طالب حزب "حراك تونس الإرادة"، بإسقاط مشروع قانون المصالحة الذي طرحته رئاسة الجمهورية، رغم التعديلات التي أدخلت في مداولات اللجان داخل مجلس نواب الشعب، وشدد الحراك على ضرورة التصدي لمحاولة تمريره خلال الجلسة العامة، التي قد تعقد الأسبوع القادم.
وأكد الحزب في بيان له، أمس الثلاثاء، أن "تغيير اسم مشروع القانون (مشروع قانون المصالحة الاقتصادية سابقا) واختصار فصوله، لن يغيّر من مضامينه الخطيرة ووظيفته المتمثّلة في مأسسة الفساد وتكريس سياسة الإفلات من العقاب". واعتبر أن "العفو عن الموظفين وأشباه الموظفين من وزراء المخلوع زين العابدين بن علي، وكل من كرّس الفساد في مؤسسات الدولة، بدون سياسة تكشف عن الحقيقة وتهدف إلى تفكيك منظومة الفساد، وتعمل على إصلاح المؤسسات، وجبر الضرر الذي لحق المجموعة الوطنية، يمثّل مواصلة لنهج التحيّل وتسويغ نهب المال العام".
وشدد البيان على أنّ المساواة بين الفاسدين وناهبي المال العام وبين الموظفين الشرفاء الذين حافظوا على مقدرات الدولة، وصمدوا في وجه الضغوطات، ودفعوا لذلك ثمنا من مستقبلهم الوظيفي، هو سقوط أخلاقيّ ونسف للمحاسبة والحوكمة والشفافيّة. كما أشار إلى أن "المصالحة يجب أن تتم على قاعدة قانون العدالة الانتقالية، وكل محاولة خارج هذا الإطار هي محاولة لتقويض مسار العدالة الانتقاليّة".
وأضاف الحزب أن سكوت رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، عن قانون المصالحة الإدارية يفقد دعوته إلى محاربة الفساد كل مصداقيّة ويجعل منه طرفا في حرب بين فاسدين، مشيرا إلى "أن هذا التناقض بين مأسسة الفساد وادعاء محاربته، هو السمة البارزة لسلطة جاءت بالتزوير والوعود الكاذبة، وتعيش الآن على خداع المواطنين في هذا الملف البالغ الحساسية والأهمية"، بحسب نص البيان.
بدوره، قال الأمين العام لـ"حراك تونس الإرادة"، عماد الدايمي، لـ"العربي الجديد" إن التعديلات التي شملت مشروع القانون لم تمس روح وجوهر القانون الذي ينص على الانتقال من مصالحة حقيقية تكون بعد المحاسبة وكشف الحقائق كما يقضي قانون العدالة الانتقالية، إلى عملية عفو على عديد المتورطين والفاسدين الأمر الذي يكرس لسياسة الإفلات من العقاب.
وأوضح الدايمي، أنه لا يوجد أي مبرر لإصدار هذا العفو الذي لن يمكن التونسيين من استعادة حقوقهم، مبينا أن مشروع القانون الحالي لا يفصل بين التونسيين الذين صمدوا في وجه النظام السابق ومورست عليهم عديد الضغوطات، وبين أولئك الذين انخرطوا في الفساد والمنظومة، معتبراً أن القانون يتناقض مع مبدأ العدالة الانتقالية ويضرب مسار هيئة الحقيقة والكرامة.
واكد الدايمي أن المصالحة تتم بعدة مراحل وهي الاعتذار للشعب التونسي وكشف الحقيقة ثم استكمال الإجراءات القانونية للمصالحة، ومن هذا المنطلق يتم التمييز بين التونسيين الذين تورطوا مع النظام السابق، وأولئك الذين لم يتورطوا، مبيناً انه بعد العفو على الإداريين وموظفي الدولة، سيتم العفو أيضا على رجال الأعمال الفاسدين، وهي الخطوة الثانية في المصالحة.
واعتبر أن مشروع القانون الذي سيتم تمريره للتصويت عليه خلال الجلسة العامة في مجلس نواب الشعب، ركز على مصطلحات عامة، وأن الغموض قد يكون مقصوداً، مشيراً إلى أن الحزب سيخوض معركة كبرى لكي لا يمرر مثل هذا المشروع، ولكي لا يتم التصويت على فصوله، والتي تشكل خطورة كبرى، ومن شأنها أن تهدد مسار العدالة الانتقالية في تونس.