لطالما تواترت الانتقادات كلّ عام لجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية في مصر، نظراً إلى استبعاد القائمين عليها شخصيات تستحقّها بسبب مواقفها السياسية المعارضة للسلطة، وأنها تُوزع كـ"ترضية" لكسب تأييد المثقفين، ناهيك عن الاعتراضات الدائمة على اختيار لجان التحكيم.
في الظاهر يبدو أن إحالة أحكام القانون رقم (37) لسنة 1958، الخاص بجوائز الدولة للإنتاج الفكري ولتشجيع العلوم، والعلوم الاجتماعية والفنون والآداب، إلى مجلس الشعب المصري لتعديله، هو من أجل تطويرها، بينما يُظهر سلوك النظام الحالي مزيداً من التغوّل على الحياة الثقافية من خلال تضييقه المتواصل على الحريات وحصر دور المثقّفين بتبرير استبداده في الحكم.
وكان البرلمان المصري قد وافق على تعديل القانون المذكور في جلسته المنعقدة منذ يومين، بشكل نهائي، والذي ينصّ على إنشاء جائزة قيمتها 500 ألف جنيه (تعادل 31 ألف دولار أميركي)، وميدالية ذهبية باسم "جائزة النيل" للمبدعين المصريين في مجالات الآداب، والفنون، والعلوم الاجتماعية، والعلوم، والعلوم التكنولوجية المتقدمة، وأن تُمنح هذه الجائزة سنوياً لأحد المبدعين العرب في أي من مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
كما نصّ على إنشاء 20 جائزة تقديرية تحت اسم "جوائز الدولة للإنتاج الفكري"، و14 جائزة تُسمى "جوائز الدولة للتفوّق"، و72 جائزة تشجيعية تُسمى "جوائز الدولة لتشجيع العلوم، والعلوم التكنولوجية المتقدّمة، والفنون والآداب، والعلوم الاجتماعية". وخصّص القانون مبلغ 50 ألف جنيه قيمة كل جائزة من جوائز الدولة التشجيعية، مع عدم جواز منحها أكثر من مرّة لشخص واحد، على أن يكون الحاصل عليها من الشباب تحت سن الأربعين.
عشرات ملايين الجنيهات تُنفق على هذه الجوائز، التي ستُمنح غالباً إلى مؤيدي النظام في الداخل، ولتلميع صورته في الخارج (جائزة النيل المخصّصة للمبدعين العرب)، وكان من الأولى أن تُصرف على البنية التحتية لمرافق ثقافية تفتقر إلى الموارد الكافية لإنجاز أهدافها، أو لتأمين حماية المتاحف المصرية التي تتعرّض بشكل دائم للسرقة والتخريب، أو تحسين أداء وزارة الثقافة وكوادرها، وغير ذلك كثير.
قضايا عديدة لا تُشغل بال من يمنح الجائزة باليمين وقد استوفى ثمنها، مواقف مؤيدة له، سلفاً باليسار.