ينتقل العشرات من العراقيين والسوريين بين البلدين بلا جوازات سفر، عبر الحدود العراقية السورية في محافظة الأنبار، وفي منطقة البو كمال، ودير الزور السوريتين، منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الشريط الحدودي العراقي السوري.
بعد أن أزال التنظيم جميع الحواجز ونقاط التفتيش بين البلدين، أصبح الطريق سالكاً أمام المواطنين بلا جواز سفر، سوى وجوب ترديد عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) للداخلين والخارجين، من نقاط التفتيش التابعة لتنظيم "الدولة".
يقول سامي مهنا (47 عاما) من أهالي القائم لـ"العربي الجديد" "أصبح من السهل الذهاب إلى سورية بلا جواز سفر، للعلاج أو شراء بعض البضائع والحاجيات أو حتى السكن، فالأمر سهل جدا، ولا تطلب نقاط التفتيش التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" سوى ترديد عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) للداخلين والخارجين من البلدين".
اقرأ أيضاً: نزوح عكسي لأهالي الأنبار من بغداد بسبب التضييق الحكومي
ويسيطر تنظيم "الدولة " على أكثر من 85 في المائة من مساحة الأنبار غرب العراق، بما في ذلك الشريط الحدودي بين العراق وسورية كله، فضلاً عن سيطرته على مناطق البوكمال ودير الزور السوريتين، المحاذيتين لمحافظة الأنبار العراقية.
ويلجأ أهالي المناطق الغربية من الأنبار للسفر إلى سورية لغرض العلاج، بعد أن أصبحت الأنبار شبه معزولة عن العراق، وأصبح المواطن الأنباري غير مرغوب به في العاصمة بغداد، وبعد قيام قوات الجيش العراقي بإغلاق الطرق المؤدية إلى خارج المحافظة.
ويقول الناشط المدني عمار الراوي (36 عاما) إنَّ "مواطني محافظة الأنبار لا يستطيعون الذهاب إلى أي مدينة عراقية، بسبب الخوف من المليشيات الطائفية التي تستهدفهم بالقتل، فيلجأون إلى الذهاب إلى سورية في مناطق البو كمال ودير الزور بموافقة تنظيم "الدولة"، الذي فتح الطريق أمام المسافرين بلا جوازات سفر، وخصص باصات صغيرة لنقل المسافرين من وإلى البلدين، وبأسعار زهيدة".
ويكشف الراوي عن أنَّ "السفر إلى سورية أصبح الطريق الوحيد الذي ينقذ عشرات المرضى الذين لا يستطيعون الذهاب للعلاج في مستشفيات المحافظات العراقية، فالمليشيات تستهدف كل شخص من الأنبار رجلاً كان أو امرأة أو حتى طفلاً، ولم تبقَ سوى المحافظات الشمالية في كردستان ولا توجد إليها طرق برية، بسبب المعارك وقيام الجيش بإغلاق الطرق المؤدية إليها، فضلاً عن قرب المسافة إلى سورية من الأنبار وسهولة الطريق وعدم وجود أية عراقيل وبلا جوازات وعبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تعتبر جواز السفر الوحيد".
اقرأ أيضاً: مليشيات تقتل 8 من عائلة واحدة وتشرّد النازحين ببغداد
السكن بسورية
ولا يقتصر سفر العراقيين إلى سورية على العلاج أو التبضع فقط، بل حتى للسكن، فمن المعروف أنَّ المناطق الغربية مثل "هيت وعنه وراوه والقائم" يسيطر عليها تنظيم الدولة بشكل كامل،
وتقطنها نفس العشائر القاطنة في البو كمال ودير الزور، وهي تتعرض للقصف الجوي بين الحين والآخر، ما يضطر العديد من الأهالي إلى السكن في مناطق سوريّة أكثر استقرارا.
يقول عثمان الهيتي (31 عاما) من أهالي مدينة هيت "إنَّ الملجأ الوحيد لأهالي الأنبار أصبح في سورية، لأغراض العلاج والتجارة وحتى السكن، فلا جوازات ولا تعقيدات إدارية ولا خطورة في الطريق، بعد أن تعاملت الحكومة العراقية مع أهالي الأنبار بمنتهى التعسف والجور وطردت النازحين من بغداد، وهناك خيارات عدة في سورية، أقلها أنّ القصف بوتيرةٍ أخف، وأن الزراعة والتجارة، خصوصاً مع تركيا ولبنان مستمرة ليس كمثل العراق حالياً.
وتعتبر التجارة بين المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسورية، أكثر نشاطا، لكنها محدودة نسبيا وتقتصر على الأدوية والفواكه والخضروات وتجارة المواشي وبعض المستلزمات.
ياسين الراوي (42 عاما) سائق سيارة نقل، يقول "التجارة مع سورية هي الطريق الوحيد لأهالي الأنبار لشراء الفواكه والخضروات والمواد الغذائية والطبية والإنسانية، حيث تمنع الحكومة العراقية وصول أيٍّ من تلك المواد إلى مناطقنا".
ويوضح الراوي لـ"العربي الجديد" أن "الطريق سهل جدا أمام التجار وسيارات الحمل (النقل) فلا جوازات ولا تعقيدات إدارية كما كان يحصل سابقاً ولا رشاوى، فالطريق مفتوح تماماً وآمن جداً، لولا القصف الجوي بين الحين والآخر".
اقرأ أيضاً: أنفاق الأنبار..استنساخ تجربة غزة على الحدود السورية العراقية