الأغنيات المصوّرة أو "الفيديو كليبات" بداية تسعينيّات القرن الماضي. يومها استبدل المخرجون عرض الأغنيات المصوّرة في الاستديوهات، والأفلام التي كانت تنتج ليغنّي خلالها المطربون، بتقنية الكليب، الذي هو أقلّ من فيلم، وأكثر من أغنية مصوّرة. هذه التقنية التي ولدت في الولايات المتحدة الأميركية وانتشرت حتّى وصلت إلى العالم العربي.
شهد عقد التسعينيات ثورة بالمعنى الكبير لجهة الإنتاجات الخاصّة بالأغنيات، إن على صعيد الصوتيات أو المرئيات. ومع التطوّر بات الفيديو كليب ضرورة لا هروب منها لإنجاح الأعمال الغنائية في عصر الصوت والصورة. وصولاً اليوم إلى عصر الميديا البديلة والمواقع المتاحة على منصّات التواصل الاجتماعي.
أحمد دوغان الرائد
التسعينيّات وضعت أسس صناعة "الكليب العربي" بعد تجربة لبنانية قدّمها اللبناني أحمد دوغان من الولايات المتحدة الأميركية لأغنية "افكريني انت مين". وبدأ معها عصر الكليبات. لحق بدوغان مجموعة من المغنين الذين انطلقوا في ثمانينيات القرن الماضي، ومنهم راغب علامة. يومها أيضا لمع اسم المخرج اللبناني المهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الاهلية، رجا زهر، فتحوّل إلى ماركة مسجّلة لأوّل كليبات فعلية انطلقت من لبنان.
اليوم، بعد أكثر من 20 عامًا على "ثورة الكليبات" العربية، تحوّلت الأنظار إلى جعل هذه الصناعة قاعدة أساسية في أعمال المغنين، إن في لبنان أو في العالم العربي، وفي العالم طبعاً. وأصبحت تكلفة هذه الأعمال تتعدّى في أرقامها كلفة الألبوم الغنائي كاملا.
تبدأ كلفة "الكليب" من 30 ألف دولار أميركي لتصل أحيانًا إلى أكثر من مئتي ألف، بحسب ما يسرّب بعض المغنين ظنّاً منهم أنّ الكلفة الإضافية ترفع من مستوى الكليب المعنوي وأنّ صيت الأرقام يزيد من قيمة الأغنية أكثر من "السيناريو" أو المشاهد أو حتّى التقنيات.
أقرأ أيضًا:أغانٍ وكليبات وألبومات خليجية بالجملة
استنساخ الغرب
في العموم بقي الكليب العربي أقرب إلى استنساخ مؤثرات الكليبات الغربية. ومؤخّراً بات "الهروب" إلى الخارج موضة. فشهدنا هجرة عدد كبير من المنتجين العرب وتفضيلهم دول أوروبا الشرقية، منها صربيا، وصولاّ إلى الهند، في سبيل تغيير في المشاهد ربما ينقذ "الكليب" العربي من حالة الركود أو الروتين التي يعاني منها.
لكنّ ذلك لم يمنع في المقابل من استخدام بعض المؤثرات الروتينية أينما كان، مثل الرقص وتسليط الضوء على جمال المغنية أو أزيائها، دون العودة إلى الفكرة الأساسية التي قرّر المنتج أو الفنان إيصالها في "الكليب". فالفنانات العربيات يلجأن إلى مشاهد "جمال" فقط، ولا يتقنّ تقمّص الدور المفترض أن يؤدّينه.
المبالغة في "الشكل"
وحتّى لو ظهرت المغنية العربية في دور "فلاحة" ضمن الكليب، تجد "الماركات" العالمية هي الغالبة. وتكون عدّة "الجمال"، من أزياء وماكياج، هي "البطلة الثانية"، الحاضرة بقوّة لمنافسة المطربة على لفت أنظار المتابعين بدلاً من صبّ الاهتمام على الأغنية وأداء بطلتها.
أقرأ أيضًا:سيمور جلال يطلق "أخيراً" من أجل الحب
قل هو هروب إلى الوراء في الترويج لأغنية عبر تصويرها دون شروط، أو ثقة بمخرج يكشف في المقابل عن "عضلات" إبداعية لم نشهدها من قبل. والاستعانة بصرف المال ورفع الكلفة للقول إن "فلاناً" "سخيّ" على كليباته تضرب أحياناً مضمون الكليب وتعرقل الهدف الأساسي، وهو جعل العمل الغنائي مكتمل العناصر والشروط التي تؤهّله للنجاح. وهذا يعرّض الفنان إلى مخاطر النقد. وغالباً يفع المخرجون في "فخّ" التمثّل بفيديو كليبات غربية، ما يحرم بعض الطاقات الممتازة من قدرتها على التقدّم في هذا الفنّ.
