"جيكساو" يعود لإحياء سلسلة الرعب بلا إضافة

04 نوفمبر 2017
من الفيلم (فيسبوك)
+ الخط -
في عام 2004، حقق فيلم الرعب منخفض الكلفة Saw نجاحاً كبيراً بين جمهور المتابعين، لسببين: أولهما جرأة الفيلم في التعامل مع مشاهد الرعب والدماء وجعلها في كل فصل من فصوله تحمل أفكاراً سادية مخيفة ومبهرة في آنٍ، والسبب الثاني كان متانته الدرامية والتحوّل الدرامي المقنع في "تويست" النهاية. هذا النجاح الكبير دفع منتجيه لتحويل العمل إلى سلسلة سينمائية، وجعل شخصية "جون كريمر" أو "جيكساو" أيقونة لسينما الرعب، ولكن مع كل جزء جديد كان هناك تنازل عن الحبكة والدراما، والاعتماد بصورة كلية على مشاهد العنف والكيفية التي يتلذذ بها "جيكساو" في تعذيب ضحاياه المجرمين، ليتم إنتاج 6 أجزاء أخرى في 6 سنوات، انتهت في 2010، لم يقترب أي منها من جودة الأول، ونالت الكثير من النقد والهجاء السينمائي بسبب ضعف مستواها. وبعد 7 سنوات تعود الشخصية في جزءٍ جديد ودماء مختلفة وراء الكاميرا، وسط توقعات بأن يختلف المحتوى الدرامي، وأن يحاول الجزء الثامن محاكاة الأول في جودته، ولكن هذا لم يحدث.
يبدأ الجزء الجديد بـ"لعبة" من ألعاب "جيكساو"؛ 5 أشخاص مقيدين بسلاسل حديدية من رقبتهم، ومحاصرين داخل مكان مميت ممتلئ بالفخاخ وأسباب الموت، بهدف الاعتراف بخطاياهم والأذى الذي تسببوا فيه لآخرين، وأن هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ حياتهم، وبالتوازي هناك الشرطة والأطباء الشرعيون الذين يحاولون الوصول لحقيقة ما يحدث عن طريق تشريح جثث الضحايا، ويكون سؤالهم إذا كان "جون كريمر" قد مات منذ 10 سنوات.. فمن يقوم بلعبة "جيكساو" الآن؟ أم أن "كريمر" لم يمت من الأصل؟!
هناك بعض التحسّن النسبي في هذا الجزء عما سبق تقديمه؛ الإيقاع أهدأ قليلاً من المونتاج الجنوني الذي كان يستخدم بكثافة في الأجزاء الأخرى ويمنعنا حتى من فهم ما يحدث، وهناك بعض اللحظات الشاهقة للأنفاس فعلاً لألعاب "جيكساو"، تحديداً تلك التي لا تعتمد على السادية الصِرفة أو تطاير الدماء بقدر الفكرة نفسها، مثل غلّة القمح التي تنهمر من سقف الغرفة وستدفن الأبطال أحياء أو سقوط آلات حادة فوق أجسادهم، وكذلك يمكن ملاحظة بعض الطموح البصري القائم على عينٍ جديدة للأخوين "بيتر ومايكل سبيرج"، أو الحضور الطاغي كالعادة للممثل توبين بيل في شخصية "جيكساو" رغم المشاهد القليلة التي ظهر بها.
إلا أن تلك التفاصيل لم ترفع الفيلم لخانة العمل الجيد أو تقاربه أبداً للجزء الأول، لأن الخلل الحقيقي ما زال موجوداً: هذا عمل لا يهتم بالسيناريو أو الشخصيات أو منطقية الحبكة، وكل الجهود الحقيقية المبذولة تأتي لجلب أفكار لكل "فخ" في اللعبة، وزيادة جرعة الصدمة والدموية، فنرى أرجلا مقطوعة، أو رؤوسا متفجرة، أو دماء تسيل من الأذن، وغيرها، ولكن ما معنى ذلك إذا كان المتفرج لا يرتبط أصلاً بالشخصيات؟ وهل 6 أجزاء ضعيفة سابقاً لم تؤدِ بصناع العمل لإدراك أن الفراغ المهول في الدراما يحول المقاطع البعيدة عن ألعاب "جيكساو" إلى ملل كامل؟ وأن محاولة صنع "تويست" ختامي لم ينجح في أي مرة –باستثناء الجزء الأول- لأن الانقلابية والمفاجأة تأتي أصلاً عن أحداث وشخصيات لا يعرفها المشاهد وتذكر كمجرد معلومات؟ مثلما يحدث هنا بشأن زوجة "لوجان" الميتة أو التاريخ العسكري في الفلوجة أو التأسيس النمطي جداً لـ"هولوران" كمحقق فاسد؟ تلك الأشياء البسيطة جداً لم يدركها مخرجو وصناع الفيلم، أو على الأقل أدركوها ولم تكن مهمة بالنسبة لهم قياساً على أن هناك شريحة مضمونة من الجمهور ستحضر الفيلم.

دلالات
المساهمون