اقتربت المعارك من نهايتها في مدينة منبج السورية، والتي تبعد نحو ثمانين كيلومتراً، إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب. وبسط مقاتلو "قوات سورية الديمقراطية" نفوذهم على معظم أرجاء المدينة، وباتوا على وشك إعلان سيطرتهم عليها بالكامل. لكن المعارك الدائرة بمشاركة طيران التحالف الدولي منذ أكثر من شهرين، والتي قلصت تباعاً مناطق تواجد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) هناك، أحدثت في الوقت نفسه، دماراً واسعاً في المدينة، والتي كان يقطنها عشرات آلاف المدنيين، وأصبحت معظم أحيائها خالية من السكان.
واحتدمت المعارك خلال الأيام القليلة الماضية في منبج. وتمكن "المجلس العسكري لمنبج وريفها"، المنضوي تحت لواء "قوات سورية الديمقراطية" ذي الأغلبية الكردية، منذ يومين، من السيطرة على معظم المدينة، ما عدا منطقتي السرب وطريق جرابلس، الواقعين شمالي منبج. وكان مسلحو "داعش" لا يزالون يسيطرون على هاتين المنطقتين حتى ظهر أمس الثلاثاء. لكن مصادر القوات المهاجمة تتوقع أن تتداعى دفاعات "داعش" في أي لحظة. وكانت هذه القوات قدمت مبادرة تسمح خلالها لمسلحي التنظيم بالخروج من مناطق وجودهم في منبج، شرط أن يفرجوا عن المدنيين والسجناء لديهم. وطرح هذه المبادرة "المجلس العسكري لمنبج وريفها" يوم الإثنين الماضي، بعدما تقدم مقاتلوه حتى دوار البطة وسط المدينة، ورفعوا شعارهم على لافتة كبيرة هناك، قبل أن يعلنوا في بيان أن المعركة في منبج "وصلت لأيامها الأخيرة بعد تحرير مركز المدينة ودوار الكرة الأرضية والأحياء المحيطة بها، وبذلك تكون نسبة المناطق المحررة من المدينة تتجاوز الـ90 بالمائة".
لكن هذه المبادرة فشلت على ما يبدو. فلم يعلن "المجلس العسكري لمنبج وريفها" حتى ظهر أمس الثلاثاء، حصول أي تقدم جديد. وكان المتحدث الرسمي باسمه، شرفان درويش، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك لا تزال مستمرة في المدينة، ولا يزال مقاتلوه يخوضون المعارك داخل أحياء المدينة"، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أن المجلس هو المصدر الرسمي الوحيد المخوّل بما سمّاه "إعلان التحرير". والعقبة الأساسية تتمثل الآن باحتجاز تنظيم "داعش" مئات العائلات كدروع بشرية في المناطق التي لا يزال متواجداً فيها داخل منبج.
ويشير مسار العمليات العسكرية في المدينة، الواقعة إلى الغرب من مجرى نهر الفرات، وتبعد جنوباً عن الشريط الحدودي مع تركيا نحو ثلاثين كيلومتراً، إلى أن الاشتباكات التي شهدت تفجير التنظيم سيارات مفخخة، واستخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة، اقتربت فعلاً من نهايتها، لكن هذه المعارك، والتي كان رافقها قصف جوي عنيف من قبل طيران التحالف، خلال الأسابيع الماضية، قضت على أحياء بأكملها في المدينة، والتي أصبحت مدمرة جزئياً ولا تصلح معظم مناطقها للعيش.
اقــرأ أيضاً
وقال الناشط الإعلامي المتحدر من منبج، عدنان حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "الغارات والمعارك دمرت بعض الأحياء بشكل شبه كامل، كأحياء طريق حلب والحزاونة والكجليي وغيرها، وأصابت كافة المراكز الخدمية والعامة، والمدينة أصبحت بالتالي منكوبة بشكل كامل وغير صالحة للحياة"، مشيراً إلى أنه "تم تسجيل حالات تهجير للعرب في ريف منبج"، والتي كان يقطنها نحو ربع مليون نسمة "أكثر من 90 بالمائة منهم عرب، وكان يوجد حي اسمه طريق الجزيرة سكانه من الأكراد الذين تراوح نسبتهم في المدينة ما بين 5 و10 بالمائة".
