لا تزال الرواية التي تكذّب واقعة صعود رائد الفضاء الأميركي نيل آرمسترونغ (1930 – 2012) على سطح القمر في يونيو/حزيران عام 1969 حاضرة بقوة، حتى في الثقافة الأميركية نفسها. في المقابل، سعى كثير من المهندسين والتقنيين وعلماء الفضاء، وحتى من السياسيين إلى تأكيد الأمر سواء من خلال الصور أو عبر عرض نماذج من صخور القمر.
بمناسبة مرور خمسين عاماً، يُفتتح الجمعة المقبل، 19 من الشهر الجاري في "متحف البحر الوطني" اللندني معرض "القمر"، والذي يتواصل حتى الخامس من يناير/كانون الثاني 2020.
يستكشف المعرض علاقة البشرية بأقرب جرم فضائي من كوكب الأرض، ويتضمّن لوحاً مسمارياً من بلاد ما بين النهرين، والذي يعتبر أقدم نقش بشري يُظهر كيف كان يتعامل القدماء مع كسوف القمر باعتباره طالع شؤم.
كما تُعرض "أقدم" رسومات رصد القمر التي التقطها تلسكوب يعود لعالم الفلك والرياضيات الإنكليزي توماس هاريوت (1560 – 1621)، وخريطة للقمر بمساحة 300 بوصة صمّمها المهندس والفلكي الويلزي هيو بيرسي ويلكينز (1896 – 1960) تُعرض للجمهور للمرة الأولى.
توضع الوثائق الأولى التي اعتمد عليها خبراء "ناسا" إلى جوار قطع ومعدّات استخدمت في "برنامج أبولو الفضائي" الذي أُطلق عام 1967، وتمّت استعارتها من "متحف سميثسونيان الوطني للطيران والفضاء" في واشنطن، إلى جانب مجموعة من الأعمال الفنية التاريخية والمعاصرة، والتي ستدرس القمر في سياق علاقة العلوم بالفن.
لا يغفل المنظّمون عرض وثائق "برنامج لونا الفضائي" الذي أنشأه الاتحاد السوفييتي، وضمّ سلسلة من المهمات الفضائية المرسلة ما بين عاميْ 1959 و1976 بهدف دراسة القمر، إذ أجرت العديد من التجارب لدراسة التركيب الكيميائي للقمر، والجاذبية، ودرجة الحرارة، والإشعاع، كما قام أعضاؤه بجمع عينات من تربة القمر، من خلال رحلات لأربع وعشرين مركبة فضائية لم ينجح معظمها.
كما يخصَّص جناحٌ لعرض معدات التصوير التي استخدمت لالتقاط أولى الصور على سطح القمر، والتي تعدّ الأكثر شهرة وانتشاراً في القرن العشرين، وجهاز الاتصال الذي كان يحمله رائد الفضاء إدوين ألدرين على متن "أبولو 11"، والعديد من الأدوات التي استخدمت في مهمات فضائية.
ولعلّ الجزء الأكثر طرافة من المعرض، هو التناول الفنّي للقمر وتحوّل هذه الصورة بتأثير من تطوّر التكنولوجيا أو بمعزل عنها، من ذلك لوحات للفنان الإنكليزي جوزيف مالورد ويليام تيرنر (1775 – 1851) أحد أبرز الفنانين الانطباعيين الذي رسم مشهد صفحة السماء والقمر والنجوم، وصولاً إلى النحات الغاني إيل أناتسوي (1944) بأعمال التجهيز التي يقارب فيها علاقة الأرض بالقمر.
كما تحضر أعمال الفنان البريطاني توم هاميك (1963) الذي يرسم مشاهد ليلة تحت ضوء القمر، والفنانة الفلسطينية لاريسا صنصور (1973) صاحبة "ثلاثية الخيال العلمي" التي تضم أفلام "هجرة إلى الفضاء" (2009)، و"مبنى الأمّة" (2012) و"في المستقبل أكلوا من أرقى أنواع الخزف" (2016).