تبدو السعادة واضحة على الطفلة سمية 14 عاماً، وهي تلهو في حديقة صغيرة تتوسط مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة المهملة، والمهددة بالمصادرة للأغراض العسكرية والاستيطان والشوارع التي ينوي الاحتلال إقامتها، على امتداد أراضي بلدة السواحرة الشرقية جنوب شرقي القدس المحتلة.
وتقول سمية لـ"العربي الجديد" أثناء تواجدها في حفل افتتاح حديقة صغيرة أقيمت خصيصاً للتجمعات البدوية شرقي السواحرة، بغرض تثبيتهم في أراضيهم ضد مخططات الترحيل الإسرائيلي: "إن الحديقة رائعة جداً وقدمت" لها ولبعض أصدقائها "جزءاً من التسلية المحرومة منها"، وتضيف أن أطفال التجمعات البدوية يلتقون "من أجل الحصول على بعض المرح من خلال بعض الألعاب المتواجدة في ساحة الروضة والتي أنشئت قبل عامين".
ومن على أرجوحتها وجهت رسالة إلى المجتمع الدولي بضرورة مساعدتها وتلك العائلات التي تسكن بالقرب من المستوطنات وفي التجمعات البدوية المهددة بالترحيل، والوقوف إلى جانبها تزامناً مع الهجمة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، ومنعهم من تنفيذ مخططات تهجيرهم من أماكن سكنهم.
مخططات الاحتلال
"وحديقة السواحرة" هي مشروع نفّذه اتحاد لجان العمل الزراعي، بالتعاون مع المجلس القروي في السواحرة الشرقية، ويهدف إلى تثبيت السكان في أماكنهم، والوقوف في وجه مخططات التهويد والمشاريع الاستيطانية، الرامية إلى بسط السيطرة على أراض تبلغ مساحتها 70 ألف دونم تمتد من القدس المحتلة وحتى مشارف البحر الميت، ومصنفة بحسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي بتصنيف (C).
وبحسب ما قاله نائب رئيس مجلس قرويي السواحرة الشرقية أبو علاء جعفر لـ"العربي الجديد"، إن الحديقة تقع في تجمع بدوي بمنطقة تسمى "المنطار" على بعد بضعة كيلو مترات شرق البلدة وبضعة أمتار عن مستوطنة "كيدار"، المقامة على أراضي أهالي البلدة، وتهدف بشكل أساسي إلى تعزيز صمود السكان في أرضهم، وعدم تمكين سلطات الاحتلال من ترحيلهم ضمن مشروع المخطط الاستيطاني (E1) الذي يهدف إلى ترحيل التجمعات البدوية المقيمة في محيط مدينة القدس.
ونوه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بشكل صامت إلى مصادرة تلك المساحات الشاسعة من الأراضي، ووضع اليد عليها من أجل تنفيذ ثلاثة مشاريع مستقبلية ضخمة، منها الشارع الاستيطاني الكبير والمعروف بشارع "شريان الحياة"، إضافة إلى الجدار الحاضن للمستوطنات الثلاث هناك، وأيضاً التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي لأغراض الرماية العسكرية.
ويبعد التجمع البدوي الذي أقيمت فيه الحديقة بضعة أمتار عن أراض صادرها جيش الاحتلال بغرض الرماية العسكرية "المناورات".
وهذا على ما يبدو يقلق كثيراً الطفل البدوي مراد ويبلغ من العمر عشر سنوات، والذي يتمنى أن يملك دراجة هوائية كي يلهو بها في أروقة الحديقة بعيداً عن الضجيج الذي تحدثه الطائرات الحربية، وصوت المدافع والرشاشات من حوله.
ويتمنى الطفل الصغير ألّا تقتحم جرافات الاحتلال الحديقة التي أعطته، بحسب تعبيره خلال حديثه الخجول مع "العربي الجديد"، شيئاً من الراحة والسعادة، التي لا يريدها أن تُقتل لحظة ترحيلهم أو اقتلاعهم من أرضهم، فيما يرفض أن يتخيل مشهد جرافة وهي تقتلع روضته، وهي عبارة عن غرفة صغيرة جدرانها وسقفها من الحديد، كي لا تنتهي أحلامه.
ويشكو السكان المحليون إهمال السلطة الفلسطينية منطقتهم، إضافة إلى انعدام الخدمات الصحية والتعليمية، ويطالبون المسؤولين والمؤسسات الدولية بضرورة تعبيد وترميم الطرقات الوعرة التي تقود إلى تجمعاتهم، وكذلك تحسين ظروفهم المعيشية وإقامة مشاريع تنهض بهم وبمواشيهم، من أجل الصمود والبقاء.
ويعيش في "برية السواحرة" عدد من التجمعات البدوية الذين يفتقرون بشكل كامل للبنية التحتية بكافة أشكالها، إضافة إلى الخدمات الصحية والطبية والتعليمية، ويعانون إلى حد كبير من مضايقات الاحتلال ومحاولات الترحيل، ويعتمدون على رعي الأغنام، ويواجهون ويلات سيطرة جيش الاحتلال على مراعيهم وإغلاقها، إضافة إلى فرض غرامات مالية على الرعاة.