وجدّد النظام تهديداته لدرعا بعد استهداف مجهولين منذ أيام بالأسلحة الرشاشة سيارة تقل ضابطين من "اللواء 52" في ريف درعا الشرقي، هما العقيد الركن حامد مخلوف، قائد أركان اللواء، والعقيد محمود حبيب، مسؤول التنظيم في اللواء، وذلك على الطريق الواصلة بين مدينتي الحراك - المليحة الغربية، شرق درعا، ما أدى الى مصرعهما على الفور. ووفق "تجمع أحرار حوران"، قتل منتصف شهر إبريل/ نيسان الحالي ثمانية عناصر من قوات النظام، بينهم أربعة ضباط، مشيراً إلى أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن عملية الاستهداف. ولفت التجمع إلى أن "اللواء 52 يتمركز شرق مدينة الحراك، ويعد ثاني أكبر الألوية في سورية من حيث المساحة، وكانت فصائل المعارضة قد سيطرت عليه لأكثر من ثلاث سنوات، واستعادته قوات بشار الأسد بدعم روسي في يونيو/ حزيران 2018".
وهدّد قائد ما يسمّى "مغاوير البعث" التابعة للنظام باستهداف أهالي من نعتهم بـ"الإرهابيين" في محافظة درعا، مضيفاً عبر حسابه على موقع "فيسبوك": "درعا طاف الكيل".
من جهتها، اتهمت منذ أيام وكالة "الأنباء الفدرالية" الروسية المملوكة من المليادير الروسي يفغيني بريغوجين، الذي يوصف بأنه "طبّاخ بوتين" ويعرف عنه بأنه ممول مجموعات "فاغنر" للمرتزقة، النظام السوري بالترويج لمعارك وهمية مع "داعش" في منطقة السخنة في ريف تدمر بقلب البادية السورية، والادعاء أن حقلي "حيان" و"الشاعر" للغاز توقفا عن العمل بسبب سيطرة التنظيم على المنطقة، وذلك لتبرير زيادة النظام السوري ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن السوريين.
ولطالما كان "داعش" ومجموعاتٌ متشددة أخرى مثل "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) الذريعة الجاهزة للنظام وداعميه الروس والإيرانيين، للفتك بالسوريين وفصائل المعارضة السورية، سواء في الجنوب السوري بمحافظتي درعا والقنيطرة، أو في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق وفي ريف حمص الشمالي. وتحت هذه الذريعة، ارتكب النظام والروس والإيرانيون مجازر كبيرة بحق المدنيين من خلال الإفراط باستخدام القوة، ما أدى إلى إخضاعها في النهاية بسبب عدم قدرة فصائل المعارضة على مجابهة الطيران الروسي.
وتتعرض قوات النظام ومليشيات تابعة لها في درعا لحرب استنزاف منذ عام 2018، حيث لا يكاد يمر يوم من دون عمليات عسكرية، غالباً ما تنتهي بقتل عناصر وضباط من هذه القوات، التي كانت قد سيطرت على محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سورية، إثر اتفاق المصالحة الذي أبرم بين روسيا والمعارضة في يوليو/ تموز من ذلك العام. وأثبتت الوقائع لاحقاً أن هذا الاتفاق كان مدخلاً واسعاً للنظام للفتك بأهالي درعا، عقاباً على خروجهم ضده منذ عام 2011، في ظلّ عدم التزام الجانب الروسي وعوده بردع تلك القوات، لكونه ضامناً للاتفاقات. وكانت المقاومة الشعبية في محافظة درعا، التي تضّم مقاتلين كانوا في فصائل المعارضة قبل اتفاقات التسوية، قد أعلنت عن نفسها أواخر 2018، موضحةً أنّها تعمل لـ"ردع قوات الأسد والمليشيات الموالية لها، في ظلّ استمرارها بالاعتقالات والانتهاكات بحق مناطق الجنوب السوري"، وفق بيان صدر عنها.
وكانت هذه القوات قد أنهت وجود تنظيم "داعش" في حوض اليرموك بمحافظة درعا أواخر 2018، من خلال إبرام صفقة مع "جيش خالد" الذي كان مبايعاً للتنظيم نُقل من خلالها عدد كبير من عناصر "داعش" إلى البادية، في نية مبيتة من النظام لاستخدامهم كفزّاعة ضد محافظة السويداء المتاخمة للبادية، التي يشكل الدروز غالبية سكانها. وكان "داعش" قد هاجم في منتصف ذلك العام قرى في ريف السويداء الشرقي، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من المدنيين من طائفة الموحدين الدروز. كذلك اختطف التنظيم المئات من أبناء القرى الدرزية، ولم يفرج عنهم إلا بعد إبرام صفقة مع النظام والجانب الروسي. وكان نشطاء في المحافظة قد اتهموا في ذلك الحين قوات النظام بالتراخي في حماية القرى الدرزية الواقعة على تخوم البادية حيث ينشط التنظيم، ما أدى إلى هذا الاختراق.