تتجّه الأنظار في المغرب هذه الأيام إلى القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، والقانون التنظيمي لإحداث "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية"، بهدف استكمال ما تبقّى من ورش انطلقت بهدف "النهوض بالأمازيغية"، خصوصاً في الشقّين المتعلّقين باستعمال حرف "تيفيناغ" وتدريس هذه اللغة.
"المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" في الرباط، احتفى مؤخّراً بمرور الذكرى الـ 13 لمصادقة الملك المغربي محمد السادس على اختيار "تيفيناغ"، كحرف رسمي لكتابة الأمازيغية، منهياً بذلك "معركة الحرف" التي كانت على أشدّها بين اتجاه دافع عن الحرف العربي وآخر انحاز إلى استخدام الحرف اللاتيني.
هكذا، شكّل تاريخ 10 شباط/ فبراير مناسبةً للمعهد للتذكير بما تحقّق في هذا الإطار، ولإبراز المقوّمات الفنية والتاريخية والبيداغوجية لهذا الحرف، وكذلك التعريف بالورشات الجديدة التي جرى فتحها من أجل تسهيل انتشاره وتأصيله بكل تجلياته في المشهد المغربي.
لكن، ليس خافياً أن ما تحقّق على مستوى الحرف الأمازيغي، لم ينعكس على المشهد المغربي بعد هذه السنوات بالشكل الذي يجري الترويج له على المستوى الرسمي على الأقل، خصوصاً في مجال التعليم؛ الخطوة الأولى لاكتساب حرف "تيفيناغ".
في هذا السياق، يعترف عميد المعهد، أحمد بوكوس، بأن الحرف الأمازيغي ما زال مهدّداً ومحاطاً بمخاطر بسبب وجود أطراف معارضة له، مضيفاً، خلال الاحتفال، بنبرة تنمّ عن عدم الرضا التام عمّا تحقق: "الدرب لا يزال طويلاً".
لا يخلو هذا المسار من تعثّرات، نبّه إليها العديد من المشتغلين في مجال الثقافة الأمازيغية، الذين دعوا في أكثر من مناسبة، مؤسّسات الدولة إلى العمل الجدي، لا المناسباتي فقط. أبرز تلك المؤسّسات هما وزارة الثقافة المطالَبة بتشجيع الإبداع الأمازيغي، ووزارة التربية الوطنية المطالَبة بتوسيع رقعة متعلّمي اللغة الأمازيغية.
مسار تدريس اللغة الأمازيغية في سلك التعليم الابتدائي، مرّت عليه الآن 13 عاماً، بعد اتفاق بين وزارة التربية الوطنية و"المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، لكنه مع ذلك تقف أمامه عدّة عقبات.
لا يتجاوز تدريس الأمازيغية كونها مادة مسجّلة على جدول المواد في أغلب المؤسّسات التعليمية، من دون أن يكون لها حضور فعلي، رغم أن الرؤية الإستراتيجية الأخيرة، التي أعدّها "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، تشير إلى أن "اللغة الأمازيغية هي أيضاً لغة رسمية للدولة، ورصيد مشترك لجميع المغاربة من دون استثناء ولغة مدرجة في التعليم منذ سنة 2003، يتعيّن تطوير وضعها في المدرسة ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع مقتضيات الدستور".
على أن تدريس الأمازيغية بحرف "تيفيناغ"، كما يرى مهتمّون ومتابعون للشأن الأمازيغي، لا يعني مجرّد تعليم لغة تواصل فقط، بل يتطلّب إدراج منظومة ثقافية متكاملة ليست اللغة إلا أحد عناصرها.
اقرأ أيضاً: سجال اللغات في المغرب