الإنتاج الشخصي
تؤكد المنتجة المنفذة العانود معاليقي أنّ "معظم الأرقام التي تُسرّب إلى الإعلام عن تكلفة الكليبات المصوّرة مبالغ فيها". العانود نفّذت أكثر من 100 فيدي كليب وشاركت عدداً كبيراً من المخرجين في لبنان والعالم العربي بتطوير هذه الصناعة خلال العقد الأخير. لكنّها تعود وتكرّر، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "بعض الأرقام مبالغ فيها". وتتابع: "أصبحنا اليوم في عصر استهلاك كبير لجهة الإنتاج، كثُر المغنون في العالم العربي، وتوقف الضخّ الخليجي في شرايين الإنتاج الغنائي، وما يتفرّع منه، من الأغنيات إلى الكليبات والحفلات والمهرجانات".
أقرأ أيضًا:(فيديو)عبدالله الرويشد.. مهراجاً هنديّاً في "ما صدق خبر"
وتكمل العانود: "بعد هذا التقشّف تاه بعض الفنانين، إن في لبنان أو في العالم العربي، وهم يحاولون مجاراة الواقع اليومي للإنتاج، بعدما قطعت شركات الإنتاج حبل المساعدات المالية التي كانت تصل إلى شركات الإنتاج الكبرى.ولم نجد إلا طريقة واحده كمنتجين وهي الاستعانة بالعائدات المالية للفنانين أنفسهم في تنفيذ خطة عمل مكملّة لما بدأته شركات الإنتاج طوال سنوات. وهذا ما تفعله كبرى شركات الإنتاج العالمية إن في الولايات المتحدة الأميركية أو في أوروبا".
نهاية زمن الكليب؟
تسأل العانود: "من كان يظنّ أنّ الهبات المالية ستبقى داعمة لشركات الإنتاج منذ التسعينيات إلى اليوم"؟ وتجيب: "كان لا بدّ من الدخول في الخطة "ب" وهي إقناع الفنانين بالتنازل عن جزء من عائداتهم المالية في سبيل البقاء، وهذا ما نشهده اليوم. فقد بات الفنان في العالم العربي هو المنتج لأعماله. لكنّنا كمنتجين منفّذين محترفين نقود بـ90 في المئة من العمل في الكليبات".
في العموم تؤكد العانود أنّ كلفة الكليب الجيّد تصل اليوم إلى مئة ألف دولار كحدّ أقصى: "هذا في أفضل الأحوال، وكلّ ما نسمعه عن ارتفاع الكلفة أكثر من ذلك هو مجرّد مبالغة لا أجد تفسيراً لها، إلا إذا أقنعني المخرج ووضع أمامي لائحة مفصّلة بالتكاليف. ومبلغ الـ100 ألف يمكن أن نتخطّاه أو أن ننزل عنه وفق معايير نضعها بالاتفاق مع المغنّي، بحسب التقنيات التي يريدها.
شهد عقد التسعينيات ثورة بالمعنى الكبير لجهة الإنتاجات الخاصّة بالأغنيات، إن على صعيد الصوتيات أو المرئيات. ومع التطوّر بات الفيديو كليب ضرورة لا هروب منها لإنجاح الأعمال الغنائية في عصر الصوت والصورة. وصولاً اليوم إلى عصر الميديا البديلة والمواقع المتاحة على منصّات التواصل الاجتماعي.
أحمد دوغان الرائد
التسعينيّات وضعت أسس صناعة "الكليب العربي" بعد تجربة لبنانية قدّمها اللبناني أحمد دوغان من الولايات المتحدة الأميركية لأغنية "افكريني انت مين". وبدأ معها عصر الكليبات. لحق بدوغان مجموعة من المغنين الذين انطلقوا في ثمانينيات القرن الماضي، ومنهم راغب علامة. يومها أيضا لمع اسم المخرج اللبناني المهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الاهلية، رجا زهر، فتحوّل إلى ماركة مسجّلة لأوّل كليبات فعلية انطلقت من لبنان.
اليوم، بعد أكثر من 20 عامًا على "ثورة الكليبات" العربية، تحوّلت الأنظار إلى جعل هذه الصناعة قاعدة أساسية في أعمال المغنين، إن في لبنان أو في العالم العربي، وفي العالم طبعاً. وأصبحت تكلفة هذه الأعمال تتعدّى في أرقامها كلفة الألبوم الغنائي كاملا.
تبدأ كلفة "الكليب" من 30 ألف دولار أميركي لتصل أحيانًا إلى أكثر من مئتي ألف، بحسب ما يسرّب بعض المغنين ظنّاً منهم أنّ الكلفة الإضافية ترفع من مستوى الكليب المعنوي وأنّ صيت الأرقام يزيد من قيمة الأغنية أكثر من "السيناريو" أو المشاهد أو حتّى التقنيات.
أقرأ أيضًا:أغانٍ وكليبات وألبومات خليجية بالجملة
استنساخ الغرب
في العموم بقي الكليب العربي أقرب إلى استنساخ مؤثرات الكليبات الغربية. ومؤخّراً بات "الهروب" إلى الخارج موضة. فشهدنا هجرة عدد كبير من المنتجين العرب وتفضيلهم دول أوروبا الشرقية، منها صربيا، وصولاّ إلى الهند، في سبيل تغيير في المشاهد ربما ينقذ "الكليب" العربي من حالة الركود أو الروتين التي يعاني منها.
