سلطت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم السبت، الضوء على رجال أحاطوا بالرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ 2016، باعتبارهم مجموعة من "الجنائيين المستشارين لدونالد ترامب".
وتحت عنوان "جنس وأكاذيب وعملاء لروسيا: أُدين رجال ترامب بشكل متتالٍ"، تناولت الصحيفة سِيَرهم الجنائية، باعتبار ما يجري "سابقة تاريخية في السياسة الأميركية"، وأن تصفية المشاكل بينهم "تذكّر بطرق تصفيات عصابات مافيا نيويورك لمشكلاتها".
في مقدمة تقرير "بوليتيكن"، أبرزت توعد الرئيس الأميركي المنتخب في 2016 بـ"تجفيف المستنقع ورمي (المنافسة الديمقراطية له) هيلاري كلينتون في السجن". وأوضحت أنه "بعد ما يقرب من أربع سنوات، فإن عدداً من مقربي ترامب وموظفي حملته الانتخابية في السجن، أو في طريقهم إلى الإدانة بجرائم مرتكبة منذ 2016".
سرقة تبرعات واحتيال وجنس
ومن بين أبرز من تناولهم التقرير في قائمة "رجال ترامب"، برز اسم مستشاره السابق (حتى أغسطس/ آب 2017) "المتطرف ستيف بانون (وهو عمل أيضاً في أوروبا لدفع عجلة التطرف الشعبوي منذ 2018)، الذي كان محورياً في فوز ترامب في الانتخابات".
وأشار معدو التقرير إلى التهم الأخيرة التي طاولت بانون، "فخلال الأسبوع الحالي (الخميس الماضي) وجهت إليه تهمة الاحتيال والإثراء الشخصي، من خلال جمع تبرعات لمشروع ترامب إقامة سور فاصل مع المكسيك، فقد قُبض على بانون على متن يخت الملياردير الصيني غو وينغوي بتهمة استخدام نحو مليون دولار لأغراض شخصية، على الرغم من أن حملة التبرعات كانت تقول إن المال سيُستخدم 100 في المائة لبناء الجدار". وأشارت الصحيفة إلى أن "أحد مساعدي بانون استخدم أموال التبرعات لشراء سيارة فارهة، وإجراء عملية تجميل ودفعة أولى لقارب". وبعد أن أُطلق بانون بموجب كفالة مالية، اتهم القضاء، كما فعل ترامب دائماً، بأن ما يتعرض له "مطاردة سياسية، فكل ما يجري مؤامرة لوقف بناء الجدار".
وأوضحت "بوليتيكن" موقف ترامب من التهم، قائلة إنه "كان بارداً، بقوله للصحافة إنه لم يكن له علاقة به (بستيف بانون) منذ فترة طويلة".
وتطرّق تقرير "بوليتيكن" إلى بول مانافورت، مسؤول حملة ترشح ترامب سابقاً، والمعروف بأنه أحد كبار جماعات الضغط (اللوبيات) "فقد أدين مانافورت في 2019 بعدد من قضايا الاحتيال المالي، والتأثير في الشهود، وحُكم عليه 90 شهراً سجناً. وفي ربيع العام الحالي، بدأ يقضي عقوبته في البيت بسبب كورونا، ودخل الرجل في اتفاقية مع المحقق الخاص روبرت مولر للإدلاء بشهادته في التحقيق المتعلق بعلاقة روسيا بالانتخابات الأميركية، لكنه كذب في شهادته وأُسقط الاتفاق".
وكان ترامب قد اتهم مراراً وتكراراً تحقيق مولر في تواصل شخصيات مقربة منه مع الروس قبل الانتخابات الأميركية في 2016، بأنه كـ"مطاردة الساحرات".
ويوم الثلاثاء الماضي استعرضت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريراً يحتوي على مؤشرات على تعاون مانافورت مع ضابط استخبارات روسي يدعى كونستانتين كيليمنيك، حيث يعتقد أعضاء اللجنة أنه أدى دوراً مركزياً في قرصنة الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وفي السياق، أشارت الصحيفة الدنماركية إلى محاولة ترامب نفسه الحصول على بريد إلكتروني مسروق من "ويكيليكس"، من خلال صديقه المقرب لسنوات طويلة، روجر ستون، "وترامب نفسه أجاب في تحقيقات مولر بأنه لا يتذكر أنه تحدث مع ستون عن البريد الإلكتروني".
