"خواطر" بسكال: التفكير بمِعوَل الصراحة الداخلية

10 أكتوبر 2015
باسكال في كاركاتير لـ دافيد ليفين
+ الخط -

صدرت منذ أيام طبعة جديدة من ترجمة إدوار البستاني لكتاب "خواطر: سمات في الفكر والأسلوب والخلقيات والمعتقد" للفيلسوف والعالم الفرنسي بلاز باسكال (1623 - 1662) عن "المنظمة العربية للترجمة" وهي ترجمة صدرت طبعتها الأولى في منتصف السبعينيات.

تعد خواطر باسكال واحدة من أهم الأعمال الفكرية التي ظهرت في الفترة الواصلة بين عصري النهضة الأوروبية والأنوار، بالرغم من سمة العفوية التي طبعت مجمل نصوص الكتاب.

لعل أهمية عمل باسكال تكمن في استعادته لقيمة "التفكير الحر" والتي بدا بها وأنه يستعيد تقليداً ترسّخ في كتاب "الاعترافات" لأغوسطينوس في القرن الرابع ميلادي، من جوانب عدة؛ من درجة الصراحة الداخلية المتعالية على أي ضغط دنيوي، وصولاً إلى منطق الدفاع عن الدين، وتبني وجهة نظر تقول بأن تفريط الإنسان في العلاقة الوطيدة مع الله يجعله يخسر سعادته الدنيوية.

صدر كتاب الخواطر سنة 1669، أي بعد وفاة باسكال بسبع سنوات. في الحقيقة، لم يصدر لابن منطقة كلارمون سوى عملين فلسفيّين هما "الرسائل الإقليمية" و"خواطر"، الأول نشره باسم مستعار والثاني نشر إثر وفاته فيما كانت بقية مؤلفاته علمية بحتة، موزّعة بين الفيزياء والرياضيات.

يدافع باسكال عن الدين في مواجهة موجة التشكيك فيه التي طبعت عصره. هذا الدفاع حاول أن يبنيه على قاعدة البحث عن سعادة الإنسان، الذي يقسمه إلى ثلاثة أبعاد: جسد وعقل وقلب في تصوّر تقليدي للغاية، ولكنه يدعمه بمفهوم "النظام" (المستمد من العلم) والذي سيصبح مفهوماً فلسفياً أساسياً بعده.

يتناول باسكال أيضاً المسألة السياسية في عمله، وإن بشكل غير مباشر، حيث نجد أنه يقر بالهرمية الاجتماعية الموجودة، معتبراً أنها أمر سليم من الناحية العقلية، وهو ما جعل أفكاره تنتشر لفترة من الوقت تحت رغبة الطبقة الأرستقراطية المستفيدة من مثل هذا التصوّر، قبل أن تأتي الثورة الفرنسية (1789) لتعيد ترتيب الأشياء.

مترجم العمل، الكاتب اللبناني إدوار بستاني (1901 - 1979) توزّعت أعماله بين الشعر والتاريخ واتجه في ترجماته بالأساس صوب المسرح من خلال أعمال لبرتولد بريشت ونيكولاي غوغول، وتعد "خواطر" باسكال ترجمته الوحيدة لعمل فكري.


اقرأ أيضاً: "الاقتصاد والمجتمع" لـ ماكس فيبر: ترجمة متأخرة

المساهمون