17 نوفمبر 2024
"حماس" واستجداء النظام السوري
تدخل تصريحات عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، محمود الزّهار، عن ضرورة عودة علاقة الحركة مع نظام بشار الأسد في سورية، في سياق استجداء هذا النظام، والتزلف المهين له، ولراعيه الإيراني في طهران. ولعل إبداء الزهار الندم على قطع "حماس" علاقتها مع النظام الأسدي يخصه وحده، ولكن في تصويره هذا النظام راعي الفلسطينيين وفصائلهم وتنظيماتهم، والواقف مع فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي، فيه مخاتلة وتناقض كبير، ولا يتسق مع تعامل هذا النظام مع الفلسطينيين، فقد أوردت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، في تقرير لها، أن هذا النظام قتل أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني في سورية، منذ اندلاع الثورة السورية في منتصف مارس/آذار 2011 إلى يونيو/حزيران 2018، وقام بهجمات عديدة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة على مخيمات الفلسطينيين في مختلف أنحاء سورية، خصوصا مخيم اليرموك في دمشق، فضلاً عن حصار هذا المخيم سنوات عديدة، وقصف مدنييه ومنشآته الحيوية بصواريخ مقاتلاته، وإمطار شوارعه وأحيائه بالبراميل المتفجرة من طائراته العمودية، فضلاً عن منعه وصول المساعدات الطبية والمواد الغذائية من الدخول إلى المخيم. وإلى ذلك، وثّقت المنظمة الحقوقية الفلسطينية، في تقرير لها أصدرته منتصف إبريل/نيسان الفائت، مقتل 548 فلسطينياً تحت التعذيب في معتقلات نظام الأسد وسجونه، من أصل 1748 فلسطينياً محتجزين فيها.
واللافت أنه على الرغم من الفظاعات والجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الفلسطينيين في
مخيم اليرموك، خرج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، يطالب أهالي المخيم بالاعتذار من النظام المجرم، ووصل به الأمر إلى اعتباره أهالي المخيم السبب في تدمير مخيمهم، وبالتالي، ليس غريباً أن يتحدّث الزهار عن أن نظام الأسد "فتح لنا الدنيا"، مع أن هذا النظام هو أكثر الأنظمة العربية التي تاجرت بالقضية الفلسطينية، وبجميع الفلسطينيين، بوصفهم ورقة، خصوصاً أبناء المخيمات، واستخدامهم في كل ما من شأنه تقديم أفضل خدمة يمكنه تقديمها إلى إسرائيل، والتي شكلت مبرّر وجوده واستمراره في حكم سورية والسوريين.
كان الأجدى بالزهار وسواه أن يندّد بفتح النظام الأسدي أبواب الجحيم على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأن يطالبه بتطبيق القوانين والأعراف الدولية الخاصة بحمايتهم ورعايتهم بشكل ملزم، تحت طائلة المسؤولية والعقوبات المترتبة في القانون الدولي، وضمن أعراف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ويتذكر الفلسطينيون جميعاً، بمن فيهم قادة منظمة التحرير، جيداً ما ارتكبه نظام الأسد الأب من جرائم بحقهم، في أكثر من بلد عربي، خصوصا في لبنان، حين فرضت قوات جيش الأسد (تحت مسمى قوات الردع)، في أواخر يونيو/حزيران عام 1976، إلى جانب المليشيات المتطرّفة من الأحزاب المسيحية الموالية له، حصاراً خانقاً ومرعباً على مخيم تل الزعتر في بيروت، استمر ما يزيد على شهرين، وترافق بعمليات تنكيل وتعذيب وعقاب جماعي في حق سكان المخيم الذي كان يقطنه عشرات آلاف الفلسطينيين إلى جانب فقراء اللبنانيين. واقتحمته قوات الأسد والمليشيات المسيحية التابعة له في ليلة 14 أغسطس/آب 1976، بعد إنهاك أهله المستضعفين بالجوع والرعب والقصف المركّز، ونفّذت المليشيات الطائفية مذبحة مروّعة فيه، ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني.
ولم يكتف نظام الأسد الأب بذلك، بل لاحق التنظيمات الفلسطينية، حتى أرغمها بالقوة على
الخروج من لبنان. وسار نظام الأسد الابن على خطى الأب نفسها في التعامل الوحشي مع الفلسطينيين بعد اندلاع الثورة السورية. ومع ذلك، يستجدي محمود الزهار بشكل مهين عودة العلاقات معه، قافزاً على الدم الفلسطيني الذي أراقه هذا النظام، بل وتمادى القيادي في حركة مقاومة فلسطينية في التذلل له، حين وصف قلوب المجرمين في نظام الأسد بالمجروحة، الأمر الذي يتعدّى التعبير عن الامتنان لنظام الملالي الإيراني الراعي نظام الأسد، والداعم حركة حماس، مع أن القاصي والداني يعلمان تماماً أن دعم النظام الإيراني "حماس" وسواها يدخل ضمن حسابات المشروع الإيراني وتوظيفاته في المنطقة والإقليم، الساعي إلى الهيمنة وبسط النفوذ على دولها وشعوبها، وليس لدواعي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، حسبما يحاول تسويقه الزهار وسواه في "حماس" وغيرها، عبر المخاتلة والتزييف في الخطاب والتوجه، وكأن وعيهم السياسي أصابه قصور عميق، أفقدهم البصر والبصيرة.