وروجر ستون متهم بالكذب والاحتيال، ومعجب بالرئيس الأميركي الأسبق، صاحب فضيحة "ووترغيت"، ريتشارد نيكسون، "حيث وشم صورة نيكسون مبتسماً على ظهره. وفي فبراير/ شباط الماضي، حكم عليه 40 شهراً سجناً بسبب الكذب ومحاولة التأثير بالشهود، واستخدم ترامب في يوليو/ تموز الماضي سلطته كرئيس لمنع سجن ستون، مصدراً بياناً هاجم فيه المحققين والاتهامات بحق صديقه، معتبراً ما يتعرض له ملاحقة ساحرات".
وتناولت "بوليتيكن" شخصيات عدة كانت محيطة بترامب، ومن بينها ريك غيتس، الذي كان الذراع اليمنى لبول مانافورت، وحُكم عليه في 2019 بالسجن 45 يوماً وبوضعه 3 سنوات تحت المراقبة، بسبب الاحتيال وتقديم شهادة مزورة للمحققين بصلات روسيا بفوز ترامب.
ونال المحامي السابق لترامب، مايكل كوهين، نصيبه في تقرير الصحيفة، حيث سلطت الضوء على اعترافاته في 2018 أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي أي" حول سلسلة الأعمال غير القانونية لترامب. وكان الأخير قد وصف كوهين بأنه "مجرد جرذ واشٍ، ما يذكّر الكثيرين بطرق تصفية عصابات المافيا في بيئة نيويورك لخلافاتها".
وكان المدير السابق لـ"أف بي أي" جيمس كومي، قد أشار في مذكراته إلى أن ترامب "كان يطالب دائرته بولاء مطلق على طريقة رجال المافيا، وكشفت التحقيقات مع كوهين، من بين أمور أخرى، كيف جعله ترامب يدفع أموالاً للنجمة الإباحية ستورمي دانيالز للسكوت عن علاقة غرامية مزعومة بترامب، ومن المؤكد أنه كان سيحاكم بتهمة الاحتيال، لولا أنه يملك حصانة الرئيس".
ولم يغب عن "بوليتيكن" الإشارة إلى الجنرال المتقاعد مايكل فلين، الذي شغل في 2017 منصب مستشار الأمن القومي لـ22 يوماً فقط، قبل أن يُجبر على الاستقالة، "فقد اعترف فلين في تحقيقات "أف بي أي" بأنه كذب بشأن محادثاته مع سفير روسيا في أميركا، ولا تزال المحاكم تنظر في التهم الموجهة إلى فلين".
وتحدثت الصحيفة كذلك عن دور جورج نادر، صاحب العلاقة الوثيقة بكلّ من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، مشيرة إلى أن "رجل الأعمال جورج نادر، وكان مستشاراً غير رسمي لترامب في السياسات الخارجية، وعمل مستشاراً لشركة الأمن الخاصة "بلاك ووتر" المثيرة للجدل، قد أدلى بشهادته أمام المحقق مولر، واعترف بأنه كذب بشأن الصلات الروسية بالانتخابات الأميركية في 2016، وقد أدين نادر مرات عدة بتهم الاعتداء الجنسي على القصر وحيازة مواد إباحية لأطفال".
ويختم تقرير "بوليتيكن" بأن "حجم الجرائم والرجال الجنائيين في دائرة دونالد ترامب أمر غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما يصف الأستاذ في مركز الدراسات الأميركية بجامعة كوبنهاغن، نيلز بيير باولسن، وأن أقرب قضية يمكن العودة إليها في كتب التاريخ قضية "ووترغيت في أثناء رئاسة نيكسون".
ورأى باولسن أن "الفساد السياسي في عهد ترامب يقوّض دور القضاء والمؤسسات الأميركية، وخصوصاً بقيام رئيس بإحاطة نفسه واستخدام رجال مثيرين للجدل، على الرغم من أن ترامب بنفسه لم يُتَّهَم، وهو الآن بصدد الاعتراض أمام المحكمة العليا على قرار لمحكمة نيويورك يتعلق بتسليم معلوماته الضريبية".