وحاورت "العربي الجديد" في نفس السياق، الناشط الإعلامي، صادق الغانم، والذي يدير مع آخرين ما يعرف بـ"وكالة منبج للتوثيق". وأكد على أن "داعش لا يزال له وجود في المدينة وتحديداً في حي السرب، ويحتجز هناك مئات العائلات كدروع بشرية". ويقول الغانم إنه وثق مع نشطاء آخرين حجم "الدمار الهائل لا سيما في الأحياء الشمالية والغربية والجنوبي"، مشيراً إلى أن الدمار أتى على "منازل المدنيين والأسواق والمدارس والمساجد والأفران والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية"، قائلاً إن هناك "عائلات بأكملها لا تزال جثثها مرمية تحت الأنقاض". ويتهم الناشط من سماهم "مليشيات صالح مسلم"، وهو زعيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، والذي تتبع له "وحدات حماية الشعب" الكردية، بـ"ارتكاب انتهاكات تهجير بحق بعض السكان العرب"، قائلاً إن قرى بأكملها تم تهجير أهلها خصوصاً تلك "الواقعة غرب سد تشرين". وبحسب الغانم، تم توثيق عمليات تهجير لأهالي القرى التالية: "قرية خالد (عدد سكانها حوالي 2700 نسمة)، والسعيدين (2000 نسمة)، والقشلة (مع تجمع الحويجة حوالي 3500 نسمة)، والحج حسين (3000 نسمة)، وخربة زمالة والحمادات (3200 نسمة) والشاش (3000 نسمة)". وأكد أن كل سكان هذه القرى غادروها بعدما أجبروا على ذلك.
وتعثر تواصل "العربي الجديد" مع قيادات أو مسؤولين في "قوات سورية الديمقراطية" للوقوف على رأيهم حول هذه الاتهامات، لكن هذه القوات، كانت قد نفت قيامها بأي عمليات تهجير ممنهج. وتؤكد بأن رحيل بعض السكان من مناطقهم سيكون مؤقتاً، كنتيجة طبيعية للعمليات العسكرية. وفي آخر تصريحاته حول المعارك في منبج، قال زعيم "الاتحاد الديمقراطي" الكردي يوم الإثنين، إن "مشكلة منبج وشيكة الحل وستكون مركز تحقيق التعايش المشترك".
ولا تزال منبج شاهدة على إحدى أسوأ المجازر التي ارتكبتها مقاتلات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، حين قتلت غارة أكثر من 125 مدنياً في قرية توخار بريف المدينة منتصف الشهر الماضي، قبل أن تتكرر المجازر بغارة أخرى للتحالف أيضاً في قرية الغندورة شمالي منبج. وقد اعترف "التحالف" ضمناً بارتكاب مقاتلاته "أخطاء" في غارات أودت بحياة مدنيين من دون أن يعلن عن محاسبة لمرتكبي هذه الجرائم التي وقعت في أسواق شعبية بحق مدنيين.
وعقّب المتحدث باسم قوات "التحالف الدولي"، العقيد كريستوفر غارفر، على قصف قرية توخار في مؤتمر صحافي منتصف يوليو/ تموز الماضي، قائلاً إن القصف، تم بناء على معلومات حصل عليها "التحالف الدولي"، من ما يسمى "التحالف العربي السوري" (أحد التشكيلات المنضوية تحت مظلة ما يسمى "قوات سورية الديمقراطية").
تجدر الإشارة إلى أن لموقع المدينة حساسية كبرى بالنسبة لتركيا، والتي كانت قد أكدت سابقاً أنها لن تسمح لأي قوات كردية من التحرك على الضفة الغربية لنهر الفرات. وتخشى أنقرة من أن تتمكن القوات الكردية على الجانب السوري من ربط مناطق سيطرتها على طول الحدود معها، وبالتالي إقامة كيان كردي، يمتد من منطقة القامشلي شرقاً، مروراً بتل أبيض ثم عين العرب (كوباني) ووصولاً لمدينة عفرين شمال غرب سورية.
واحتدمت المعارك خلال الأيام القليلة الماضية في منبج. وتمكن "المجلس العسكري لمنبج وريفها"، المنضوي تحت لواء "قوات سورية الديمقراطية" ذي الأغلبية الكردية، منذ يومين، من السيطرة على معظم المدينة، ما عدا منطقتي السرب وطريق جرابلس، الواقعين شمالي منبج. وكان مسلحو "داعش" لا يزالون يسيطرون على هاتين المنطقتين حتى ظهر أمس الثلاثاء. لكن مصادر القوات المهاجمة تتوقع أن تتداعى دفاعات "داعش" في أي لحظة. وكانت هذه القوات قدمت مبادرة تسمح خلالها لمسلحي التنظيم بالخروج من مناطق وجودهم في منبج، شرط أن يفرجوا عن المدنيين والسجناء لديهم. وطرح هذه المبادرة "المجلس العسكري لمنبج وريفها" يوم الإثنين الماضي، بعدما تقدم مقاتلوه حتى دوار البطة وسط المدينة، ورفعوا شعارهم على لافتة كبيرة هناك، قبل أن يعلنوا في بيان أن المعركة في منبج "وصلت لأيامها الأخيرة بعد تحرير مركز المدينة ودوار الكرة الأرضية والأحياء المحيطة بها، وبذلك تكون نسبة المناطق المحررة من المدينة تتجاوز الـ90 بالمائة".
