قبل يوم واحد من الاجتماع المقرر أن تعقده اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، حول اليمن، أقر الفريق المكلف من التحالف العربي بالتحقيق بحادثة استهداف "القاعة الكبرى" في صنعاء، في بيان أمس السبت، بوقوع الحادثة بقصف جوي، لكنه ألقى باللائمة مباشرةً على جهة ما في رئاسة الأركان اليمنية الموالية للشرعية، الأمر الذي أثار عاصفة تساؤلات حول هذه الجهة وما إذا كانت المعلومات المعلنة ستخفف اللوم على التحالف. وأعلن الفريق المشترك لتقييم الحوادث والذي وعد في وقت سابق بالتحقيق بحادثة قصف "القاعة الكبرى"، حيث كان المئات يشاركون بمجلس عزاء، أنه وبعد الاطلاع على جميع الوثائق بما في ذلك إجراءات وقواعد الاشتباك، وتقييم الأدلة بما في ذلك إفادات المعنيين وذوي العلاقة في الحادثة"، تم التوصل إلى أن "جهة تابعة لرئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية قدمت معلومات إلى مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية - تبين لاحقاً أنها مغلوطة - عن وجود قيادات حوثية مسلحة في موقع محدد في مدينة صنعاء".
وأقر التحالف بوقوع الحادثة بقصف جوي، وقال "إن مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية وجه إحدى الطائرات الموجودة في المنطقة لتنفيذ المهمة مما أسفر عن وقوع وفيات وإصابات للمتواجدين في الموقع". وهذا الموقف يهدف إلى القول، إن الطائرة لم تقلع من الأراضي السعودية، وإنما من المنطقة التي لم يحددها، والتي يتواجد فيها مركز العمليات اليمني، كما هو واضح من سياق البيان.
ويتابع التحالف أن "في ضوء ما تم الاطلاع عليه من الحقائق والأدلة والبراهين، وحيث ثبت للفريق أنه بسبب - المعلومات التي تبين أنها مغلوطة - وبسبب عدم الالتزام بالتعليمات وقواعد الاشتباك المعتمدة، فقد تم استهداف الموقع بشكل خاطئ مما نتج عنه خسائر في أرواح المدنيين وإصابات بينهم". ومما يزيد الجدل حول الجهة اليمنية المسؤولة عن إعطاء معلومات عن الموقع، قال فريق التحقيق إنه "يجب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الأشخاص الذين تسببوا في الحادثة، والعمل على تقديم التعويض المناسب لذوي الضحايا والمتضررين. وضرورة قيام قوات التحالف فوراً بمراجعة تطبيق قواعد الاشتباك المعتمدة بما يضمن الالتزام بها".
وأثار هذا البيان، بما حمله من معلومات مثيرة حول أكثر الحوادث دموية في اليمن منذ بدء عمليات التحالف قبل ما يزيد عن عام ونصف، عاصفة من التساؤلات حول الجهة اليمنية المسؤولية، وما إذا كان ذلك يعني اتهاماً رسمياً لرئيس الأركان اللواء المقدشي، بالإضافة إلى إمكانية أن يشمل الاتهام قيادات أخرى في الشرعية. والتساؤل الآخر الذي يفرض نفسه يتمثل بمعرفة ما إذا كانت الإجراءات المتبعة بتحديد الأهداف تتطلب إطلاع قيادات عليا، ومنها نائب الرئيس الفريق، علي محسن الأحمر، الذي تحسب عليه العديد من قيادات الجيش المتمركزة في مأرب، فضلاً عما إذا كانت العمليات تتطلب موافقة من الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي.
ولاقى البيان ترحيباً من قبل العديد من الشخصيات والقيادات اليمنية، على الرغم من الملاحظات حول محتواه. واعتبر وزير الأوقاف والإرشاد اليمني الأسبق، القاضي حمود الهتار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "بيان التحالف خطوة أولى في الاتجاه الصحيح تضع المسؤولين عن الحادث تحت طائلة المسؤولية الجنائية، كما تتيح الفرصة لمساءلتهم أمام المحاكم المحلية والدولية باعتبارهم مجرمي حرب".
إلى ذلك، أثار حديث البيان عن "مركز توجيه العمليات الجوية في الجمهورية اليمنية"، تساؤلات حول حقيقة وجود مثل هذا المركز والأطراف والشخصيات المسؤولة عنه، والتي يشملها بيان التحالف. إذ إنه وللمرة الأولى يتم الحديث عن وجود مركز يمني للعمليات الجوية. وفي هذا السياق، أشار مسؤول يمني مقرب من الشرعية لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، إلى أن هناك فريقاً يمنياً معنياً بالضربات الجوية، لكنه لم يوضح ما إذا كان هذا الفريق، يعتبر غرفة عمليات منفصلة ومخولة بإصدار توجيهات بتنفيذ ضربات ضد أهداف، أم أنها تقدم معلومات لقيادة التحالف لإقرارها.
واعتبر الصحافي والمحلل اليمني، مأرب الورد، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "التحالف رمى بالمسؤولية على رئاسة هيئة الأركان" وهو ما يعني، في نظره، "تحميل الضعيف بدلاً من الاعتراف الكامل بالمسؤولية". وأضاف أن رئاسة الأركان المسؤولية "هدفه حصر المسؤولية على جهة يمنية وهذا أخف لاحتواء التداعيات وقبول المعنيين بالمحاسبة والتعويض".