"جنسيتي كرامتي"... لوقف التمييز ضد المرأة اللبنانية وإقرار حقها بمنح الجنسية لأبنائها
تزامناً مع انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب اللبناني، اليوم الاثنين، نفذت حملة "جنسيتي كرامتي" وقفة مطلبية في ساحة رياض الصلح في بيروت، طالبت خلالها برفع التحفظ عن المواد الخاصة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، حتى تستطيع الأم اللبنانية منح الجنسية اللبنانية لأولادها، وتصحيح وضع مكتومي القيد (غير مسجلين رسميا) وقيد الدرس.
وقدم المشاركون والمشاركات بالوقفة طلباً برفع التحفظ عبر اقتراح قانون معجل مكرر تقدمت به النائبة بولا يعقوبيان، وأدرج على جدول أعمال الجلسة.
وفي الساحة أمام مجلس النواب، صرخت إحدى الأمهات: "ما عاش فيي (لم أعد أتحمل) بدي الهوية"، قبل أن تنهار وتجرها أخريات لتستريح على حافة الطريق. ومن هناك تبرر انفعالها بالقول: "أولادي بيحلمو يمسكو (ينالوا) هويتي".
أمهات أخريات اتجهن صوب وسائل الإعلام، أملاً في أن ترفع أصواتهن ومعاناتهن إلى المعنيين ليقروا مشروع قانون يمنح الأم اللبنانية حق إعطاء الجنسية لأبنائها، ويصحح وضع مكتومي القيد.
وشكت اللبنانية مي الأسعد، في حديث إلى "العربي الجديد"، ما تعانيه جراء حرمان أطفالها من الهوية اللبنانية، وقالت: "تزوجت من رجل مكتوم القيد، فأنجبت ثلاثة أطفال مكتومي القيد. قبل وفاته عانى زوجي من الإهانة لدى مروره على حواجز القوى الأمنية بسبب عدم امتلاكه الهوية اللبنانية، وسجن في إحدى المرات لهذا السبب". تابعت: "بعد وفاته احتاجت طفلتي لإجراء عملية في عينها فلم يستقبلها أي مستشفى لأنها مكتومة القيد. شحذت من الناس وساعدني بعض الأطباء في أحد المستشفيات وتدخلوا لخفض كلفة العملية حتى تمكنت من معالجتها".
واقتربت سيدة أخرى معترفة بخجلها من الكاميرا، وطلبت الحديث إلى "العربي الجديد"، وأوضحت أنها متزوجة من سوري وأن ابنها يعاني من مرض يجعله عاجزاً عن الحركة والكلام. وشكت عدم تمكنها من معالجته. وقالت: "كلما أردت علاجه عليّ أن أقبّل الأيادي. ساعدني الوزير السابق وائل أبو فاعور لإجراء عمليتين لابني ثم أبلغني بعدم إمكانية استمرار المساعدة. فليأخذ المسؤولون منا هوياتنا ويمنحوها لأطفالنا".
أم هاني، روت بدورها لـ"العربي الجديد" معاناتها باكية: "أنا امرأة لبنانية متزوجة من مصري، تزوجت وأنجبت في لبنان. لكن ابني الكبير يعاني منذ سنوات من البطالة، لذلك سأضطر لبيع شقتي والسفر معه ليقيم في مصر، لأن سعر الشقة سيمكنه من شراء منزل هناك وتأسيس عمل وأسرة. أما هنا لأنه غير لبناني فلا يمكنه العمل. درس المحاسبة ورغم ذلك يرفضون توظيفه حتى محاسباً على الصندوق في سوبرماركت. سأضطر للذهاب معه إلى مصر حيث لا نعرف أحداً، مع أنه ولد وعاش في لبنان. فليعطوا الجنسية لمن يستحقها".
وأوضحت إلهام مبارك، إحدى مؤسسات حملة "جنسيتي كرامتي"، لـ"العربي الجديد"، أن الحملة تطالب برفع تحفظ لبنان على مواد اتفاقية "سيداو"، وتركز على مسألة حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية لأبنائها كونه "أحد أهم النقاط وهو حق مصيري يتعلق بمستقبل أجيال". وتابعت: "ننطلق من المادة 7 من الدستور اللبناني والتي تتحدث عن المساواة بين كل اللبنانيين، أي الرجال والنساء. فلماذا لا أملك الحق بمنح أولادي الجنسية اللبنانية؟".
وأضافت: "هناك أربعة أجيال ولدت على الأراضي اللبنانية لا تملك الحد الأدنى من الكرامة، عدا عن النظرة العنصرية تجاههم. كما لا يمكنهم العمل إلا في حال الحصول على إجازة عمل وهو ما يتطلب ضمانة من الأم، وعلى الأم أن تكون من أصحاب الأموال لتتمكن من ضمان أولادها".
وتحدثت مبارك عن أشكال تمييز يتعرض لها هؤلاء حتى لدى التفكير بالهجرة أو مجرد السفر، "لأن السفارات الأجنبية ترفض طلبات هؤلاء حتى لأهداف تعليمية".
وأكدت إحدى الأمهات كانت تقف بقربها، أن ابنتها حصلت على قبول لإكمال دراستها في جامعة كندية، لكن السلطات هناك لم تمنحها تأشيرة دخول "لأنها غير لبنانية ومقيمة في لبنان، ولا شيء يضمن لهم وجود بلد تعود إليه".
وعبرت مبارك عن خيبة أملها من الوعود التي منحها النواب للحملة قبل الانتخابات، وقالت: "الأم اللبنانية لا تعنيهم إلا وقت الانتخابات". وأكدت أن تحرك الحملة اليوم خطوة لإسماع الصوت والاستمرار في المطالبة "من أجل عيش أبناء اللبنانية بكرامة". كما كشفت عن سعي الحملة للعمل والضغط عبر الأمم المتحدة لحث المسؤولين اللبنانيين على تطبيق المعاهدات الدولية قائلة: "هو ليس استقواءً بالخارج إنما طلب دعم إنساني".