ويشير مسار العمليات العسكرية في المدينة، الواقعة إلى الغرب من مجرى نهر الفرات، وتبعد جنوباً عن الشريط الحدودي مع تركيا نحو ثلاثين كيلومتراً، إلى أن الاشتباكات التي شهدت تفجير التنظيم سيارات مفخخة، واستخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة، اقتربت فعلاً من نهايتها، لكن هذه المعارك، والتي كان رافقها قصف جوي عنيف من قبل طيران التحالف، خلال الأسابيع الماضية، قضت على أحياء بأكملها في المدينة، والتي أصبحت مدمرة جزئياً ولا تصلح معظم مناطقها للعيش.
وقال الناشط الإعلامي المتحدر من منبج، عدنان حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "الغارات والمعارك دمرت بعض الأحياء بشكل شبه كامل، كأحياء طريق حلب والحزاونة والكجليي وغيرها، وأصابت كافة المراكز الخدمية والعامة، والمدينة أصبحت بالتالي منكوبة بشكل كامل وغير صالحة للحياة"، مشيراً إلى أنه "تم تسجيل حالات تهجير للعرب في ريف منبج"، والتي كان يقطنها نحو ربع مليون نسمة "أكثر من 90 بالمائة منهم عرب، وكان يوجد حي اسمه طريق الجزيرة سكانه من الأكراد الذين تراوح نسبتهم في المدينة ما بين 5 و10 بالمائة".
وحاورت "العربي الجديد" في نفس السياق، الناشط الإعلامي، صادق الغانم، والذي يدير مع آخرين ما يعرف بـ"وكالة منبج للتوثيق". وأكد على أن "داعش لا يزال له وجود في المدينة وتحديداً في حي السرب، ويحتجز هناك مئات العائلات كدروع بشرية". ويقول الغانم إنه وثق مع نشطاء آخرين حجم "الدمار الهائل لا سيما في الأحياء الشمالية والغربية والجنوبي"، مشيراً إلى أن الدمار أتى على "منازل المدنيين والأسواق والمدارس والمساجد والأفران والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية"، قائلاً إن هناك "عائلات بأكملها لا تزال جثثها مرمية تحت الأنقاض". ويتهم الناشط من سماهم "مليشيات صالح مسلم"، وهو زعيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، والذي تتبع له "وحدات حماية الشعب" الكردية، بـ"ارتكاب انتهاكات تهجير بحق بعض السكان العرب"، قائلاً إن قرى بأكملها تم تهجير أهلها خصوصاً تلك "الواقعة غرب سد تشرين". وبحسب الغانم، تم توثيق عمليات تهجير لأهالي القرى التالية: "قرية خالد (عدد سكانها حوالي 2700 نسمة)، والسعيدين (2000 نسمة)، والقشلة (مع تجمع الحويجة حوالي 3500 نسمة)، والحج حسين (3000 نسمة)، وخربة زمالة والحمادات (3200 نسمة) والشاش (3000 نسمة)". وأكد أن كل سكان هذه القرى غادروها بعدما أجبروا على ذلك.
ولا تزال منبج شاهدة على إحدى أسوأ المجازر التي ارتكبتها مقاتلات التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، حين قتلت غارة أكثر من 125 مدنياً في قرية توخار بريف المدينة منتصف الشهر الماضي، قبل أن تتكرر المجازر بغارة أخرى للتحالف أيضاً في قرية الغندورة شمالي منبج. وقد اعترف "التحالف" ضمناً بارتكاب مقاتلاته "أخطاء" في غارات أودت بحياة مدنيين من دون أن يعلن عن محاسبة لمرتكبي هذه الجرائم التي وقعت في أسواق شعبية بحق مدنيين.
وعقّب المتحدث باسم قوات "التحالف الدولي"، العقيد كريستوفر غارفر، على قصف قرية توخار في مؤتمر صحافي منتصف يوليو/ تموز الماضي، قائلاً إن القصف، تم بناء على معلومات حصل عليها "التحالف الدولي"، من ما يسمى "التحالف العربي السوري" (أحد التشكيلات المنضوية تحت مظلة ما يسمى "قوات سورية الديمقراطية").
تجدر الإشارة إلى أن لموقع المدينة حساسية كبرى بالنسبة لتركيا، والتي كانت قد أكدت سابقاً أنها لن تسمح لأي قوات كردية من التحرك على الضفة الغربية لنهر الفرات. وتخشى أنقرة من أن تتمكن القوات الكردية على الجانب السوري من ربط مناطق سيطرتها على طول الحدود معها، وبالتالي إقامة كيان كردي، يمتد من منطقة القامشلي شرقاً، مروراً بتل أبيض ثم عين العرب (كوباني) ووصولاً لمدينة عفرين شمال غرب سورية.