لم تقتصر ظاهرة المخبر السري التي تسببت بالزجّ بآلاف العراقيين في السجون خلال حقبة حكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006-2014)، والفترة التي تلتها، على الرجال، إذ انخرطت نساء أيضاً في هذا المجال لأسباب مختلفة.
وأكد ضابط في وزارة الداخلية العراقية أنّ مراكز الشرطة في العاصمة بغداد وبقية المحافظات تتلقى باستمرار معلومات من نساء بشأن جرائم قتل وخطف وسرقة واتجار بالمواد الممنوعة، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تعاون الأجهزة الأمنية مع بعض النساء اللاتي غالبا ما يساهمن في تقديم معلومات مهمة.
وتابع أن "بداية دخول النساء في هذا المجال تعود إلى سنوات الحرب على تنظيم داعش الإرهابي ما بين 2014 و2017"، موضحا أن بعض النساء ساهمن في القبض على قيادات وعناصر بالتنظيم من خلال البلاغات السرية.
واستدرك "إلا أن المشكلة تكمن في البلاغات الكاذبة التي تتلقاها الأجهزة الأمنية من نساء"، مبينا أن هذا الأمر يوقع الأجهزة الأمنية في حرج، لا سيما إذا اكتشفت أن البلاغ المقدم من امرأة سببه خلاف عائلي، أو خصومة مع صديق أو قريب.
البلاغات الكاذبة الناتجة عن خلافات شخصية تتسبب بإرباك السلطات القضائية، لذا فإن أوامر القبض يجب أن لا تصدر قبل تقديم الأدلة، وفقا لما يؤكده قضاة.
وقال القاضي الأول لمحكمة التحقيق المختصة بقضايا الإرهاب، عمار رشيد جبار، إن الإخبار الكاذب يمثل طريقة للإيقاع بشخص بريء له عداوة مع المخبر، مبينا أن هذا الأمر يمر على المحاكم بكثرة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن القاضي العراقي قوله إنّ مجلس القضاء الأعلى أكد بشكل مستمر على ضرورة التحري من صحة المعلومات قبل إصدار أمر القبض، مشددا على ضرورة تقديم الأدلة قبل اتخاذ أي إجراء.
ولفت إلى وجود قصص كثيرة في هذا المجال، من بينها ادعاء زوجة حضرت إلى المحكمة بصفة مخبرة أن زوجها يتعامل بالمتفجرات والأسلحة، وكون هذا الإخبار مهم تم تسجيله وتدوين أقوالها، مشيرا إلى قيام قوة أمنية بالتوجه إلى بيت الزوج لتعثر على قنابل كانت مخفية خلف الثلاجة.
وبين القاضي العراقي أن الزوج نفى علمه بهذه الأسلحة، مؤكدا أن جمع الأدلة أثبت أن للزوج مشاكل مع زوجته، لتعترف الزوجة في ما بعد بأنها قامت بوضع الأسلحة في بيت زوجها بالاتفاق مع عشيقها بهدف الإيقاع به، وهو ما تم ضبطه في المراسلات بينها وبين عشيقها.
وفي السياق، أكد المحامي محمود السعدي، أن أسباب انخراط النساء بالعمل كمخبرات سريات مختلفة، من بينها المال، والانتقام، وأسباب اجتماعية أخرى، كالطلاق، والصراعات على الإرث وما شابه ذلك، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن عددا غير قليل من البلاغات اتضح في ما بعد أنها كيدية، لتتحول إلى نزاعات عشائرية لرد الاعتبار.
وبيّن أن القانون العراقي يفرض على المخبر الكاذب عقوبات رادعة تصل إلى السجن لعشر سنوات، مطالبا بتفعيل هذه العقوبة للحد من ظاهرت المخبر السري التي انتقلت من الرجال إلى النساء.