في الشوارع الخلفية للإسكندرية القديمة، ظهر 25 شابًا وفتاة بملابس عمال، لا وجود للموسيقى لكنهم يتحركون في حركات راقصة واحدة، أمر يثير دهشة المارة، وأحد المتطوعين يحاول أن يشرح الأمر قائلًا: "ده مهرجان نسيم الرقص".
في 2010، وجهت إيميلي بوتيه الفرنسية سؤالًا لصديقتها ياسمين حسين، حول مظاهر الاحتفال في شم النسيم في مصر. حاولت أن تشرح لها ما يفعله المصريون، من الخروج للحدائق العامة، وسماع الموسيقي، وليس انتهاءً بالرقص، لكنها كانت تفكر بطريقة أخري "لماذا لا نقدم رقصًا معاصرًا بالشوارع خلال الربيع، فالمارة لن يمكنهم الوصول لهذا النوع من الفنون التي تقدم فقط بالمسارح المغلقة"، هكذا تروي ياسمين، أحد القائمين على المهرجان لـ"جيل".
تتابع ياسمين أنهم قرروا بدء المهرجان في الإسكندرية، لكن بعد عامين خرجت مشاريع منه لتدور حول العالم كان أشهرها "المُشكلون" وهو فريق يضم مجموعة من دول فرنسا واسبانيا وأوروبا الشرقية والمغرب.
اعتادت إيميلي اختيار موضوع للمهرجان كل عام، "العائلة" كان موضوع المهرجان الحالي، تلك التي تكبر وتنقل الخبرات من الكبار للصغار وهو ما حدث بالفعل، توضح ياسمين، فمن بدأ راقص بالمهرجان تحول لمصمم رقصات فيما بعد.
ثلاثة عروض أساسية نُفذت هذا العام، "هبوط جامح" كان في بداية المهرجان انتشر في شوارع الإسكندرية لما يقرب من 3 ساعات.
تشير ياسمين إلى أنه باليه فرنسي، للمصمم "فاتسلاف نيغيتسكاي" من باريس صممه في 1912، لكن بعد 105 عام حاول "أوليفيه دوبوا" إعادته للحياة بشكل معاصر أكثر يمكن عرضه بالشارع.
العرض الذي صمم في باريس يحاكي مأساة الطبقة المتوسطة العاملة التي تُحرم من لقمة عيشهم ويثورون بطريقتهم. تتابع أنه لم يكن من الممكن ارتداء ملابس باليه في الشارع، لذلك كان زي "العمال" مناسب أكثر وسهل لحركة الراقصين.
"أشعار المدينة المالحة" كان ذلك العرض الثاني، من أشعار اليوناني قسطنطين كافافيس استوحاه المصمم محمد فؤاد العرض. توضح ياسمين أنه كان راقصًا في المهرجان وبعد فترة انتقل للعمل في فرنسا وتصميم العروض. في منزله الصغير استضاف مجموعة من الراقصين، حاولوا بأجسادهم إحياء أشعار كانت تكتب بين جدران هذا البيت.
في ساحة مسجد مرسي أبو العباس في الإسكندرية، كان العرض الثالث، لراقصين من دول البحر المتوسط. لكن تلك كانت العروض الأساسية فقط، كما تقول ياسمين، موضحة أنه على الهامش قدموا عروض صوتية بعنوان "جولات استكشافية للصوت"، تؤكد ياسمين أن العرض مختلف للغاية ففي النهاية يكتشف الجميع أنهم لا يسمعون صوت المدينة التي يعيشون بها جيدًا، أو ربما لم يجربوا "التوهان" في المدينة لاكتشاف أماكن وشوارع ربما لا يعلمون عنها شيء.
"لماذا الشوارع الخلفية؟" تعتبر ياسمين، أن تلك الشوارع تراثية في الإسكندرية تجذب أكثر من يأتي من خارج مصر لرؤية المهرجان. تشعر ياسمين والقائمين على المهرجان بالسعادة عندما تعود في كل عام لتجد بعض أصحاب المحال في انتظار المهرجان.