وجاءت هذه التوصية رداً على شكوى تقدمت بها المحامية وممثلة الضحايا، داليا لطفي في أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقب صدور حكم من محكمة جنايات القاهرة بإعدام 11 شخصا، والسجن المؤبد لـ15 آخرين في 22 من أكتوبر 2017.
وكان قد تمّ توجيه التهم لهم بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقانون، وإمداد الجماعة بمعونات مادية ومالية منها مفرقعات وألعاب نارية والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
وقد وجّهت اللجنة، ممثلة في رئيستها المفوضة سوياتا مايغا، خطابا إلى رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي.
وطالبته وفقا للمادة 98 من ميثاق اللجنة الأفريقية باتخاذ التدابير المؤقتة بتعليق حكم الإعدام الصادر في حق الشاكين إلى حين البتّ النهائي في الشكوى التي قُدمت للجنة، وذلك لتجنب ضرر غير قابل لإصلاحه، كما طالبته بتوفير ضمانات للجنة بعدم تنفيذ الإعدام طالما أن الشكوى ما زالت محل نظر أمام اللجنة. كما طالبت بإجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب والإخفاء القسري بحق الشاكين الأربعة، بعد أن استخلصت من ادعاءات الشاكين أنه في حال صحة الادعاءات فإن الحكومة قد تكون ارتكبت انتهاكات صارخة للميثاق الأفريقي، ومنها انتهاك المعايير الدولية للمحاكمات العادلة المنصوص عليها في المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمبادئ الأساسية التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا 2003.
كما طالبتها بالتفكير في تجميد عقوبات الإعدام كخطوة احترازية تمهيدا لإلغائها، مذكرة مصر بتبني اللجنة، القرار رقم 136 على هامش الدورة الـ44 للجنة الأفريقية بتجميد عقوبات الإعدام.
وجاء هذا الخطاب رداً على الشكوى التي تقدمت بها الحقوقية ممثلة الضحايا داليا لطفي، وأفردت فيها تفاصيل اختطاف الشاكين من أماكن مختلفة واحتجازهم سريًّا وتعريضهم للترهيب النفسي وأبشع أنواع التعذيب البدني، لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها مثل إمداد الجماعة بمعلومات وبأموال في سبيل القيام بعمليات نوعية ضد القوات الشرطية ومؤسسات الدولة واعتزامهم تشكيل هيكل تنظيمي يسمى "هنرجّع ثورتنا" يتضمن لجانا متعددة سياسية وإعلامية بهدف تنفيذ مطالب الجماعة الإرهابية.
وقد تضمنت الشكوى تعرُّض الشاكي الأول السيد وجيه وهو صاحب شركة دعاية وإعلان بالدقي، البالغ حاليا من العمر أربعين عاماً، والمقيم في الدقي، للاعتقال التعسفي يوم 4 مارس/آذار 2014 الساعة العاشرة مساء، من قبل ضباط أمن وطني برفقة ضباط شرطة من مكتبه بالدقي، ولم يبرزوا أي مذكرة اعتقال ولم يعطوه أي معلومات عن التهم الموجهة إليه أو الجهة التي يقتادونه إليها، كما صادروا مرتبات الموظفين بالشركة والتي تبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه، وأجهزة حاسوب وأجهزة تصاميم. وتم احتجازه سراً لمدة ثمانية أيام في قسم شرطة بولاق بالقاهرة ووضعه في غرفة تسمى غرفة التعذيب وتعرض للتعذيب البدني والنفسي بشكل مستمر.
أما الشاكي الثاني رفعت طلعت البالغ من العمر 51 عاما وكان يعمل مديرا لشركة مستحضرات تجميل مقرها حي فيصل بالقاهرة، فقد تم اعتقاله في يوم 7 إبريل/نيسان 2014 حوالي الساعة الثانية ونصف ظهرا من قبل رجال الأمن الوطني دون سند قانوني، وتم اقتياده واحتجازه في مكان مجهول لمدة 7 أيام عُلم لاحقا أنه مركز شرطة بولاق.