ولعل الاستجداء الذي يبديه الزهار، والتيار الذي ينطق باسمه داخل "حماس"، حيال النظامين الإيراني والسوري، يأتي في وقت يواصل فيه نظام الأسد هجومه على الحركة التي سبق وأن وصفها هذا النظام بأنها مجموعة "لفظها الشعب السوري منذ بداية الحرب ولا يزال"، وأن "الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة.. وسارت في المخطط نفسه الذي أرادته إسرائيل"، وذلك لأن رأس هذا النظام يرى أن "الإخونجي هو إخونجي في أي مكان يضع نفسه فيه".
ويبقى أن قادة حركة حماس الذين يستجدون نظام بشار المجرم، ويدعون إلى عودة العلاقة معه، إرضاءً لنظام الملالي الإيراني، يعون جيداً أن ثمن تقرّبهم من النظام السوري بخس، على حساب الدم الفلسطيني ودماء السوريين. ولكنهم باتوا لا يكترثون لذلك، بعدما خسروا ما كانوا يسوقونه، بوصف حركتهم فصيلاً مقاوماً وكفاحياً ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأخفقوا في البرهنة على قدرتها على إدارة مجتمع فلسطيني تحت حصار الاحتلال، باستثناء إثبات قدراتها الأمنية والقمعية بوجه الفلسطينيين في غزة، عبر لجوئها إلى القمع والعنف لمواجهة أي حراك ضد سطوتها وسلطتها الأحادية الانفرادية.
كان الأجدى بالزهار وسواه أن يندّد بفتح النظام الأسدي أبواب الجحيم على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وأن يطالبه بتطبيق القوانين والأعراف الدولية الخاصة بحمايتهم ورعايتهم بشكل ملزم، تحت طائلة المسؤولية والعقوبات المترتبة في القانون الدولي، وضمن أعراف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ويتذكر الفلسطينيون جميعاً، بمن فيهم قادة منظمة التحرير، جيداً ما ارتكبه نظام الأسد الأب من جرائم بحقهم، في أكثر من بلد عربي، خصوصا في لبنان، حين فرضت قوات جيش الأسد (تحت مسمى قوات الردع)، في أواخر يونيو/حزيران عام 1976، إلى جانب المليشيات المتطرّفة من الأحزاب المسيحية الموالية له، حصاراً خانقاً ومرعباً على مخيم تل الزعتر في بيروت، استمر ما يزيد على شهرين، وترافق بعمليات تنكيل وتعذيب وعقاب جماعي في حق سكان المخيم الذي كان يقطنه عشرات آلاف الفلسطينيين إلى جانب فقراء اللبنانيين. واقتحمته قوات الأسد والمليشيات المسيحية التابعة له في ليلة 14 أغسطس/آب 1976، بعد إنهاك أهله المستضعفين بالجوع والرعب والقصف المركّز، ونفّذت المليشيات الطائفية مذبحة مروّعة فيه، ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني.
ولم يكتف نظام الأسد الأب بذلك، بل لاحق التنظيمات الفلسطينية، حتى أرغمها بالقوة على
ولعل الاستجداء الذي يبديه الزهار، والتيار الذي ينطق باسمه داخل "حماس"، حيال النظامين الإيراني والسوري، يأتي في وقت يواصل فيه نظام الأسد هجومه على الحركة التي سبق وأن وصفها هذا النظام بأنها مجموعة "لفظها الشعب السوري منذ بداية الحرب ولا يزال"، وأن "الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة.. وسارت في المخطط نفسه الذي أرادته إسرائيل"، وذلك لأن رأس هذا النظام يرى أن "الإخونجي هو إخونجي في أي مكان يضع نفسه فيه".
ويبقى أن قادة حركة حماس الذين يستجدون نظام بشار المجرم، ويدعون إلى عودة العلاقة معه، إرضاءً لنظام الملالي الإيراني، يعون جيداً أن ثمن تقرّبهم من النظام السوري بخس، على حساب الدم الفلسطيني ودماء السوريين. ولكنهم باتوا لا يكترثون لذلك، بعدما خسروا ما كانوا يسوقونه، بوصف حركتهم فصيلاً مقاوماً وكفاحياً ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأخفقوا في البرهنة على قدرتها على إدارة مجتمع فلسطيني تحت حصار الاحتلال، باستثناء إثبات قدراتها الأمنية والقمعية بوجه الفلسطينيين في غزة، عبر لجوئها إلى القمع والعنف لمواجهة أي حراك ضد سطوتها وسلطتها الأحادية الانفرادية.