لكنّ ذلك لم يمنع في المقابل من استخدام بعض المؤثرات الروتينية أينما كان، مثل الرقص وتسليط الضوء على جمال المغنية أو أزيائها، دون العودة إلى الفكرة الأساسية التي قرّر المنتج أو الفنان إيصالها في "الكليب". فالفنانات العربيات يلجأن إلى مشاهد "جمال" فقط، ولا يتقنّ تقمّص الدور المفترض أن يؤدّينه.
المبالغة في "الشكل"
وحتّى لو ظهرت المغنية العربية في دور "فلاحة" ضمن الكليب، تجد "الماركات" العالمية هي الغالبة. وتكون عدّة "الجمال"، من أزياء وماكياج، هي "البطلة الثانية"، الحاضرة بقوّة لمنافسة المطربة على لفت أنظار المتابعين بدلاً من صبّ الاهتمام على الأغنية وأداء بطلتها.
أقرأ أيضًا:سيمور جلال يطلق "أخيراً" من أجل الحب
قل هو هروب إلى الوراء في الترويج لأغنية عبر تصويرها دون شروط، أو ثقة بمخرج يكشف في المقابل عن "عضلات" إبداعية لم نشهدها من قبل. والاستعانة بصرف المال ورفع الكلفة للقول إن "فلاناً" "سخيّ" على كليباته تضرب أحياناً مضمون الكليب وتعرقل الهدف الأساسي، وهو جعل العمل الغنائي مكتمل العناصر والشروط التي تؤهّله للنجاح. وهذا يعرّض الفنان إلى مخاطر النقد. وغالباً يفع المخرجون في "فخّ" التمثّل بفيديو كليبات غربية، ما يحرم بعض الطاقات الممتازة من قدرتها على التقدّم في هذا الفنّ.
الإنتاج الشخصي
تؤكد المنتجة المنفذة العانود معاليقي أنّ "معظم الأرقام التي تُسرّب إلى الإعلام عن تكلفة الكليبات المصوّرة مبالغ فيها". العانود نفّذت أكثر من 100 فيدي كليب وشاركت عدداً كبيراً من المخرجين في لبنان والعالم العربي بتطوير هذه الصناعة خلال العقد الأخير. لكنّها تعود وتكرّر، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "بعض الأرقام مبالغ فيها". وتتابع: "أصبحنا اليوم في عصر استهلاك كبير لجهة الإنتاج، كثُر المغنون في العالم العربي، وتوقف الضخّ الخليجي في شرايين الإنتاج الغنائي، وما يتفرّع منه، من الأغنيات إلى الكليبات والحفلات والمهرجانات".
أقرأ أيضًا:(فيديو)عبدالله الرويشد.. مهراجاً هنديّاً في "ما صدق خبر"
وتكمل العانود: "بعد هذا التقشّف تاه بعض الفنانين، إن في لبنان أو في العالم العربي، وهم يحاولون مجاراة الواقع اليومي للإنتاج، بعدما قطعت شركات الإنتاج حبل المساعدات المالية التي كانت تصل إلى شركات الإنتاج الكبرى.ولم نجد إلا طريقة واحده كمنتجين وهي الاستعانة بالعائدات المالية للفنانين أنفسهم في تنفيذ خطة عمل مكملّة لما بدأته شركات الإنتاج طوال سنوات. وهذا ما تفعله كبرى شركات الإنتاج العالمية إن في الولايات المتحدة الأميركية أو في أوروبا".
نهاية زمن الكليب؟
تسأل العانود: "من كان يظنّ أنّ الهبات المالية ستبقى داعمة لشركات الإنتاج منذ التسعينيات إلى اليوم"؟ وتجيب: "كان لا بدّ من الدخول في الخطة "ب" وهي إقناع الفنانين بالتنازل عن جزء من عائداتهم المالية في سبيل البقاء، وهذا ما نشهده اليوم. فقد بات الفنان في العالم العربي هو المنتج لأعماله. لكنّنا كمنتجين منفّذين محترفين نقود بـ90 في المئة من العمل في الكليبات".
في العموم تؤكد العانود أنّ كلفة الكليب الجيّد تصل اليوم إلى مئة ألف دولار كحدّ أقصى: "هذا في أفضل الأحوال، وكلّ ما نسمعه عن ارتفاع الكلفة أكثر من ذلك هو مجرّد مبالغة لا أجد تفسيراً لها، إلا إذا أقنعني المخرج ووضع أمامي لائحة مفصّلة بالتكاليف. ومبلغ الـ100 ألف يمكن أن نتخطّاه أو أن ننزل عنه وفق معايير نضعها بالاتفاق مع المغنّي، بحسب التقنيات التي يريدها.