11 أكتوبر 2024
"داعش" بكل الأشكال
يبدو أن موجات التطرّف تسير باطّراد في العالم، ولم تعد حكراً على طرف دون آخر أو طائفة دون أخرى، فالصفة لم تعد محصورة في "داعش" أو غيره من التنظيمات التي تحمل الفكر نفسه القائم على القتل أو تطبيق رؤاها بالعنف، على الرغم من أن أفعال هذه الفئة لا تزال هي الطاغية، وتستدعي استنفاراً عالمياً وتحشيد الجيوش، وهو أمر طبيعي، بالنظر إلى مقدار التطرّف الذي بدأ ينشره التنظيم وأخواته في المجتمعات العربية والإسلامية.
لكن الأسبوع الماضي كان حافلاً بأشكال مختلفة من التطرّف، قد يكون من الواجب التوقف عندها بالنسبة للمجتمعات الغربية، خصوصاً التي تأخذ على عاتقها مكافحة هذه الآفة. لعل حادثة مقتل النائبة البريطانية، جو كوكس، متأثرة بجراحها، بعد تعرّضها لهجوم الخميس الماضي في غرب يوركشاير، مؤشر أساسي إلى النوع الجديد من حالات التطرّف، أو الشكل الآخر لداعش الآخذ في التوسع في المجتمعات الغربية على شكل اليمين المتطرّف الذي لا يتوانى عن اللجوء إلى العنف للتعبير عن أفكاره. قاتل النائبة ليس أجنبياً ولا مهاجراً ولا مسلماً، بل من الواضح أنه مواطن بريطاني أراد معاقبة كوكس على مواقفها التي اعتبرها لا تخدم بريطانيا، وهو على هذا الأساس صرخ "بريطانيا أولاً" قبل إطلاق النار وطعن النائبة. ووضعت العبارة عملية القتل في سياقين، أولهما الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي كانت كوكس تدفع باتجاه التصويت للبقاء، والثاني موقف النائبة من قضية اللاجئين السوريين الذين كانت ترحب باستقبالهم في المملكة المتحدة. رأى الرجل هذه المواقف متناقضةً مع قناعاته، ولم يجد من وسيلة لردع هذا الأمر إلا بالعنف. هذا وجه آخر لـ "داعش" على الرغم من أنه لا يحمل الخلفيات الأيديولوجية للتنظيم، لكنه يسير على النهج نفسه، وهو أمر قد يتوسّع بريطانياً وأوروبياً في ظل الزحف اليميني المتطرف.
الأمر نفسه يمكن إسقاطه على جريمة ملهى المثليين في أورلاندو، فعلى الرغم من تبني "داعش" الاعتداء وانتماء المنفذ إلى الدين الإسلامي، إلا أن التحقيقات تسير نحو وضع الأمر في إطار الكراهية، من دون استبعاد حالة وجود اختلال ذهني للمنفذ الذي يبدو أنه كان حائراً في ما يخص هويته الجنسية وانتماءه الاجتماعي، وربما الديني. لم يكن تبنّي "داعش" مفاجئاً، خصوصاً أن التنظيم يسعى إلى تضخيم قوته، وتصوير أن يده ممتدة وقادرة على الوصول إلى الأهداف كافة، وفي مختلف أرجاء المعمورة، مستنداً إلى الهوية الدينية للمنفذ عمر متين. غير أن من الواضح أن خلفيات أخرى، لا علاقة لها بالتنظيم وأفكاره تقف وراء المجزرة.
حالات أخرى يمكن رصدها في أكثر من مكان، تؤشر إلى توسع رقعة الفكر "الداعشي". ولكن، بأشكال أخرى، على غرار ما هو حاصل في إحدى الجامعات اللبنانية، والتهديدات التي تتلقاها فتياتٌ لارتدائهن ملابس "تخالف البيئة الاجتماعية". لا ينتمي مطلقو التهديدات فكرياً إلى "داعش"، بل على النقيض، هم من أشد معارضي التنظيم، وجزء منهم يقاتله في سورية في إطار ما يسميها "حرباً استباقية"، قبل وصول "داعش" إلى لبنان. لكن الإمعان في النظر إلى التهديدات والمصطلحات والخلفيات المنطلقة منها تؤشر إلى أن أفكار التنظيم باتت موجودة فعلاً في لبنان، لكن تحت رايةِ محاربته، وهنا المفارقة.
