تعيش أميركا هذه الأيام حركة انتقال في رأس السلطة، حيث أن الرئيس الحالي باراك أوباما يقضّي أيامه الأخيرة في "البيت الأبيض" فيما يستعد دونالد ترامب المنتخب مؤخراً إلى أخذ مكانه. المفارقة أن تغيّر الرؤساء والإدارات في أميركا كثيراً كانت عاملاً من عوامل "التغيير" في العالم، ومشاكله وحروبه أيضاً.
هذا الانعكاس هو ما يفحصه كتاب "مقتربات القوة الذكية الأميركية كآلية من آليات التغيير الدولي: الولايات المتحدة الأميركية أنموذجاً" للباحث العراقي سيف الهرمزي الصادر منذ أيام عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".
يحدّد المؤلف عوامل القوّة التي اتكأت عليها الولايات المتحدة، مبرزاً كيف أن الفكر السياسي الذي يحكمها عمل على أن تصبّ مخرجات التغيير في مصلحتها، ومن يحدّد تصوّره عن "القوة الذكية الأميركية كأداءٍ إستراتيجي جديد".
يتألّف الكتاب من أربعة فصول. في الأول؛ "الإطار المفاهيمي لمقتربات القوة الذكية والتغيير الدولي"، يتناول الهرمزي الأسس التي يقوم عليها البناء العلمي لمقتربات القوة الذكية الأميركية وآليات التغيير الدولي حيث يؤكّد أن مفهوم القوة مركّب وأن امتلاك عوامل القوة لا يكفي كي تكون الدولة مؤثرةً.
في الفصل الثاني؛ "القوة الذكية الأميركية: الأصول الفكرية والمقوّمات المادية والدوافع المبلورة"، يعرض الهرمزي الأصول الفكرية الأميركية للقوة الذكية، انطلاقاً من منطلقات أفكار المدرسة الواقعية التقليدية والنيوواقعية. كما يعرض المقوّمات المادية للقوّة الذكية الأميركية، والدوافع التي تبلورها، ودورها في تنفيذ بنود القوة الذكية في النسق الدولي.
أما الفصل الثالث الذي يحمل عنوان "القوة الذكية الأميركية كإستراتيجية أداء: المتضمنات الاقتصادية والتوظيف والتحديات"، فيقدّم فيه الباحث العراقي المعيارَ التطبيقي في ممارسة "القوة الذكية" الأميركية وفقاً لمتطلبات واقع التغيير الدولي.
يعالج الفصل الرابع "مستقبل القوة الذكية في ظلّ مقوّمات القوة الأميركية" وهنا يضيء مكانة الدراسات المستقبلية في المدرك الأميركي، قبل أن يختم بمجموعة استنتاجات من أهمّها أولوية القوة الاقتصادية في دعم مقومات القوّة الأخرى، لاستمرار آليات "القوة الذكية".