لا أحد يعلم من أين أو كيف، أو متى جاءت هذه الطيور الصغيرة ذات الصوت الصاخب التي تسمى ببغاء "بوللي" أو الطائر الوحشي. ظهرت فجأة وانتشرت بسرعة الضوء في الحدائق والغابات. تثير انتباه المارة بلونها الأخضر الجميل الممزوج بالأزرق الفاتح، وبخفة تحركها فوق الأشجار وباستعمال منقارها، أو تزعجك أحياناً بصوتها العالي حين تجتمع، ومع ذاك فهي ممتعة للفرجة. فرضت هذه الطيور نفسها من دون إذن أو ترخيص، ولم تأبه لقوانين وبيروقراطية وزارة الهجرة البريطانية.
ببغاءات "بوللي" أو الطيور الغريبة، قدمت من أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وباتت بريطانية الجنسية مع وقف التنفيذ. أعداد هائلة قدّرتها الجمعية الملكية البريطانية لحماية الطيور (RSPB) بأكثر من 8500 زوج ترفرف في برية المملكة، وتحديداً في جنوب شرقها.
طيور غازية
وقال سكرتير فرع المحمية لدى الجمعية الملكية البريطانية للطيور، هنري فريمان، لـ"العربي الجديد": "لا يمكن الجزم متى وصلت وكيف. لكنها كانت مفاجأة جميلة عندما التقط أحدهم صورة لزوجين غريبين من الطيور، بعد أن ارتطما بباب حديقته الزجاجي. وهناك احتمال وصولها إلى هنا من فرنسا بعد عبورها القناة الإنكليزية. ومن المحتمل أيضاً أنها قدمت عبر طرق أخرى. ومع ذلك، نظرا لأن هذه الطيور تعتبر نوعا غير أصلي في أوروبا، فستظل تحمل صفة بأنها غير أصلية". وأضاف فريمان بأن بعضهم اعتبرها طيوراً غازية، لغموض منشئها وكيفية وصولها، وهناك من يرى أنه قد يكون لها تأثير مدمر على حشرات التلقيح المحلية مثل نحل العسل.
أقدم ببغاء على وجه الأرض
وقال بعضهم بأنها كانت ملك إحدى الشركات التي تقوم بتوفير الحيوانات المروضة لشركات الإنتاج السينمائي. واكتسبت شهرتها عن طريق مشاركتها في أدوارٍ سينمائية مع فنانين عالميين. وظهرت في أفلام ناجحة جنباً إلى جنب مع أشهر الممثلين العالميين، كجيم كاري وإدي ميرفي. وكان أشهر فيلم شاركت هو فيلم "إس فانتورا". وقيل أيضاً إن المغني العالمي، جيمي هاندريكس، كان أول من قدّمها إلى عالم الأضواء، وأطلق سراحها بعد أن شاركته في إحدى أغانيه. صنفت من نوع ببغاء "مكاو" الذي يعتبر من أجمل أنواع الببغاوات وأزهاها لوناً. ويعتقد بأنها أقدم ببغاء في العالم، إذ تم تسجيلها في موسوعة الأرقام القياسية "غينيس" عام 2012، كأقدم ببغاء معمر تم اكتشافه على وجه الأرض. كما قيل إن النجمة "بوللي" جاءت إلى بريطانيا لتصوير أحد الأفلام مع النجم، غلين كلوز، في عام 2000. إلا أنها وفي ظروف غامضة، رحلت، بمساعدة أحد ما، أو ربما فرت أثناء التصوير رافضة سجن الأضواء والشهرة والعيش السهل والدلال، وانتفضت من أقفاصها لترفرف في سماء المملكة وبراريها بحرية بعيداً عن كلمة "أكشن". ولتحط على كل شجرة تختارها بحريّة، وكل حديقة تعجبها لتطرق أحياناً نوافذ البيوت بحثاً عن فتات أو بقايا فاكهة أو فقط للفضول.
تضاربٌ في الآراء
هذه الطيور الأليفة تعيش أزواجاً، وتزين حدائق بريطانيا. لقبت بطير كينغستن أو تويكنهام نسبة للمكان الذي وجدت وتجمعت فيه أول مرة. هي الآن في كل أنحاء المملكة، فيما هاجر بعضها إلى الدول الأوروبية المجاورة.
لن يجد محبو رياضة المشي، أو زوار الحدائق العمومية، صعوبة في رؤيتها فوق أغصان الأشجار، وسماع غنائها حين تكون هادئة، أو حتى ملامستها إن أُغريت ببعض الطعام. يقول، ستيفن تروتر، مدير شركة Wildlife Trusts: "لقد رحلت من استوديو "إيلينغ" للأفلام، ثم نشأت في كينغستن وتويكنهام ثم انتقلت إلى دورست. وانتشرت حول الساحل الجنوبي للمملكة المتحدة. لقد رأيتهم في نورثمبرلاند والجميع يحبها". وبينما يشعر مراقبو الطيور بسعادة غامرة لمشاهدة الببغاء في حدائقهم أو حدائق لندن العمومية الشهيرة، إلا أن هذه النجوم لا تتمتع بشعبية لدى الجميع. فمع تضارب القبول أو الرفض بالترحيب بها، أبرز بعضهم الحذر في كيفية التعامل معها على اعتبار أنها ليست "مواطنة أصلية"، وقد تؤثر سلباً على الطيور الأخرى، وعلى الزرع والشجر.