الأحداث السابقة، وغيرها ربما كثير، توضح أن "داعش" ليس تنظيماً إسلامياً متطرّفاً فحسب، بل نهج بات يأخذ أشكالاً ومسمياتٍ متعدّدة ومنتشرة في أماكن متفرقة من العالم، وهي تستحق أيضاً الوقوف أمامها ومكافحتها.
لكن الأسبوع الماضي كان حافلاً بأشكال مختلفة من التطرّف، قد يكون من الواجب التوقف عندها بالنسبة للمجتمعات الغربية، خصوصاً التي تأخذ على عاتقها مكافحة هذه الآفة. لعل حادثة مقتل النائبة البريطانية، جو كوكس، متأثرة بجراحها، بعد تعرّضها لهجوم الخميس الماضي في غرب يوركشاير، مؤشر أساسي إلى النوع الجديد من حالات التطرّف، أو الشكل الآخر لداعش الآخذ في التوسع في المجتمعات الغربية على شكل اليمين المتطرّف الذي لا يتوانى عن اللجوء إلى العنف للتعبير عن أفكاره. قاتل النائبة ليس أجنبياً ولا مهاجراً ولا مسلماً، بل من الواضح أنه مواطن بريطاني أراد معاقبة كوكس على مواقفها التي اعتبرها لا تخدم بريطانيا، وهو على هذا الأساس صرخ "بريطانيا أولاً" قبل إطلاق النار وطعن النائبة. ووضعت العبارة عملية القتل في سياقين، أولهما الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي كانت كوكس تدفع باتجاه التصويت للبقاء، والثاني موقف النائبة من قضية اللاجئين السوريين الذين كانت ترحب باستقبالهم في المملكة المتحدة. رأى الرجل هذه المواقف متناقضةً مع قناعاته، ولم يجد من وسيلة لردع هذا الأمر إلا بالعنف. هذا وجه آخر لـ "داعش" على الرغم من أنه لا يحمل الخلفيات الأيديولوجية للتنظيم، لكنه يسير على النهج نفسه، وهو أمر قد يتوسّع بريطانياً وأوروبياً في ظل الزحف اليميني المتطرف.
الأمر نفسه يمكن إسقاطه على جريمة ملهى المثليين في أورلاندو، فعلى الرغم من تبني "داعش" الاعتداء وانتماء المنفذ إلى الدين الإسلامي، إلا أن التحقيقات تسير نحو وضع الأمر في إطار الكراهية، من دون استبعاد حالة وجود اختلال ذهني للمنفذ الذي يبدو أنه كان حائراً في ما يخص هويته الجنسية وانتماءه الاجتماعي، وربما الديني. لم يكن تبنّي "داعش" مفاجئاً، خصوصاً أن التنظيم يسعى إلى تضخيم قوته، وتصوير أن يده ممتدة وقادرة على الوصول إلى الأهداف كافة، وفي مختلف أرجاء المعمورة، مستنداً إلى الهوية الدينية للمنفذ عمر متين. غير أن من الواضح أن خلفيات أخرى، لا علاقة لها بالتنظيم وأفكاره تقف وراء المجزرة.
حالات أخرى يمكن رصدها في أكثر من مكان، تؤشر إلى توسع رقعة الفكر "الداعشي". ولكن، بأشكال أخرى، على غرار ما هو حاصل في إحدى الجامعات اللبنانية، والتهديدات التي تتلقاها فتياتٌ لارتدائهن ملابس "تخالف البيئة الاجتماعية". لا ينتمي مطلقو التهديدات فكرياً إلى "داعش"، بل على النقيض، هم من أشد معارضي التنظيم، وجزء منهم يقاتله في سورية في إطار ما يسميها "حرباً استباقية"، قبل وصول "داعش" إلى لبنان. لكن الإمعان في النظر إلى التهديدات والمصطلحات والخلفيات المنطلقة منها تؤشر إلى أن أفكار التنظيم باتت موجودة فعلاً في لبنان، لكن تحت رايةِ محاربته، وهنا المفارقة.
الأحداث السابقة، وغيرها ربما كثير، توضح أن "داعش" ليس تنظيماً إسلامياً متطرّفاً فحسب، بل نهج بات يأخذ أشكالاً ومسمياتٍ متعدّدة ومنتشرة في أماكن متفرقة من العالم، وهي تستحق أيضاً الوقوف أمامها ومكافحتها.