ووفق شهادته أنه أثناء احتجازه السري، تعرض لأشد صنوف التعذيب ومنها سكب الماء البارد على جسده ثم صعقه بالكهرباء وتهديده باغتصاب زوجته، وتم تكبيل يديه للخلف ثم تعليقه من يديه لفترات طويلة قاموا أثناءها بضربه بأنابيب معدنية حتى سببت تلفا في أعصاب اليد وقطعا في العصب الكعبري وسقوطا بالرسخ من الناحيتين وإصابته بكسور متعددة في الكتفين. إلا أن محضر الضبط الذي تم تأريخه بعد 4 أيام من اعتقاله زعم أن رفعت حاول الهروب، مما أدى إلى تعثره وسقوطه عدة مرات على الدرج فتسببت له بهذه الإصابات.
أما الشاكي الثالث فهو أحمد شريف الليثي، وكان يعمل مدير حسابات في شركة ملابس في كفر طهرمس. وكان يعاني من مشاكل حادة بالكلى وارتفاع ضغط الدم وسكري من قبل اعتقاله. تم اعتقاله تعسفيا في يناير/كانون الثاني 2015 من أمام منزله بشارع فيصل أثناء قيادته سيارته وحدث اشتباك مع قائد سيارة أخرى اتضح أنها لمدير مباحث الهرم، فقام بالقبض عليه واحتجازه سرا لمدة 3 أيام بمقر الأمن الوطني بالشيخ زايد، حيث تم استجوابه بدون أي تمثيل قانوني، ودار استجوابه فقط حول انتمائه السياسي وموقفه من أحداث 3 يوليو 2013 دون توجيه أي اتهامات له، وفوجئ بعدها أثناء محاكمته بادعاء ضابط الأمن هاني فكري بأن القبض على المتهم تم بعد تحريات الأمن الوطني المؤرخة 4 مارس/آذار 2014 والتي ضمنت اسمه ضمن الذين كانت لديهم نية باستهداف ضباط وسيارات شرطة أثناء التظاهرات، ومع ذلك لم يتم إلقاء القبض على الشاكي إلا بعد 10 أشهر من مذكرة الضبط والإحضار أي بعد مرور المدة القانونية لسقوط إذن النيابة.
أما الشاكي الرابع وهو عبد الرحمن حسن دابي الذي كان يعمل مديرا لشركة دعاية بشارع فيصل، فقد ادعى أنه في يوم 12 إبريل/نيسان 2014 اختطف من حي إمبابة من قبل رجال الأمن الوطني الذين احتجزوه سرا في مركز شرطة إمبابة ثم العمرانية، وظلت عيناه معصوبتين ويداه مكبلتين لمدة ثلاثة أيام. وأثناء هذه المدة تعرض لتعذيب شديد شمل صعقا بالكهرباء وضربا مبرحا لإجباره على الاعتراف باستهداف رجال شرطة وسياراتهم والاعتراف على أشخاص آخرين.
وتعليقا على التوصية، تقول داليا لطفي ممثلة الضحايا "أمام اللجنة الأفريقية العديد من الشكاوى المتعلقة بأحكام إعدامات في مصر، التي تؤكد أنها تستخدم بشكل تمييزي وممنهج، إما بسبب عدم قدرة المتهم المالية على توفير محام أو لاستهداف خصوم سياسيين بسبب انتمائهم أو الاعتقاد بانتمائهم إلى تنظيم الإخوان.
وتضيف لطفي أن هذه القضية هي من الأمثلة الصارخة للمحاكمات التي تشوبها مخالفات إجرائية، وتخلو من الحد الأدنى من الضمانات الدولية للعدالة.. وبالتالي إذا تم تنفيذ الحكم بعد هذه المحاكمة غير العادلة، فإنه سيرقى إلى إعدام تعسفي يستوجب مساءلة مصر أمام اللجنة والمجتمع الدولي.
وفي تقريرها السنوي الصادر في مارس/آذار 2018، شددت المقررة الأممية الخاصة بدعم وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في حالات مواجهة الإرهاب فيونوالى أولين، على أن محاربة الإرهاب لا تعفي الحكومة من التزاماتها بحكم القانون ومبادئ حقوق الإنسان وفق القانون الدولي فلا ينبغي المساس بالحقوق الأساسية الأربعة غير القابلة للإلغاء، ومنها الحق في عدم الحرمان من الحياة بشكل تعسفي، والحق في الحماية من التعذيب والمعاملة المهينة مهما كانت درجة الأزمة التي تواجهها الدولة".