ولمّح الجانب الأوروبي إلى أن احتمال إبرام اتفاق مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول الحدود الأيرلندية يقبل به البرلمان والحكومة البريطانيان يصل إلى خمسين في المائة.
ويسعى الجانبان إلى أن تخرج المفاوضات السرية هذا الأسبوع بحل وسط لخطوطهما الحمراء التي لا تزال بعيدة عن التوافق مع بقاء أقل من خمسة أشهر على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
من جانبها، تسعى تيريزا ماي إلى تهدئة حكومتها، التي يخشى عدد من أعضائها من أن تقدم رئيسة الوزراء على إبرام تسوية مع أوروبا من دون الحصول على دعم وزرائها. كما طمأنت يوم أمس أعضاء حكومتها المؤيدين للخروج من الاتحاد بأنها لن تجازف بإبقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الجمركي من دون موعد خروج محدد.
وبينما تتجه ماي للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة في ذكرى نهاية الحرب العالمية الأولى، يخشى مؤيدو بريكست في بريطانيا من أن تهرع رئيسة الوزراء لإتمام اتفاق هذا الأسبوع، بهدف إقناع الاتحاد الأوروبي بعقد قمة أوروبية استثنائية مع نهاية نوفمبر الحالي.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في وقت سابق عن إمكانية عقد قمة أوروبية الشهر الحالي في حال حصول تقدم جدي في المفاوضات بين الجانبين. ويفترض أن يناقش قادة الاتحاد في هذه القمة الاتفاق المرتقب، وفي حال الموافقة على بنوده يتم تحويله إلى البرلمانات الأوروبية، بما فيها البريطاني.
كما يخشى مؤيدو بريكست في الحكومة البريطانية من أن تلجأ رئيسة الوزراء إلى استغلال العطلة البرلمانية التي تمتد أسبوعاً من يوم غد، إلى اتخاذ خطوات غير مرغوبة من قبل حكومتها، وخاصة في مثل هذا الوقت الحاسم في أجندة بريكست.
ولا تزال المفاوضات عالقة عند عقدة الحدود الأيرلندية. ويريد الاتحاد الأوروبي بقاء أيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي والسوق الأوروبية المشتركة حتى يتم الاتفاق على صفقة تجارية نهائية، ستحدد طبيعة التبادل التجاري بين الجانبين، وشكل الحدود الجمركية. وهي مفاوضات تبدأ بعد انتهاء مفاوضات بريكست الحالية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إلا أن بريطانيا ترى مثل هذه التسوية محاولة لتقسيم المملكة المتحدة.
وتقدمت ماي ببديل يبقي كامل المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي حتى إتمام الاتفاق التجاري بين الجانبين، إلا أنها تواجه عقبتين. فأعضاء حكومتها المؤيدون بشدة لبريكست، يريدون أن لا تبقي هذه التسوية على بريطانيا في الاتحاد الجمركي إلى ما لا نهاية، ويريدون الحصول على آلية خروج بريطانية من هذه التسوية.
أما الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، والذي يدعم حكومة المحافظين في البرلمان البريطاني، فيعارض أية حدود جمركية بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية ويهدد بسحب دعمه لحكومة ماي.
ومع بقاء أقل من خمسة أشهر على موعد بريكست، تحتاج حكومة ماي إلى تقدم حاسم في المفاوضات، وتسعى بجد لعقد القمة الأوروبية الاستثنائية هذا الشهر، حيث إن البديل سيكون القمة الأوروبية منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وفي حال الانتظار حتى نهاية العام الحالي للتوصل إلى اتفاق، فإن ذلك سيؤدي إلى تأخير نقاش الاتفاق في البرلمان البريطاني، وخاصة أن عطلته الشتوية تمتد لثلاثة أسابيع حتى السابع من يناير/ كانون الثاني.
كما أن مثل هذا التأجيل سيجبر الحكومة على تحويل قسم كبير من مواردها المالية والبشرية للإعداد لسيناريو عدم الاتفاق، والذي قد تصل إليه بريطانيا في حال رفض البرلمان لصفقة ماي.
من جانبه، دعا دومينيك غريف، متصدر نواب حزب المحافظين المؤيدين للاتحاد الأوروبي، زملاءه إلى عدم القلق من تبعات التصويت ضد صفقة ماي وألا يرضخوا للتخويف الحكومي بأن رفض الصفقة سيؤدي إلى بريكست من دون اتفاق.
وقال غريف في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "لا أقبل بأن رفض الصفقة سيؤدي بالضرورة إلى الخروج من دون اتفاق. بالطبع سيؤدي ذلك إلى أزمة سياسية... ولكننا نحتاج إلى النظر إلى المدى البعيد".
أما القناة الرابعة البريطانية، فقد أصدرت نتائج استطلاع للرأي يكشف دعماً شعبياً لإجراء استفتاء ثان يشمل اتفاق بريكست. ويوافق 43 في المائة من المستطلعة آراؤهم على إجراء استفتاء يكون الخيار فيه بين قبول بصفقة ماي المرتقبة أو البقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما يعارضه 37 في المائة.