تسبب قيام الحكومة المصرية برفع أسعار المحروقات اليوم "الجمعة" في إثارة حالة من الغضب بين عدد كبير من المواطنين، خاصة أن القرار يأتي بعد ساعات من إعلان البنك المركزي تعويم الجنيه، بهدف التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.
ويأتي رفع أسعار المحروقات للمرة الثانية، إذ رفُعت الأسعار في عام 2014 بسبب العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة، وتأتي زيادة أسعار الوقود في هذا العام بنسبة 78%.
وقررت الحكومة المصرية في بيان لوزارة البترول اليوم رفع أسعار كافة المحروقات البترولية لديها، وحسب بيان لوزارة البترول المصرية فسيتم رفع سعر البنزين 80 إلى 2.35 جنيه لكل لتر بدلاً من 1.6 جنيه وسعر البنزين 92، 3.5 جنيهات للتر بدلاً من 2.6 جنيه، وارتفع سعر السولار ليسجل 2.35 جنيه للتر بدلاً من 1.8 جنيه بينما ارتفع سعر غاز السيارات إلى 1.6 جنيه للمتر المكعب من 1.1 جنيه، مما يمثل إرهاقًا كبيرًا على كاهل المواطن المصري بعد توقع العديد من خبراء الاقتصاد أن تشهد السوق المحلية زيادة كبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد زيادة أسعار المواد البترولية.
فيما هدد الكثير من المواطنين بالنزول إلى الشوارع "الجمعة القادمة" تحت شعار "ثورة الغلابة" رفضاً للزيادات المتكررة في غلاء الأسعار وارتفاع المعيشة، مؤكدين أنه مهما كانت التحديات الأمنية فهذا لن يمنعهم في التعبير عن مشاعر الغضب، مؤكدين أن العلاوة الاجتماعية في زيادة المرتبات التي يحصلون عليها كل عام في شهر يوليو/ تموز بنسبة 10% لم يحصلوا عليها حتى اليوم رغم تخفيضها إلى 7%، وأشاروا إلى أن أسعار الوقود سيكون لها تأثير مباشر على ارتفاع أسعار المواصلات، والنقل البضائع والخدمات.
وشهدت مواقف "سرفيس السيارات" بكافة المحافظات المصرية اليوم اشتباكات بين المواطنين والسائقين بسبب رفعهم للأجرة وعدم زيادة الرواتب، فيما توقع بعضهم أن يشهد غداً "السبت" أو بعد غد "الأحد" موعد نزول المواطنين إلى عملهم والطلاب إلى جامعاتهم حالة من الشحن والغضب الزائد لكون يومي "الجمعة" و"السبت" إجازة رسمية في معظم الوزارات والهيئات المصرية.
وتحوّلت مواقف سيارات الأجرة والميكروباص الرئيسية بالقاهرة إلى حلقة نقاش بين السائقين حول رفع الأجرة، وكان ذلك في "موقف عبود" بشارع أحمد حلمي الذي يربط القاهرة بالمحافظات وخاصة الوجه البحري، حيث بادر عدد من السائقين برفع "تعريفة الركوب" دون انتظار منشور عن المحافظة، بعد زيادة أسعار السولار والبنزين، وزاد الارتباك في كافة مواقف السيارات بالمحافظات، كما شهدت محطات الوقود حالة من الزحام عليها.
التقى "العربي الجديد" بعض الأهالي، خاصة في المواقف الرئيسية للسيارات بالقاهرة الكبرى، حيث قال محمد عصام "عامل": "إن الارتفاع مبالغ فيه، ويستخدم ضد بسطاء الشعب فقط"، مؤكداً أن الحكومة تتلاعب بمصير الجميع، وكل يوم قرار جديد يزيد على كاهل المواطن. أما محمد صبري "عامل أُجري" فقال "إحنا أصلاً مش لاقيين ناكل.. هنعمل إيه لما يعلو لنا سعر البنزين.. يعني أجيب منين نشحت ولا نسرق" ارحمونا من اللي احنا فيه.. مش لاقيين ناكل ويرفعوا البنزين والكهرباء.. حسبي الله ونعم الوكيل".
بدورها قالت أم هيثم "ربة منزل وأرملة": "احنا عايشين بالمعاش بتاع جوزي اللي مش مقضينا، وأولادي منهم مش لاقيين شغل معاهم شهادات عليا، وكمان المعاش اتخصم منه عشان أولادي كبروا". وتقول زينب محمد "مواطنة" إنها تدفع 11 جنيهاً في المواصلات لأولادها في المدارس والجامعات قبل زيادة أسعار البنزين، وسعر البنزين الجديد أضاف ضغطا جديدا علينا.. "حرام اللي بيحصل في مصر هذه الأيام".
أما إبراهيم لطفي "بائع" فقال: "لا أعرف المسؤول عن هذه القرارات الظالمة التي تدمرنا"، وأضاف تشاجرت مع سائق ميكروباص على خط التحرير القناطر، لأنه قام برفع التعريفة بعد لأن أكد لي ارتفاع السولار. وأضاف عبد الرازق أحمد "موظف" أن ارتفاع أسعار الوقود تسبب في حدوث أزمات على مستوى البيوت والأسر المصرية، بسبب الضغط النفسي على كل أسرة، مع زيادة الأسعار في المواد الغذائية والأطعمة، كل ذلك يسبب حالة من الغضب من المواطنين، لعدم القدرة على توفير الاحتياجات.
وتوقع خبير الاقتصاد رشاد عبده ارتفاع أسعار السلع الغذائية على الأقل بنسبة ما بين 25% إلى 30% بسبب ارتفاع الوقود، وهو ما يمثل إرهاقاً كبيراً على كاهل المواطن المصري، لأن كل شيء مرتبط بأسعار المواد البترولية، وقال "إن غضب الشارع المصري محق بسبب تخوف المواطنين من غلاء كل شيء بجانب تسعيرة الركوب، مؤكداً أن قرار رفع أسعار الوقود خاطئ لأن الحكومة بهذا القرار تأخذ الأموال من الفقراء لصالح الأغنياء، مطالباً بسرعة تطبيق العدالة الاجتماعية على المواطنين قبل انهيار الأوضاع في البلاد. وأردف قائلاً "إنه في ظل عدم وضع حلول من قبل الحكومة لا أستبعد أن تقوم ثورة ضدها، خاصة أنها لا تراعي قوت يوم المواطن وأبسط حقوقه في أن يركب وسيلة مواصلات للذهاب إلى عمله بصورة مريحة".
أما رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية حسام عرفات، فقال "إن رفع سعر المحروقات في ظل الأحوال الاقتصادية التي يمر بها المواطن حالياً قرار أصاب الجميع بحالة من اليأس والإحباط، فالسوق في مصر غير مجهزة بالمرة لرفع أسعار معظم السلع الحيوية جراء رفع أسعار الوقود الذي يقابله انخفاض في معدلات الدخول"، متوقعًا كارثة تضخمية بالإضافة إلى زيادة في معدلات الفقر، لافتاً إلى أن الملف الاقتصادي في مصر يدار بعشوائية، كما أن ارتفاع أسعار الوقود كفيل بخلق موجة جديدة من ارتفاع أسعار الأغذية والمنتجات كافة التي ترتبط بالوقود بشكل مباشر وغير المباشر.